اتهمت جمعيات حقوقية، الشرطة الفرنسية، بممارسة "العنف الممنهج"، ضد المهاجرين المشردين، في العاصمة باريس وضواحيها، مشيرة إلى أن هذا العنف يتم التقليل من شأنه.
وأفاد تقرير الجمعيات بأن المهاجرين المشردين، إما يطردون من خيامهم وإما يتعرضون للضرب المبرح، فبين عامي 2015 و2023 وثقت الجمعيات 450 شهادة حول عنف الشرطة ضد المهاجرين، بحسب وكالة "فرانس برس".
ونشرت الجمعيات وثيقتها، أمس الخميس، بعد 3 سنوات من الإخلاء العنيف الذي نفذته الشرطة الفرنسية، في 23 نوفمبر 2020 لمخيم عشوائي للمهاجرين، أُقيم في ساحة الجمهورية وسط باريس.
وتؤكد نتائج التقرير على وجود مشكلات خطيرة، في تعامل الشرطة الفرنسية مع المهاجرين المشردين، وهو ليس مجرد حالات معزولة بل جزءًا من نمط متكرر ومنهجي، ما يهدد بعواقب وخيمة على المهاجرين المعرضين للإصابات الجسدية والنفسية، وشعورهم بالتهميش والخوف.
حادثة إخلاء المخيم أثارت استياءً كبيرًا حتى داخل الحكومة الفرنسية، وحتى وزير الداخلية جيرالد دارمانين اعتبر حينها الصور "صادمة".
وبحسب واضعي التقرير، يستمر العنف في صمت تام ضد المهاجرين المشردين وبأشكال مختلفة، مثل المضايقات والطرد، من أماكن السكن وتدمير الممتلكات، إضافة إلى العنف اللفظي والجسدي.
وأكد التقرير، على "البعد المنهجي" لهذه الأفعال في باريس وضواحيها، حيث تضاعفت مخيمات المهاجرين الموقتة في السنوات الأخيرة.
قانون الهجرة
وفي نوفمبر الجاري، شرع مجلس الشيوخ الفرنسي، في مناقشة مشروع قانون للهجرة، بعد تأجيلات متعددة ووسط خلافات حادة بين المعارضة والأغلبية الحاكمة بشأن بعض بنوده، فيما يلقي التشريع الجديد دعمًا كبيرًا من شرائح واسعة من المجتمع، وفي ظل سعي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تمرير المشروع الذي وعد به الناخبين خلال حملته الانتخابية.
ويعد مشروع قانون الهجرة الذي تأجلت مناقشته بسبب السخط الاجتماعي على خلفية خطة إصلاح التقاعد، الثاني من نوعه خلال فترة حكم ماكرون، ويأتي في ظل تخوفات من المهاجرين، وردّت عليهم الحكومة بأنه يهدف لحماية حقوق العمال والمهاجرين.
وترى المعارضة في فرنسا، والتي يتقدمها الجمهوريون وحزب التجمع الوطني، أن القانون لا يستجيب لتطلعات الفرنسيين الذين ضاقوا ذرعًا من تبعات تدفقات المهاجرين.
وبحسب المعطيات التي نشرها "الشيوخ الفرنسي"، يهدف مشروع القانون لتعزيز مكافحة الهجرة غير النظامية وتقديم تصاريح إقامة للعمال غير النظاميين، وتسريع معالجة طلبات اللجوء وتبسيط النزاعات الإدارية المتعلقة بحقوق الأجانب.
تسهيل إبعاد المهاجرين
ويتضمن مشروع القانون، تسهيل إبعاد المهاجرين غير النظاميين لبلدانهم الأصلية، خاصة أولئك الذين ارتكبوا جنحًا، وذلك بتقليص سبل استئناف الحكم أمام المحاكم، ففي السابق كان المهاجر يملك الحق في أن ينقض قرار الترحيل 10 مرات أمام المحاكم، ويقلصها مشروع القانون الجديد إلى 4 مرات فقط.
ويتطرق القانون للخدمة الطبية المقدمة للمهاجرين كذلك، ففي حين يستفيد المهاجرون غير النظاميين حاليًا من خدمة المساعدة الطبية بنسبة 100% من مصاريف العلاج، قد يتحول الأمر إلى مساعدة الحالات العاجلة فقط.
ورغم الإجراءات القاسية في حق المهاجرين، يرى اليمين المتطرف أنه غير كافٍ، ويخدم مصالح جزء منهم، إذ ترفض أحزاب اليمين (الجمهوريون) واليمين المتطرف (الجبهة الوطنية) وجزء من اليسار خطة الحكومة الفرنسية لمواجهة تدفق المهاجرين.
ويرفض اليمينيون المادة الثالثة من مشروع القانون على وجه التحديد، والتي تنص على منح إقامة لمدة سنة قابلة للتجديد للمهاجرين غير الشرعيين العاملين في قطاعات تعاني من نقص العمالة.
ويسمح التعديل القانوني الجديد لطالبي اللجوء بالعمل مباشرة بعد تقديم طلبهم، شرط أن يكونوا حاملين لجنسيات محددة مذكورة على قائمة يتم تحديثها سنويًا (لكن لم يتم الكشف عن القائمة المعتمدة لهذا العام)، وفي الوقت الحالي، لا يسمح لطالبي اللجوء بالدخول إلى سوق العمل خلال الأشهر الستة الأولى من تاريخ تقديم طلباتهم، أو إلى أن يتم البت في طلباتهم أو طعونهم، وهذا البند تحديدًا يواجه معارضة من القوى السياسية اليمينية.
ويسعى القانون لطرد الأجانب المصنفين "خطرا ًعلى النظام العام"، ويعيد طرح قانون "رفض أو سحب أو عدم تجديد تصاريح الإقامة" لمن يثبت عدم امتثالهم "لقيم الجمهورية، بما يشمل المساواة بين الجنسين وحرية التوجه الجنسي".