الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

90 مليون وحدة شاغرة.. الركود العقاري يهدد اقتصاد الصين بفعل التخطيط السيئ

  • مشاركة :
post-title
أرشيفية

القاهرة الإخبارية - مازن إسلام

يعتبر سوق العقارات في الصين أحد أهم محركات النمو الاقتصادي في البلاد والعالم، إلا أن هذه السوق تواجه أزمة خطيرة تهدد بانهيار قيمة المنازل والشركات العقارية والنظام المالي، هذا إلى جانب الأزمة الديموجرافية التي تشهدها منطقة شرق آسيا وبوجه الخصوص الصين، بعد ما ظلت الصين لفترات طويلة هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، بأكثر من 1.4 مليار نسمة، لكنها تراجعت إلى المرتبة الثانية مع بداية هذا العام، لتحل الهند مكانها بعدد سكان قدر بـ1.408 مليار نسمة، حسبما ذكرت الأمم المتحدة.

تخطيط سيئ

يعاني الاقتصاد الصيني من فائض كبير في الإسكان، حيث توجد ملايين المنازل الفارغة في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لمسؤول حكومي سابق. وقال نينغ جيزه، نائب رئيس لجنة التخطيط الوطنية، إن هناك أكثر من 90 مليون وحدة سكنية غير مأهولة في الصين، بزيادة 10.2 مليون عن عام 2017، وأضاف أن هذا يعني أن حتى لو اشترى كل فرد في الصين منزلاً، لا يزال هناك فائض كبير. حسبما ذكرت وكالة "رويترز" للأنباء.

وأشار "نينج" إلى أن هذه المشكلة ترجع إلى عدة عوامل، من بينها التخطيط السيئ والتحفيزات المالية والتكهنات بالسوق، وقال إن بعض المدن تبنت سياسات تشجع على بناء المزيد من المساكن، حتى لو لم تكن هناك حاجة إليها، لزيادة الإيرادات وخلق فرص عمل، مضيفًا أن بعض المستثمرين يشترون المساكن كأصول ثابتة، دون الاهتمام بإشغالها أو استئجارها.

ارتفاع مفرط

شهدت سوق العقارات في الصين انتعاشًا هائلًا خلال العقود الماضية، إذ ارتفعت أسعار المنازل بشكل كبير بفضل الطلب المرتفع من قِبل المستهلكين والمستثمرين، ووفقًا لبيانات من البنك الدولي، بلغ متوسط سعر المتر المربع للمسكن في الصين نحو 10 آلاف دولار أمريكي في عام 2021، مقارنة بنحو 1500 دولار في عام 2000. وأصبحت المنازل غير متاحة للكثير من المواطنين، خاصة الشباب والفئات ذات الدخل المحدود. حسبما ذكرت وكالة "بلومبرج".

فجوة طبقية

وحذّر المسؤول الصيني من أن هذا الفائض في الإسكان يشكل خطرًا على استقرار الاقتصاد والمجتمع، وقال إنه يؤدي إلى هدر الموارد وزيادة التلوث وانخفاض جودة البناء، كما أنه يخلق فجوة كبيرة بين الأثرياء والفقراء، إذ يجد العديد من الأشخاص صعوبة في تحمل تكاليف شراء أو استئجار منزل.

تباطؤ النمو الاقتصادي

تشكل سوق العقارات في الصين نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي، لتأثيرها على قطاعات متعددة مثل البناء والصناعة والخدمات، وفي حالة حدوث انهيار في هذه السوق، فإن ذلك سينعكس سلبًا على الإنتاج والاستهلاك والاستثمار والتوظيف، وقد خفّضت بعض المؤسسات المالية توقعاتها للنمو الاقتصادي للصين في عام 2022 بسبب أزمة العقارات، وقد يؤدي التباطؤ الاقتصادي إلى زيادة المخاطر الاجتماعية والسياسية في البلاد.

اضطرابات الأسواق المالية

ونظرًا لما لسوق العقارات في الصين من تأثير عالمي، كأحد أهم مصادر الديون في الأسواق المحلية والخارجية، ففي حالة حدوث تخلفات أو إفلاسات لشركات التطوير العقاري، فإن ذلك سيؤدي إلى خسائر للبنوك والمؤسسات المالية وصناديق التحوط والمستثمرين، كما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة وانخفاض أسعار الأصول وتزايد التقلبات في الأسواق، وقد يحدث تأثير سلبي على ثقة المستهلكين والشركات، وسيتسبب ذلك في انتشار التدفقات المالية المضطربة إلى باقي دول العالم.

تأثير على التجارة العالمية

ولأن الصين تعتبر أكبر مستورد للسلع الأولية مثل المعادن والطاقة، التي تستخدم في قطاع البناء، وفي حالة انخفاض الطلب على هذه السلع بسبب أزمة العقارات، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض أسعارها وإيرادات بلدان المصدر، كما ستتأثر صادرات بلدان أخرى من المنتجات التصنيعية والخدمية إلى الصين، التي تشكل أحد أهم شركائها التجاريين، وبالتالي، ستضرر نشاط التجارة العالمية والتكامل الاقتصادي.

وذكرت شبكة "أخبار آسيا"، أن نائب رئيس لجنة التخطيط الوطنية تقدم بحل لهذه المشكلة، مقترحًا اتخاذ إجراءات لتحسين التخطيط الحضري وتطبيق قوانين أكثر صرامة لمكافحة التكهنات بالسوق، كما دعا لتشجيع التطور المستدام والابتكار في قطاع الإسكان.

أزمة ديموجرافية

تشهد منطقة شرق آسيا أزمة ديموجرافية كبيرة نتيجة لانخفاض معدلات الإنجاب وزيادة متوسط العمر وارتفاع نسبة كبار السن، وتواجه الصين، باعتبارها ثاني أكبر دولة في العالم من حيث التعداد السكاني - بعد تخطي الهند لها أخيرًا-، بعد عقود من تطبيق سياسة الطفل الواحد، التي أثرت على ملايين الأسر والأفراد، انخفاضًا حادًا في معدلات الخصوبة وزيادة في نسبة كبار السن. لذلك تحاول الصين تشجيع الشباب على الزواج في سن مبكر عن طريق منحهم مكافآت مالية، وإعانات أمومة لتحفيزهم على الإنجاب.

وأظهرت بيانات رسمية أن عدد سكان الصين انخفض للمرة الأولى منذ 60 عامًا في عام 2022، بعد ما بلغ 1.4118 مليار نسمة، في انخفاض قدره 850 ألف نسمة عن عام 2021.

وفي عام 2022، انخفضت تسجيلات حفلات الزفاف في الصين إلى 6.83 مليون، وهو ما يمثل الانخفاض السنوي التاسع على التوالي، وأدنى مستوى منذ أواخر السبعينيات، نتيجة لعزوف الشباب عن الزواج.