مع انطلاق الجولة الثالثة و الأخيرة من دور المجموعات ببطولة كاس العالم قطر 2022، يترقب الجميع مباراة مهمة جدًا لها صدى داخل وخارج الملعب، وهي مباراة التي تجمع الغريمين المنتخب الأمريكي ونظيره الإيراني للمرة الثانية في تاريخ كرة القدم، حيث كانت الأولى في مونديال فرنسا 1998.
هل تشبه الليلة البارحة؟.. سؤال يفرض نفسه بعد أكثر من 24 عامًا، وبالتحديد في 21 يونيو على استاد "دي جيرلاند" بمدينة ليون الفرنسية، خلال مباراة ضمن منافسات دور المجموعات بمونديال فرنسا، جمعت بين أمريكا وإيران، اللتين قطعتا العلاقات الدبلوماسية الرسمية في أبريل 1980.
ما جرى في مونديال 1998
كان الخوف يدق قلوب الجميع داخل وخارج الاستاد.. الدفع بسيارات إسعاف وتكثيف الوجود الشرطي، وجود رجال أمن مسلحين في سابقة هي الأولى والأخيرة ببطولات كأس العالم من قِبل الدولة المنظمة "فرنسا".. الجميع يترقب ويسأل: هل تطول الأزمة السياسية بين الدولتين ملعب المباراة؟.. هل وجود اللاعبين من أجل مباراة كرة قدم فقط أم هناك أسباب أخرى لها عواقب تطول الجميع؟
قبل المباراة بأيام انقلب الشارع الإيراني رأسًا على عقب قبل انطلاق المباراة الأشهر في تلك الفترة بين الخصمين على الساحة السياسية، فطالب الإيرانيون لاعبي منتخبهم بالثأر من الأمريكان من خلال وسائل الإعلام وقتها، الأمر الذي أشعل الموقف كثيرًا .
لم تتوقف المشاحنات التي سبقت المباراة عند هذا الحد، بل بث التلفزيون الفرنسي فيلمًا أمريكيًا بعنوان "ليس بدون ابنتي" الذي يحكي عن الحياة القاسية في إيران.
في ذلك الوقت، أعلنت السفارة الإيرانية في باريس أن "إيران تدرس إخراج منتخبها الوطني من المونديال احتجاجًا على بث الفيلم المعادي لها"، ولكن تم تدارك الأمر، وعلى الجانب الآخر داخل غرفة خلع ملابس المنتخب الأمريكي حاول المدير الفني الشاب ستيف سامبسون صاحب الـ41 عامًا فصل لاعبيه عن الأحداث التي سبقت المباراة، مطالبا الجميع بالتركيز في كل ما له علاقة بالكرة فقط بعيدًا عن السياسة.
عداوة تفضحها المصافحة
بدأ المنتخبان النزول لأرض الملعب وسط ترقب من الجميع، ووفقًا لقانون اللعبة لا بد وأن يتصافح الفريقان، لكن منتخب إيران (الفريق ب) في اللقاء رفض مصافحة لاعبي منتخب أمريكا (الفريق أ)، إلا أن المنتخب الأمريكي حاول امتصاص حرارة الأزمة وتوجه للمنتخب الإيراني بباقات ورد، وأصروا على أخذ الصورة التذكارية سويا قبل اللقاء.
وظهر الحماس والغضب على وجوه لاعبي إيران، وظهر الخوف أيضًا على وجوه لاعبي أمريكا، وتم ترجمة هذه المشاهد لفوز إيراني بهدفين مقابل هدف.
لم يكن الفوز باللقاء، والإطاحة بالمنتخب الأمريكي خارج مونديال فرنسا طبيعيًا بالنسبة للجماهير الإيرانية، فجن جنون الجميع هناك، ونزلت الجماهير الشوارع ضاربة بالعادات والتقاليد الإيرانية عرض الحائط، خاصة النساء من أجل الاحتفال بمنتخب بلادها.
وقبل لقاء اليوم تضاربت الأقاويل حول رفض لاعبي منتخب إيران مصافحة لاعبي المنتخب الأمريكي، بعد أزمة تغيير اتحاد الكرة الأمريكي لعلم إيران.
أزمة قبل المباراة بسبب العلم
بعث الاتحاد الإيراني لكرة القدم برسالة إلكترونية إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يطالب فيها باتخاذ "إجراءات جادة" ضد الاتحاد الأمريكي لكرة القدم، بعد أن غيّر الأخير العلم الرسمي الإيراني لمدة 24 ساعة، لإظهار "الدعم لنساء إيران اللواتي يناضلن من أجل حقوق الإنسان الأساسية"، على حد قوله في بيان.
إلى ذلك قالت وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية شبه الحكومية، عبر حسابها على "تويتر" إنه "من خلال نشر صورة مشوهة لعلم جمهورية إيران الإسلامية على حسابها الرسمي، فقد انتهك الاتحاد الأمريكي لكرة القدم، ميثاق الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، ونعتبر أن عقوبة التعليق لـ 10 مباريات هي العقوبة المناسبة"، وأضافت: "يجب طرد المنتخب الأمريكي من نهائيات كأس العالم 2022 بقطر".
ويبقى السؤال الأهم: هل طوت جماهير المنتخبين واللاعبين صفحة الصراعات السياسية من أجل الرياضة أم ستعود مشاهد مونديال فرنسا مرة أخرى في قطر؟