الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد اقتحام مستشفى الشفاء.. ما قوانين الحرب التي تنتهكها إسرائيل في غزة؟

  • مشاركة :
post-title
دمار ناتج عن العدوان الإسرائيلي على غزة

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

منذ الأربعاء الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة، بعد مزاعم بأنه مقر لقيادة المقاومة، وبعد تصريحات للرئيس الأمريكي اتهم فيها حركة حماس بارتكاب "جريمة حرب"، من خلال إدارة مركز قيادة أسفل المجمع، دون إثبات حتى الآن على تلك الادعاءات.

ورغم اقتحام ومحاصرة المجمع الطبي منذ أيام، في المقابل يعد ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب في المجمع أمرًا واضحًا، ولعل آخرها، إجلاء المرضى والأطباء قسريًا والتسبب في وفاة العشرات بسبب قطع الخدمة الطبية عنهم، بينهم 54 شخصًا كانوا في غرفة العناية المركزة.

وسبق وأن طالبت الفصائل الفلسطينية، بلجنة دولية للاطلاع على المستشفى وتفتيشه للتأكد من أنه يقدم خدمة طبية فقط، لكن كل تلك الدعوات لم يتم الاستماع لها، متجاهلين حياة المرضى، فما القوانين المؤطرة لجرائم الحرب في ظل هذه الأحداث؟

قواعد النزاع المسلح

تنطبق قواعد النزاع المسلح على كل المشاركين في الحرب، وتعد القواعد المتفق عليها دوليًا نتاجًا لاتفاقية جنيف لعام 1949، والتي صادقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وأتمتها أحكام أصدرتها المحاكم الدولية المعنية بجرائم الحرب.

وتحكم المعاهدات كل معاملة المدنيين والجنود والأسرى، في نظام يعرف باسم "قانون النزاعات المسلحة"، أو القانون الدولي الإنساني، وينطبق على القوات الحكومية أو الجماعات المسلحة.

ومنذ اقتحام قوات الاحتلال لمستشفى الشفاء، تصاعدت الأصوات التي تطالب باحترام القانون الدولي، إذ إن مهاجمة المستشفيات والوحدات الطبية محظور بموجب اتفاقية جنيف الأولى، وتمتد تلك الحماية لتشمل الجرحى والمرضى والعاملين في تلك المؤسسات وسيارات الإسعاف، ولا تنتهي تلك الحماية إلا إذا تم استخدام تلك المنشآت من قبل أحد أطراف الصراع في ارتكاب عمل يضر بالعدو، وهو ما تزعمه إسرائيل.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، تم التحقق من وقوع 152 هجومًا على البنية التحتية الصحية في غزة، حتى 15 نوفمبر.

وفي هذا السياق، تقول المحامية الكندية كارولين إدجيرتون، إنه حتى إذا تم تحديد أن المؤسسة الطبية أصبحت هدفًا عسكريًا، يجب النظر ما إذا كانت الأضرار الجانبية المتوقعة ستكون مفرطة مقارنة بالمكسب العسكري.

اتفاقيات جنيف

تسعى اتفاقيات جنيف إلى حماية المدنيين في زمن الحرب، وبموجب قوانين النزاعات المسلحة، يشمل المقاتلون أفراد القوات المسلحة التابعة للدول، كذا القوات العسكرية المتطوعة والجماعات المسلحة غير التابعة للدول، ويعد استهداف المدنيين أو الأهداف المدنية بشكل مباشر وفق القانون الدولي "سلوكًا محظورًا تمامًا".

ويعد الهجوم على الأفراد والمساعدات الإنسانية، جريمة حرب منفصلة إذا كان من يقدمونها من المدنيين.

أيضًا يمكن اعتبار الحصار، جريمة حرب إذا استهدف المدنيين وليس وسيلة مشروعة لتقويض القدرة العسكرية، وسبق أن طالب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، من الجيش الإسرائيلي، إظهار أن "أي هجوم يؤثر على المدنيين الأبرياء أو الأهداف المحمية" مثل المستشفيات أو الكنائس أو المدارس أو المساجد يتوافق مع قوانين النزاع المسلح.

استهداف الممتلكات الإنسانية

ويمنح القانون الدولي إمكانية استهداف الممتلكات المدنية، حال استخدامها للمساهمة في العمل العسكري بشكل فعال، وتتهم إسرائيل مقاتلي الفصائل الفلسطينية باستخدام الأحياء المدنية كغطاء والمباني لإخفاء مراكز القيادة والأسلحة.

وبحسب القوانين الدولية، حتى إذا هاجم مقاتل أهدافًا عسكرية مشروعة، يتعين أن يكون أي هجوم متناسبًا، أي يتعين ألا يؤدي إلى خسائر فادحة في أرواح المدنيين أو إلحاق أضرار بالممتلكات المدنية، وهو بعيد كل البعد عن الممارسات الإسرائيلية في غزة التي فتكت بكل المنشآت المدنية في القطاع.

تظهر اتفاقيات جنيف والقوانين المنظمة للحرب، أن التناسب ليس لعبة أرقام تقارن فيها عدد الضحايا المدنيين لطرف بالآخر، وإنما يجب أن تكون هذه الخسائر متناسبة مع المكسب العسكري المباشر والملموس المرجو من ذلك الهدف بعينه.

ومن بين الانتهاكات الجسيمة التي ينص عليها القانون الدولي الإنساني، جعل السكان المدنيين أو الأفراد المدنيين الذين لا يشاركون بشكل مباشر في العمليات العدائية محلًا للهجمات، أو شنّ هجوم مع العلم أنه سيؤدّي إلى خسائر عرضية في أرواح المدنيين أو إصابات بينهم، أو إلى أضرار في الأعيان المدنية، ويكون مفرطًا، وبشكل واضح، في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنه من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.

وتشمل الانتهاكات الجسيمة أيضًا، اتخاذ المواقع المجردة من وسائل الدفاع والمناطق المنزوعة السلاح هدفًا للهجوم، وإخضاع الأشخاص الموجودين تحت سلطة طرف معادٍ للتشويه البدني، أو لأي نوع من التجارب الطبية أو العلمية التي لا يبررها العلاج الطبي، أو علاج الأسنان، أو العلاج في المستشفى للشخص المعني، والذي لا يجّري لصالحه، ويتسبب في وفاة ذلك الشخص، أو أولئك الأشخاص، أو في تعريض صحتهم للحظر.

وبين الانتهاكات الجسيمة، كذلك، نقل دولة الاحتلال لجزء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، أو الترحيل أو النقل الكلي أو الجزئي لسكان الأراضي المحتلة داخل هذه الأراضي أو خارجها، وجعل الأبنية المخصصة لأغراض دينية أو تربوية أو فنية أو علمية أو خيرية، أو الآثار التاريخية، محلًا للهجمات، ما لم تكن أهدافًا عسكرية.

وتشمل الخروقات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، في حالة نزاع مسلح دولي، القتل العمد، والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب البيولوجية، والتسبب عمدًا بمعاناة شديدة أو إصابة خطرة للجسد أو الصحة.

كذا تشمل: "التدمير الواسع أو الاستيلاء على الممتلكات، الذي لا تبرّره ضرورات عسكرية، والذي جرى القيام به بشكل مفرط وغير شرعي؛ إكراه أسير حرب أو أيّ شخص محمي آخر على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية؛ تعمّد حرمان أسير حرب أو أيّ شخص محمي آخر من الحق في محاكمة عادلة وقانونية،

والنقل أو الترحيل غير الشرعي، والاحتجاز غير الشرعي، واتخاذ الرهائن، وتدمير ممتلكات لا تقتضيها ضرورة عسكرية.

وبين أبرز تلك الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، جعل أفراد الخدمات الطبية أو الدينية، أو الوحدات الطبية، أو وسائط النقل الطبية محلًا للهجوم، وتدمير ممتلكات لا تقتضيه ضرورة عسكرية، بحسب القانون الدولي الإنساني.