الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رياض السنباطي.. نغمة مصرية خالدة مع كل الأجيال

  • مشاركة :
post-title
رياض السنباطي

القاهرة الإخبارية - محمد عبد المنعم

شاب صغير من قرية فارسكور التابعة لمحافظة دمياط في مصر، ينتمي لأسرة بسيطة يعمل فيها الأب كمقرئ في الموالد والأفراح والأعياد، بينما يجلس في أوقات فراغه ليعزف على آلة العود، دون أن يعرف أن ابنه الصغير صاحب التسعة أعوام، يراقبه ويشعر باستمتاع حينما يشاهد أصابع والده وهو يحركها على أوتار العود، ويخرج النغم فيضيء داخله نقطة نور، ليصبح هذا النغم هو عالمه المكتوب عليه، وعندما يخرج والده من الغرفة، يدخل هو متسللًا ويمسك بالعود ويقلد ما كان يراه.

ومع الأيام تتبدل الصورة، فيقف والده ليراقبه منبهرًا بالألحان التي يخرجها هذا الشبل الصغير، فيقرر أن يصطحبه معه في الأفراح والموالد، وهو لا يعلم أن ما يفعله سيصنع من ابنه ملحنًا عظيمًا وكبيرًا، يملئ الأرض بنغمه ويتردد اسمه في كل عصر، إنه العملاق رياض السنباطي.

رحلة رياض السنباطي المولود في مثل هذا اليوم 30 نوفمبر عام 1906، كبيرة جدًا، ولا يمكن حصرها في بضع سطور، بل تحتاج إلى كتب لنحكي التاريخ الذي صنعه، ونحلل الأعمال العظيمة التي قدمها لكبار المطربين على مستوى الوطن العربي، لكن سنحاول أن نقترب من حياته قليلًا ونستمع إلى حديثه عن نفسه وأعماله وبداياته في عالم التلحين.

الإذاعة والتليفزيون

كان رياض السنباطي محبًا للتلحين بشكل جنوني، حتى إنه كان يكره أن يذهب إلى المدرسة من أجل أن يجلس مع العود ويلحن، ويحكي عن تلك الفترة في لقاء إذاعي: "لمح والدي عشقي للتلحين والموسيقى، فبدأ يدربني على حفظ الموشحات القديمة، ودخلت مجال الغناء أيضا وقدمت عددًا من الأغاني بجانب التلحين، حتى شاءت الظروف أن أحضر إلى القاهرة، وأحاول أن أجد طريقًا لي في التلحين، ووقتها قدمت أغنية "امتى نعود لك يا نبي"، وبعدها فتحت لي أبواب التلحين للإذاعة والتليفزيون، وبدأت رحلتي الطويلة.

عشق التلحين

رغم أن الغناء هو السبب وراء دخول "رياض" إلى عالم التلحين، الذي قدّم فيه أكثر من ألف أغنية لكبار النجوم في الوطن العربي، لكنه رفض أن يستمر في هذا العالم، حيث يقول: "قدمت الكثير من الأغاني للإذاعة وإذا طلبوا مني أي شيء، وأنا قادر على تقديمه لن أتأخر عنهم، لكنني أحب التلحين وبالي مشغول دائمًا به، فهو الغيّة الأساسيّة بالنسبة لي، وعشقي الأبدي".

أطلال أم كلثوم

لحَّن "السنباطي" لكبار النجوم في الوطن العربي، من بينهم "وردة، فايزة أحمد، ميادة الحناوي، سعاد محمد، ونجاة"، لكن تظل السيدة أم كلثوم هي المحطة الأهم في حياة رياض السنباطي، فقدم معها ما يقرب من مائة أغنية، ويقول عنها: "لا يوجد صوت يعادلها فهي قيمة لن تتكرر"، ومن بين الأغاني التي قدمها معها "الأطلال، أراك عصي الدمع، لسه فاكر، ورباعيات الخيام".

وبمناسبة رباعيات الخيام سألت مذيعة "السنباطي" عن الرباعيات، وكيف استطاع أن يكون قريبًا من روح عمر الخيام، فرد عليها قائلًا: "درست عمر الخيام كشخصية من سرد الشاعر أحمد رامي لحياة الخيام، لأنه كتب نبذة عن حياته وميوله، واستطاع أن يوصل المعاني بعمق لم يصل إليه شاعر من قبل، فهو شعر أقرب للفلسفة، وحاولت أن أوصف ما قرأته بلحن أقرب لروح هذا الرجل".

على الرغم من تلحين رياض السنباطي لكبار النجوم، إلا أنه لم يكن يبخل على أي شاب يحلم أن يُلحن له، حيث يقول: "أنا ألحن لكل الناس ولكل صوت، يعطيني اللون الذي أريده، لا يهمني اسمه أو شهرته، ولا أنظر إلى المنظور الجماهيري، فأنا من أفرض لحني على الجمهور واللحن القوي يعيش ولا يُقدر بثمن".

ذوق الجمهور

يتحدث "السنباطي" عن النجاح الساحق لـ"الأطلال"، قائلًا: "لا يمكن أن نتوقع ذوق الجمهور، فحينما قدمت "أغنية أغار من نسمة الجنوب" لم يتجاوب معها الجمهور، على الرغم أن اللحن قوي والكلمات لا تُقدر بثمن وأغنية لها قيمة فنية كبيرة ولكنها لم تنتشر، وحينما قدمنا الأطلال كنا متخوفين من تقبل الجمهور لها، لكنها تكللت بالنجاح وانتشرت بشكل فاجئنا.

نجله

ورث أحمد السنباطي ميراث والده، الذي رحل في 10 سبتمبر 1981، ويحكي الراحل عن نجله، قائلًا: "لمست فيه موهبة الغناء وميله الشديد لهذا العالم، لذلك تركته يقدم ما يحب دون أن أتدخل في مشواره، وعمل في فرقة أم كلثوم، وأسس فرقة موسيقية خاصة به، جاب بها العالم وأصبح من المميزين في عالمه".