بينما جابت مظاهرة، قوامها من الآلاف، شوارع باريس، دعمًا للقضية الفلسطينية، اليوم الأحد، تزامنًا مع تأخير زيارة الرئيس الفرنسي لإسرائيل، أقدم بنيامين نتنياهو على مهاتفته، وما لبث حتى أعلن قصر الإليزيه عن زيارة الرئيس الفرنسي بعد يومين (الثلاثاء المقبل) إلى تل أبيب.
بدا الأمر وكأن ماكرون تم الدفع به لزيارة تل أبيب، بعد أن أعلن قصر الإليزيه، أن الرئيس الفرنسي سيزور إسرائيل، الثلاثاء المقبل، بعدما أعلن ماكرون تأجيل زيارته التي كانت مقررة أمس السبت، دون إعلان موعد آخر، مضيفًا، حينها، أنه في انتظار "رحلة مفيدة" تؤدي إلى تقدم على الصعيدين السياسي والإنساني.
رحلة مفيدة
كان الرئيس الفرنسي أكد عزمه زيارة إسرائيل، لكنه أشار إلى أنه يأمل أن تكون هذه الرحلة مفيدة وتؤدي إلى تقدم إنساني وسياسي، بحسب ما نقلت صحيفة "لوبس" الفرنسية.
بينما كانت هناك شائعات عن رحلة وشيكة أمس السبت، أكد ماكرون أنه سيفكر في السفر، لكنه رهن ذلك بمناقشات يعتزم مواصلتها خلال الأيام المقبلة، وأضاف "أريد ببساطة أن أكون قادرًا على محاولة الحصول على أشياء مفيدة"، من خلال الذهاب إلى هناك، بحسب الصحيفة الفرنسية.
ومع ذلك، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في وقت لاحق، أن ماكرون سيصل تل أبيب الثلاثاء المقبل، في زيارة يجريها تتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، وذكر البيان، الذي ورد مساء اليوم الأحد، "عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سلسلة من المحادثات مع القادة الغربيين اليوم، وتحدث رئيس الوزراء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، وسيصل ماكرون وروته إلى إسرائيل يومي الاثنين والثلاثاء وسيلتقيان بنتنياهو".
من جانبه، أكد قصر الإليزيه، قبل قليل، في نبأ مقتضب، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور إسرائيل الثلاثاء المقبل.
معايير ماكرون
وبعد أن وقع ماكرون في "فخ"- بحسب ما وصفته الصحيفة الفرنسية- الإعلان عن الدعم الثابت لإسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس، عدّل تصريحاته تدريجيًا لدعوة إسرائيل إلى "تجنيب" المدنيين في غزة، إضافة إلى التلميح للبحث عن حل سلمي، دون دعوة صريحة لوقف القتال.
وحاليًا يقف ماكرون على مسافة واحدة من معايير عالية جدًا من ناحية أمن إسرائيل، ومكافحة المقاومة الفلسطينية، ومن ناحية أخرى عدم تصعيد الصراع واستئناف "العملية السياسية" لإنشاء دولة فلسطينية.
في الناحية الأخرى، وصفت "لوبس" الفرنسية اندفاع دول غربية أخرى لدعم إسرائيل والتوجه الفوري إلى تل أبيب بأنه أصابهم بالـ"الكدمات"، وترجع ذلك إلى غياب أي حديث عن سقوط مئات الأبرياء والمدنيين، والأوضاع الإنسانية الصعبة داخل قطاع غزة. وذكرت منهم: "اختار الرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وكذلك رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
ماذا يخشى ماكرون؟
على ما يبدو يخشى ماكرون من اشتعال الداخل الفرنسي، بناء على أي من الخطوات التي يعتزم أن يتخذها في أحد الجانبين سواء دعم القضية الفلسطينية أو دعم أمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها.
قال ميشيل دوكلو، الدبلوماسي الفرنسي السابق والمستشار الخاص في معهد مونتين، للصحيفة الفرنسية، إن "الوضع معقد للغاية. لدينا أول مجتمع مسلم في أوروبا وثالث مجتمع يهودي في العالم"، وهو سياق قابل للاشتعال بشكل كبير.
أضاف: "لكن إذا كان بإمكان سوناك وشولتس القيام بذلك، فلا أرى سببًا لعدم تمكننا من القيام بذلك" في إشارة إلى مجتمعات مسلمة ويهودية تعيش في كل من بريطانيا وألمانيا.
ومن البداية، نددت باريس إلى جانب 4 دول غربية "على نحو لا لبس فيه" بحركات المقاومة الفلسطينية ووصفت هجوم "طوفان الأقصى بـ "أعمال الإرهاب"، واختزلت القضية الفلسطينية في عبارة "طموحات الشعب الفلسطيني المشروعة".
وخرج بيان مشترك من قصر الإليزيه، قبل نحو أسبوع، أكدت فيه دول إيطاليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، دعمها جهود إسرائيل للدفاع عن نفسها.
زيارات غير رسمية
ويتزامن ذلك مع زيارة تجريها رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية يائيل براون بيفيت في إسرائيل، تستمر حتى مساء اليوم الأحد، إلى جانب وفد يشمل عددًا من الساسة ومسؤولين بجمعيات الصداقة الفرنسية الإسرائيلية، سبقها زيارة وزيرة الخارجية كاثرين كولونا، المممثلة الوحيدة من الحكومة الفرنسية التي توجهت إلى تل أبيب منذ الهجوم المباغت من المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر.
وقالت يائيل براون بيفيت في تل أبيب: "لا ينبغي أن يمنع أي شيء إسرائيل من الدفاع عن نفسها". في منشور عبر حسابها على موقع (إكس) –تويتر سابقا، اليوم الأحد.
بالمقابل، انتقدت "براون" زعيم حزب "لا فرانس إنسوميز" جان لوك ميلينشون، وكتب بدوره على "إكس" "رحلة رئيسة الجمعية الوطنية إلى إسرائيل، متهمًا إياها بـ"التخييم في تل أبيب للتشجيع على المذبحة (في غزة)".
أول مظاهرة باريسية تدعم فلسطين
ومنذ هجمات السابع من أكتوبر المباغتة للمقاومة الفلسطينية على إسرائيل، خرجت، المظاهرة الباريسية الأولى لدعم القضية الفلسطينية، اليوم الأحد، بمشاركة عدة آلاف من المتظاهرين في ساحة الجمهورية، للمطالبة بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
ولوّح المتظاهرون الملبّون لدعوات جماعية ضمت على وجه الخصوص المنظمات اليسارية، بحسب لموند" الفرنسية، بلافتات حملت عبارات "قاتل إسرائيل، ماكرون متواطئ"، "لا سلام دون إنهاء الاستعمار"، "باريس معكم".
وقالت الشرطة الفرنسية إن التظاهرات التي شارك بها نحو 15 ألفًا في ساحة الجمهورية- بحسب رصد الشرطة- تم السماح لها على عكس احتجاجات أخرى لأن "إعلان المنظمين ندد بالهجوم على إسرائيل الذي أودى بحياة 1400 شخص".
مع العلم بأن التصعيد الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، على مدار ستة عشر يومًا، أسفر حتى كتابة هذه السطور، عن استشهاد أكثر من 4 آلاف شخص، وما يزيد على 13 ألف من الجرحى.
وسمحت السلطات الفرنسية بالاحتجاج، في اللحظات الأخيرة، بعد أن أبطلت محكمة في باريس قرار الشرطة، في وقت سابق، بحظر التظاهرات المؤيدة لفلسطين، واعتقال المشاركين فيها.