أصبحت مدينة تشنجتشو، الواقعة في وسط الصين، صورة مصغرة للتحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد ككل، وبحسب مجلة إيكونومست البريطانية، كانت هذه المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 13 مليون نسمة، مركزًا لموظفي شركة "فوكسكون" الذين يقومون بتجميع أجهزة "آيفون" في مصنع محلي ضخم، ولطالما تم قياس جودة الاقتصاد المحلي من خلال النشاط في المطاعم ومقاهي الإنترنت، حيث يرتاح العمال بعد نوبات عملهم، ومع ذلك، فإن مشاكل تشنجتشو تصاعدت على مر السنين، ما يقدم نظرة ثاقبة للقضايا الاقتصادية الأوسع في الصين.
مشاكل المدينة
وأشارت المجلة إلى أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجه مدينة تشنجتشو هو انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للفرد بشكل كبير، مقارنة بمتوسط الدخل الوطني، حيث يقل عن المتوسط بنسبة 27%، وهذا يدل على مشاكل المدينة، بما في ذلك نقص فرص العمل، وانخفاض أسعار العقارات، وعدم الاستقرار المصرفي، وتعكس هذه القضايا المشاكل التي تواجهها الصين بشكل عام، والتي ظهرت في مدينة تشنجتشو في وقت مبكر مقارنة بالعديد من الأجزاء الأخرى من البلاد.
وتُشير البيانات الاقتصادية الأخيرة الصادرة عن الصين إلى وجود بعض الاستقرار، مع معدلات نمو إيجابية في الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة، ومع ذلك، لا يزال القطاع العقاري مصدر قلق، في ظل التحديات المستمرة الناجمة عن الأزمة العقارية منذ عام 2021، بينما يكافح مطورو العقارات لاستكمال مشاريع البناء، ما يترك المشترين في أزمة، كما اكتسبت حملات مقاطعة الرهن العقاري زخمًا، مع تأثر العديد من مشتري المنازل المحليين.
مشكلة البطالة
وتابعت المجلة أن صناع السياسات المحليون في مقاطعة هينان، حيث عاصمتها تشنجتشو، قد قاموا بتطبيق تدابير مختلفة لمعالجة البطالة، وتشمل هذه الجهود حملة مدتها 100 يوم تهدف إلى ربط الشباب العاطلين عن العمل بفرص العمل، لكن النتائج تظل غير مؤكدة؛ نظرًا لحجم المشكلة.
سوق العقارات
جربت تشنجتشو إصلاحات سوق العقارات، مثل رفع القيود المفروضة على شراء منازل ثانية وخفض معدلات الرهن العقاري، واستأنفت بعض مشاريع التطوير العقاري المتوقفة عن العمل؛ مما أعطى الأمل في انتعاش القطاع العقاري، لكن أسعار العقارات في المدينة لا تزال في انخفاض.
نظام "الهوكو"
وكان أحد الإصلاحات الملحوظة في تشنجتشو هو تخفيف نظام "الهوكو"، وهو نظام تسجيل الأسر، لجذب أصحاب المواهب والمهارات وتشجيع الهجرة إلى المدينة، وفي حين أن هذه الخطوة يمكن أن تعالج بعض التحديات التي تواجهها مدينة تشنجتشو، فقد أجرت مقاطعات أخرى تغييرات مماثلة، مما أدى إلى زيادة المنافسة على المهاجرين.
آفاق الانتعاش الاقتصادي في الصين
وبحسب "إيكونومست"، بدأت الحكومة المركزية الصينية في الاعتراف بالركود الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وقامت بتخفيف السياسة النقدية، ومع ذلك، فإن معالجة الأزمات المحلية ستكون حاسمة لتحقيق النمو على المدى الطويل، ومن المتوقع أن يلعب القادة المحليون دورًا مهمًا في حل هذه القضايا، ما يثير تساؤلات حول الآفاق الأوسع للانتعاش الاقتصادي في الصين.