انتقدت منظمة السلام الأخضر، عدم كفاية أعمال مراقبة السلامة في محطة زابوريجيا للطاقة النووية بأوكرانيا، الأمر الذي يهدد بحدوث كارثة على غرار ما حدث سابقًا في تشيرنوبيل وفوكوشيما.
وجاء في ملف بالغ الأهمية جمعته منظمة السلام الأخضر، وتعتزم إرساله إلى الحكومات الغربية، اليوم الخميس، أن الهيئات التنظيمية الدولية غير قادرة على مراقبة السلامة بشكل صحيح، في محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، التي تسيطر عليها روسيا.
قيود مفروضة
وحسب ما ذكرت صحيفة" الجارديان" البريطانية، خلصت المنظمة البيئية العالمية، إلى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لديها عدد قليل للغاية من المفتشين في أكبر محطة نووية في أوروبا -أربعة- وأن هناك الكثير من القيود المفروضة على وصولهم.
وتقول المنظمة في ملفها، إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية "غير قادرة على الوفاء بمتطلبات ولايتها"، لكنها ليست مستعدة للاعتراف بهذا علنًا، ونتيجة لذلك لا يتم التنديد بما تصفه بالانتهاكات الروسية لمبادئ السلامة.
ويخلص شون بورني وجان فاندي بوت، المتخصصان في المجال النووي في منظمة السلام الأخضر، إلى أن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية تخاطر بتطبيع ما تظل أزمة نووية خطيرة، غير مسبوقة في تاريخ الطاقة النووية، في حين تبالغ في تأثيرها الفعلي على الأحداث على الأرض".
وتقع محطة زابوريجيا على حافة مدينة إنرهودار بجنوب شرق أوكرانيا، وتضم المحطة 6 من المفاعلات الموجودة في أوكرانيا.
وبدأت مفاعلات المحطة العمل بين الفترة بين عامي 1984 و 1995، ويمكنهما مجتمعة بكامل طاقتها إنتاج 5700 ميجاواط من الكهرباء.
مصدر ضخم للطاقة النووية
وتعد المحطة مصدرًا ضخمًا للطاقة النووية الأوكرانية، وقبل الحرب كانت تنتج خُمس الكهرباء في أوكرانيا وما يقرب من نصف طاقتها النووية، وفقًا لتقرير "واشنطن بوست".
وسيطرت روسيا على المحطة، أوائل مارس 2022، وهي على خط المواجهة في الحرب منذ ذلك الحين.
وتقع المحطة على نهر دنيبرو في وسط أوكرانيا، وتحتل القوات الأوكرانية ضفة النهر المقابلة، ما يترك المحطة في مرمى البصر من جيشي الجانبين.
وتمركزت القوات الروسية داخل المحطة، ومن المحتمل أن يصل عددها 500-600 جندي، بناءً على تقارير من بداية الحرب.
وكشفت صور من عام 2022 عن وجود بعض المركبات المدرعة. وتعرضت في بعض الأحيان للهجوم، بما في ذلك، أغسطس 2022، عندما أحدث القصف ثقوبًا في سطح وحدة تخزين.
وحسب الجارديان، رفضت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التعليق مباشرة على تقرير منظمة السلام الأخضر، لكنها سلطت الضوء على وجود مفتشين لديها في الموقع منذ سبتمبر 2022، وأنه دون وجودهم "لن يكون لدى العالم مصدر مستقل للمعلومات حول أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا".
جميع المفاعلات مغلقة
وتشير الصحيفة إلى أن جميع مفاعلات زابوريجيا الستة مغلقة، كما أن المخاوف بشأن ما إذا كان هناك ما يكفي من المياه المتاحة للتبريد بعد اختراق السد في نوفا كاخوفكا، يونيو، تلاشت بعد حفر آبار جديدة، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
لكن المخاوف لا تزال قائمة بشأن احتمال اندلاع قتال جديد في المحطة، إذ تسعى أوكرانيا إلى استعادة الأراضي في هجومها المضاد.
ويدعم استنتاجات منظمة السلام الأخضر، تقييم عسكري مفتوح المصدر، كتبته شركة ماكنزي للاستخبارات، الذي يرجح أن تكون معظم القوات والدفاعات الروسية الموجودة في الموقع مخفية، وأفاد المفتشون بوجود أدلة على أن بعض مناطق المحطة قد تم تلغيمها، على الرغم من أنه من غير الواضح مدى كثافتها.
لكن بالاعتماد على صور الأقمار الصناعية، وفق الجارديان، قال المحللون إن هناك أدلة على أن الروس قد بنوا نقاط إطلاق نار على سطح أربع من قاعات المفاعل.
وتظهر علامات المسار، التي تم الكشف عنها أيضًا من أعلى، أن روسيا تطلق بشكل روتيني قاذفات صواريخ جراد أو سميرش على أهداف أوكرانية من مواقع مختلفة على بعد كيلومتر واحد إلى 18 كيلومترًا من المحطة.
وأشار تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، سبتمبر، إلى أنه على الرغم من تمكن المفتشين من إجراء عمليات تحقق مستقلة في الموقع النووي، إلا أن بعض مناطق المحطة، مثل أسطح مباني المفاعلات أو قاعات التوربينات، لم يتمكن المفتشون من الوصول إليها لفترات طويلة"، وأضاف التقرير أن المديرين الروس طلبوا من المفتشين تقديم إشعار قبل أسبوع واحد بجميع طلبات الوصول.
عرقلة روسية
وقالت منظمة السلام الأخضر، إن مثل هذه التصريحات أظهرت أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تتمكن من القيام بأعمال السلامة في زابوريجيا بسبب "العرقلة الروسية" - واتهمت هيئة التفتيش النووي العالمية، التي تضم 177 دولة، بما في ذلك روسيا وأوكرانيا، "بالتمادى في التزامها بالحياد".
وتم تسليم نسخ من ملف منظمة السلام الأخضر، مساء أمس الأربعاء، قبل نشره، إلى عدد من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومن بينهم ممثلون عن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا.
ويتسبب وقوع حادث نووي بزابوريجيا في نشر مواد مشعة بمعظم أنحاء أوكرانيا وربما إلى دول أخرى، وفقًا لمحاكاة أجرتها "خدمة الطقس الوطنية الأوكرانية"، ونشرها موقع "بريفادا"، أغسطس 2022.
وفي مارس 2022، حذر محللون من منظمة السلام الأخضر الدولية "سيناريو قد يكون أسوأ من كارثة فوكوشيما"، التي وقعت في اليابان عام 2011، ما قد يترك مئات الأميال من الأراضي حول زابوريجيا غير صالحة للسكن، وفقًا لـ"موقع المؤسسة".
وسبق أن رفضت روسيا دعوات من الأمم المتحدة لإنشاء منطقة منزوعة السلاح حول زابوريجيا، قائلة إنه سيجعل المحطة "أكثر عرضة للخطر"، وأضاف سيرجي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، في تصريحات، أغسطس 2022، أن وجود القوات الروسية بالقرب من المحطة "يضمن عدم تكرار كارثة تشيرنوبيل".