أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، أن الشعب المصري لا يقبل بالهزيمة، مشددًا في الوقت ذاته على أن الجيش المصري استطاع أن يكسر حاجز الخوف وغياب الثقة وفارق القوة الضخمة خلال حرب أكتوبر 1973.
وقال الرئيس السيسي في تعقيبه خلال حلقة نقاشية ضمن الندوة التثقيفية للقوات المسلحة المصرية بمناسبة الذكرى الخمسين لنصر أكتوبر، إن من عايش فترة حرب الاستنزاف خلال الفترة من 1967إلى 1973 يدرك أن" مصر لم تنتصر فقط بل قفزت للتفوق في الحرب"، مؤكدًا أن أي قوة لم تكن قادرة على تحقيق النصر سوى الجيش المصري، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية.
أحد عناصر القوة الشاملة لمصر خلال تلك الفترة هو شخص الرئيس
وأضاف السيسي "أن الهزيمة تقع عندما يتم القبول بها، لكن الشعب المصري لم يقبل بالهزيمة عندما رفض تنحي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في التاسع من يونيو عام 1967”، لافتًا إلى أن أحد عناصر القوة الشاملة لمصر خلال تلك الفترة هو شخص الرئيس ولذلك واجهت مصر تحديًا آخر بوفاة الرئيس عبد الناصر عام 1970 والذي شكّل ضربة أثرت على الشعب المصري.
واستشهد الرئيس السيسي بمقولة وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشي ديان بأن "مصر تحتاج إلى نحو 50 عامًا لإعادة بناء ما تم تدميره في حرب 5 يونيو 1967"، وقال "نحتاج إلى أن نسمع ونقرأ جيدا لنعرف حجم التضحيات التي تمت خلال حرب أكتوبر 1973"، مستشهدًا بمقالة كتبها الكاتب المصري الراحل محمد حسنين هيكل منذ أكثر من 51 عامًا عن محاولات الجيش المصري للعبور، مشيرًا إلى "أننا لو قرأنا هذه المقالة لعرفنا حجم القفزة التي حققها الشعب والجيش المصري".
وأكد أن كل موارد مصر تم تخصيصها لصالح المجهود الحربي خلال حرب أكتوبر 1973، مشيرًا إلى أن الشعب لم يقبل بهزيمة 1967.
المصريون خاضوا حالة التحدي القومي في 9 يونيو
وقال الرئيس المصري "إن الهزيمة في عام 1967 تقع عندما نقبلها وأن حالة الهزيمة كانت فقط في الميدان العسكري"، لافتا إلى أن حالة التحدي القومي كانت يوم 9 يونيو في ذلك العام عندما خرج المصريون رفضًا لتنحي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وقالو "لا" للتنحي، معتبرًا أن هذا الأمر كان مهما بالنسبة لتأثيراته الضخمة جدا على مصر وعلى الجيش وحتى على الأمة العربية.
وتابع: "بالرغم من ذلك فإن المصريين خرجوا "، داعيًا إلى تجنب تشويه تلك الفكرة بترديد أن ذلك الأمر كان مرتبا، لأن المصريين خرجوا للإعراب عن رفضهم للهزيمة رغم ما تعرض له الجيش المصري ووجود الإسرائيليين على أرض سيناء".
وقال الرئيس السيسي " إن القضية لم تبدأ في حرب السادس من أكتوبر 1973 بل بدأت في أعقاب حرب يونيو 1967 وسط حالة الألم والهزيمة حيث خرج المصريون وقالوا "لا" وتحملوا منذ 1967 وحتى 1973 ظروفًا هائلة وضخمة على المستويات كافة "، مشيرًا إلى أنه رغم توفر الدعم العربي، كانت كل موارد مصر قد تم تخصيصها لصالح المجهود الحربي، وشهدت تلك الفترة وقوف الشعب المصري في طوابير للحصول على احتياجاته الأساسية.
ووجه الرئيس السيسي، الشكر إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط واللواء محمود طلحة المدير الأسبق لكلية القادة والأركان المصرية والذي نقدره ونبجله ونحترمه لعلمه ونحن من الجيل الذي تعلم منه.
وأكد السيسي، ضرورة الوعي لمعرفة ما مرت به مصر من تحديات جسام خلال الفترة التي أعقب حرب يونيو 1967؛ فالذي عاصر تلك الفترة ليس كمن يسمع ولم يعايشها فلابد إدراك القضية بعمقها وحجم الجهد والإصرار الذي بذله المصريون رفضا للهزيمة، مشيرا إلى أن موقف المصريين أدهش الإسرائيليين أنفسهم لأنهم كانوا يتوقعون أن يترتب على الهزيمة خروج رئيس مصر في ذلك الوقت من المشهد.
وقال الرئيس السيسي "في تقديري إن أحد عناصر قوة الدولة الشاملة في مصر في ذلك الوقت هو شخص الرئيس، وبالتالي كان تحديا آخر في سنة 1970 عندما توفى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، حيث كانت ضربة كبيرة وقاسية جدًا على وجدان الشعب المصري".
وأضاف أن مصر في ذلك الوقت كانت تتأثر بالبيئة الدولية الموجودة حيث كان هناك صراع بين قوتين عظمتين هما: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، والجيل الذي لم يعش هذه الحكاية لا يستطيع أن يدرك تأثيرها على مجريات الأحداث حيث كانت مصائر الدول تتقرر بناء على المباحثات بين تلك القوتين العظمتين، إلا أن ذلك الوضع قد تغير خلال عامي 1990 و1991 حيث حدثت تطورات كثيرة كانت لها تأثير كبير جدا على استعادة وبناء قدراتنا التي تمكنا من استكمال المهمة واستعادة أرضنا.
وقال إن الحالة التي عاشتها مصر خلال الفترة من 1967 وحتى 1973 تؤكد أن "مصر لم تنتصر فقط بل قفزت"، موضحًا أنه لم يكن خلال تلك الفترة هناك طرفان متساويان في القدرة والقوة ومن ضمنها القوة المعنوية، فالمنتصر قوته المعنوية تختلف عن المهزوم، لافتا إلى أنه حدث تدمير كامل للقدرات العسكرية للجيوش العربية وخاصة الجيش المصري عام 1967.
وأكد أنه رغم هذه الظروف والإحباط وغياب قائد مصر الذي تولى المسئولية على مدى 16 عامًا وكان يعتبر رقمًا كبيرًا في معادلة القوة المصرية والعربية، استطاع الجيش المصري كسر حاجز الخوف وفارق القوة خلال نصر أكتوبر 1973.
الجيش المصري تمكن من خلال الفكر والتخطيط والتدريب والعزيمة والروح المعنوية من تحقيق النصر
ونوه الرئيس السيسي بأن الجيش المصري تمكن من خلال الفكر والتخطيط والتدريب والعزيمة والروح المعنوية من تحقيق النصر.
وتابع الرئيس السيسي:" إننا كدولة علينا دور نفعله بكل موضوعية لأننا دائما في تعاملنا ننتهج الحق والصدق اللذين لا يمكن لأحد أن يتغلب عليهما"، مضيفا "عندما تريدون معرفة حكاية نصر أكتوبر المجيد، لا يمكن أن يتم من خلال الاعتماد على مجرد الاستماع أو ترديد مقولة من هنا أو هناك، بل من خلال القراءة والإدراك جيدا لأنها بلدنا".
وقال الرئيس السيسي، إنه كان يبلغ من العمر 13عامًا في عام 1967 ويتذكّر كل شيء حدث في معارك شدوان ورأس العش، والمدمرة إيلات وحريق الزيتية، وعملية "بالوظة ورمانة"، لافتًا إلى أنه وثق أي بيان صدر في هذا الوقت من خلال الصحف والكتب والتي تناولت كافة هذه الوقائع.
وأضاف الرئيس أن هناك مقالة وحيدة صدرت ضمن خطط الخداع الاستراتيجي للكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، تحدث خلالها عن محاولات الجيش المصري للعبور والنتائج التي من الممكن أن تحدث فيها، مؤكدًا أنه قرأ كل المقالات التي صدرت في هذا الوقت عن الحرب والصراع الموجود وحرب الاستنزاف.
وأشار إلى أن هذه المقالة صدرت في فترة ما بعد عام 1971، مضيفا: “لا أبالغ، ليس لأنني مصري وضابط جيش، لم تكن أي قوة قادرة في ذلك الوقت على تحقيق ما تم سوى الجيش المصري".