الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

غزة ولينينجراد.. حصاران مدمّران نهايتهما "الانفجار"

  • مشاركة :
post-title
قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تشهد الأحداث الجارية في قطاع غزة تصاعدًا في العنف والتوتر، إذ يتعرض القطاع للقصف المكثف والحصار المستمر من قِبل الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 18 عامًا، بعد مغادرة الاحتلال للقطاع في 2005. وفي هذا السياق، أثارت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي قارن فيها الحصار الإسرائيلي لغزة بحصار "لينينجراد" خلال الحرب العالمية الثانية، جدلاً واسعًا وأثارت العديد من التساؤلات حول المقارنة بين الحصارين وتأثيرهما على السكان المحاصرين.

حصار لينينجراد

بدأ حصار لينينجراد في سبتمبر 1941 عندما أغلقت القوات الألمانية محيط المدينة وبدأت بقصفها مدفعيًا عنيفًا، تسبب هذا الحصار في موت ما يقارب 800 ألف مدني جوعًا وبسبب الأمراض والقصف، إذ كانت الظروف مروعة داخل المدينة بعد انخفاض درجة الحرارة في الشتاء لتصل إلى ما دون 20 درجة مئوية، ما زاد من معاناة السكان. وبالرغم من ذلك نظم سكان المدينة حفل سيمفوني في أغسطس 1942 لتحدي الألمان.

كما نجح الجيش الأحمر السوفيتي في إيصال بعض الإمدادات عبر بحيرة لادوجا المجاورة للمدينة خلال فصل الصيف عبر القوارب، وعبر خط سكة الحديد على الجليد في فصل الشتاء. ما ساعد على الاستمرار في الإنتاج الصناعي لتزويد الجيش بالمعدات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك تم إجلاء 500 ألف مدني من المدينة عبر "طريق الحياة" على البحيرة للحد من عدد الضحايا بسبب المجاعة.

صمود لينينجراد وانتصارها

على الرغم من الظروف القاسية التي مرت بها المدينة إلا أن سكانها بقيادة الجيش الأحمر تصدوا ببسالة لهذا الحصار الشرس، وتم تعبئة السكان وتدريبهم على بناء التحصينات والخنادق الأرضية، كما قامت النساء بدور فاعل بعد ما شكلن 80% من العاملين في المصانع العسكرية لإنتاج الذخيرة والمعدات اللازمة للجيش.

وفي 27 يناير 1944 وبعد 900 يوم من الحصار الشامل أطلق الجيش الأحمر هجومًا ضخمًا بقوات بلغت 1.5 مليون جندي مدعومين بـ1600 دبابة استطاعوا اختراق الخطوط الألمانية وفك الحصار تمامًا عن المدينة، وسمع أهل لينينجراد 24 طلقة مدفعية احتفالًا بانتصارهم.

المقارنة بين الحصارين

في الوقت الذي استمر فيه حصار لينينجراد لمدة 900 يوم، فإن حصار قطاع غزة مستمر منذ أكثر من 18 عامًا، وأدى ذلك إلى آثار كارثية على قطاع غزة وسكانها، إذ تعاني من نقص حاد في الأدوية والوقود والكهرباء والغذاء، كما يعاني القطاع من معدلات بطالة مرتفعة جدًا وفقر مدقع.

كما أن إسرائيل لجأت إلى تدمير البنية التحتية مرارًا من خلال حملاتها العسكرية على غزة، ما أدى إلى تدهور الوضع الصحي والتعليمي في القطاع.

آثار حصار غزة المتواصل

استمرار حصار جيش الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة لفترة طويلة قدرها 18 عامًا أدى إلى آثار اقتصادية واجتماعية وإنسانية كارثية على سكانه.

من الناحية الاقتصادية عانى القطاع من ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت لـ50% بسبب تدمير البنية التحتية وقطع العمل، كما أن معدلات الفقر مرتفعة للغاية، حيث يعيش نحو 71% من سكان غزة تحت خط الفقر، وفقًا لإحصاءات الأونروا.

أما من الناحية الاجتماعية، فإن حصار غزة أدى إلى تفكك الأنسجة الأسرية وزاد من مشكلات الاكتئاب والعنف داخل المجتمع، لذا فإن غالبية السكان يعانون اضطرابات نفسية بسبب ظروف الحياة غير المستقرة، لا سيما الأطفال والشباب، وبمعدلات تنذر بالخطر، وفقًا للأونروا.

أما الآثار الإنسانية فهي الأشد خطورة، خاصة مع معاناة سكان غزة من نقص حاد في الأدوية والغذاء والوقود ما يهدد حياة مئات الآلاف، إذ يعاني 64% من انعدام الأمن الغذائي، كما تعرضت البنية الصحية في القطاع للتدمير مرات عديدة ما زاد من معاناة المرضى.

يضاف إلى ذلك أن حصار غزة يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر عقوبة السكان المدنيين جماعيًا.