تمارس الولايات المتحدة نوعًا من الضغط على كيان الاحتلال الإسرائيلي بشأن تأجيل التوغل البري في قطاع غزة، من أجل إفساح المجال أمام جهود المفاوضات الخاصة بإطلاق سراح المحتجزين بقبضة المقاومة الفلسطينية، منذ الهجوم المباغت من غزة في 7 أكتوبر.
وذكر تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم الثلاثاء، نقلًا عن عدد من المسؤولين الأمريكيين لم تسمهم، أن "البيت الأبيض يريد من إسرائيل تأجيل عمليتها البرية في قطاع غزة لإتاحة المزيد من الوقت للمفاوضات لإطلاق سراح الرهائن الذين يحتجزهم المقاومون الفلسطينيون، وكذا لدخول المساعدات إلى القطاع الفلسطيني".
وقالت إسرائيل إنها حشدت آلاف الجنود قرب الحدود تمهيدًا لغزو بري قريب، واستدعت على أثر ذلك 300 ألف جندي احتياطي، وبدأت أخيرًا إرسال قوات مشاة مدعومة بالدبابات للتوغل في غزة لجمع معلومات، وهو ما أطلق شرارة اشتباكات قبل يومين مع مقاتلي المقاومة في خان يونس، الذين أجبروا جنود الاحتلال على العودة سيرًا على الأقدام بعد أن خرّبوا معداتهم وآلياتهم.
ضغط على إسرائيل
وفي أعقاب إطلاق المقاومة لسراح محتجزتين أخيرتين، بجهود مصرية، أمس الاثنين، تجددت نصائح الولايات المتحدة ودول أوروبية لإسرائيل بالامتناع عن شن هجوم بري على غزة لإفساح المجال أمام جهود إطلاق سراح المحتجزين، بحسب مصادر مطلعة.
وفي أحدث إحصاء لجيش الاحتلال الإسرائيلي، أكد أن نحو 222 محتجزًا إسرائيليًا بينهم مزدوجي الجنسية يقعون في قبضة المقاومة منذ هجوم الفصائل الفلسطينية "طوفان الأقصى" قبل أكثر من أسبوعين، في مكان وظروف غير معلومة.
وقال مسؤول دبلوماسي لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، في وقت سابق، إن "الولايات المتحدة والدول الأوروبية تضغط على إسرائيل لتأجيل عمليتها البرية على أمل التفاوض على إطلاق سراح المزيد من المحتجزين".
وكشف مسؤولان أمريكيان لصحيفة "نيويورك تايمز" أن أمريكا أكدت طلبها لإسرائيل بشأن تأجيل اجتياح غزة مرارًا خلال محادثات هاتفية تجري بشكل شبه يومي بين وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، ووزير الدفاع يوآف جالانت، بالإضافة إلى مكالمة هاتفية جرت بين الرئيس الأمريكي جو بايدن مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأحد الماضي. بحسب الصحيفة.
وقال مسؤول دفاعي أمريكي إن أوستن شدد خلال العديد من المكالمات الهاتفية مع نظيره جالانت على ضرورة الاستعداد للتأثيرات غير المباشرة للهجوم البري التي تتضمن مخاطر اتساع نطاق الصراع في المنطقة إضافة إلى مصير المحتجزين والأزمة الإنسانية.
وأكد مصدران مطلعان إن البيت الأبيض والبنتاجون وزارة الخارجية الأمريكيين يكثفون حاليًا مناشداتهم للإسرائيليين بتوخي الحذر.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّها سهّلت، مساء أمس الإثنين، نقل هاتين المحتجزتين، بعد الإفراج عنها، عبر معبر رفح إلى مصر ومنها نقلتا على متن مروحية عسكرية إلى إسرائيل، كما كانت سهّلت الجمعة الماضية الإفراج عن محتجزتين أمريكيّتين أخريين.
اعتبارات استراتيجية
وأمام تأجيل عدة مرات لدخول بري قريب في قطاع غزة، أكد مسؤول دفاعي رفيع، اليوم الثلاثاء، أنه لا مجال للشك في جاهزية الجيش الإسرائيلي لشن الهجوم البري، بحد قوله.
وقال رئيس الأركان الإسرائيلي، في تصريحات صحفية، اليوم الثلاثاء، إن اعتبارات تكتيكية واستراتيجية تأخذ وقتًا لتحسين جاهزية عملية اجتياح غزة، مضيفًا سنتخذ مع المستوى السياسي قرارًا حول موعد التحرك البري.
وقال أربعة مسؤولين في الدفاع الإسرائيلي لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، اليوم، إنه تم تأجيل الدخول البري عدة مرات، لكنهم لا يعرفون سبب ذلك. وأشار اثنان منهم إلى أن التأجيل كان بسبب المفاوضات على إطلاق سراح المحتجزين، بحسب الصحيفة.
وبدأ التصعيد في غزة، مع هجوم مباغت شنته المقاومة الفلسطينية أطلقت عليه عملية "طوفان الأقصى"، يوم 7 أكتوبر، شمل هجمات متزامنة عبر البر والبحر والجو، استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية في القدس وتل أبيب وأشدود، قابلها جيش الاحتلال بتصعيد غير مسبوق تجاه سكان قطاع غزة، تواصلت خلاله أعمال القصف واستخدام أسلحة محرمة دوليًا، والدفع بالفلسطينيين من شمال القطاع إلى الجنوب في محاولات وصفتها الأمم المتحدة بالتهجير القسري.