يبدأ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الاثنين، أول اجتماعات سنوية لهما في القارة الإفريقية منذ خمسين عامًا، فيما يتعرضان لضغوط لاعتماد إصلاحات تتيح توفير مساعدة أفضل للدول الفقيرة المثقلة بالديون والرازحة تحت تداعيات التغير المناخي، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية " أ ف ب".
وتعقد الاجتماعات التي تستمر أسبوعًا كاملًا ويشارك فيها وزراء مال وحكام بنوك مركزية ورؤساء شركات وشخصيات أخرى، في مدينة مراكش المغربية بعد شهر من زلزال عنيف قضى فيه نحو ثلاثة آلاف شخص في المنطقة.
وتعود الاجتماعات السنوية الأخيرة للمؤسستين الماليتين العالميتين في إفريقيا إلى العام 1973 عندما استضافت كينيا هذا الحدث، فيما كانت لا تزال بعض دول القارة تحت سلطة الاستعمار.
بعد نصف قرن، لا تزال القارة الإفريقية تواجه سلسلة من التحديات تراوح بين النزاعات والفقر والكوارث الطبيعية.
بعدما عبثت جائحة كوفيد-19 بالاقتصاد العالمي، تسببت الأزمة الروسية الأوكرانية بارتفاع هائل في أسعار الطاقة والمواد الغذائية في العالم.
ونبه البنك الدولي الأسبوع الماضي إلى أن الآفاق المستقبلية لدول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى "تبقى قاتمة" وسط تفاقم انعدام الاستقرار في القارة.
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، لوكالة فرانس برس الخميس "نتوقع آفاقًا أفضل لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في 2024" مشيدة ببعض الدول "لتعاملها الحذر مع التضخم".
لكنها أضافت "الوضع صعب" مشيرة إلى أن أسعار المواد الغذائية تبقى مرتفعة ما يجعل 144 مليون شخص يعانون لتأمين المأكل لهم أو لعائلاتهم.
وأكدت "جورجييفا" أنها ستحض الدول الغنية والقطاع الخاص على "بذل المزيد لمساعدة الدول النامية".
وقد تُشكل هذه الاجتماعات فرصة لإصلاح نظام الحصص المعمول به.
وتحدد الحصص التي تستند إلى أداء كل دولة الاقتصادي، قيمة الأموال التي ينبغي أن تؤمنها لصندوق النقد الدولي وثقلها في عملية التصويت وسقف القروض التي يمكنها الحصول عليها.
وناشدت "جورجييفا" الدول الأعضاء "تعزيز" مستويات التمويل عبر رفع الحصة التي ينبغي عليها دفعها.
إلا أن الولايات المتحدة أكدت أنها ستدعم رفعًا لكل الحصص في خطوة ستبقي على ثقل تصويت كل دولة على حاله.
وقالت جورجييفا أيضًا إن المجلس التنفيذي للصندوق سيتوسع لإضافة مقعد ثالث لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ما يمنح القارة "صوتًا أقوى".
إلا أن المنظمات غير الحكومية ترى أن الحلول التي يطرحها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمدفوعة بهاجس التقشف، توسع في الواقع الهوة بين الأغنياء والفقراء.
ويرى ناشطون أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يجب أن يركزا عوضًا عن ذلك على إلغاء ديون أفقر دول العالم وفرض ضرائب على الأغنياء.
ويعتزم ناشطون تنظيم مسيرة في مراكش لمطالبة صندوق النقد والبنك الدولي ومقرهما في واشنطن، بخطوات جريئة لمواجهة أزمتي المناخ والديون.
وقالت منظمة أوكسفام إن 57% من أفقر دول العالم مُضطرة إلى خفض الإنفاق العام، بما مجموعه 229 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأكد المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام اميتاب بهار "يعود البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى إفريقيا للمرة الأولى منذ عقود مع الرسالة الفاشلة نفسها".
وقال "صندوق النقد الدولي يدفع أفقر الدول إلى حمية تجويع تقوم على اقتطاع في النفقات ما يزيد من انعدام المساواة والمعاناة".