يجتمع زعماء العالم في الأمم المتحدة الأسبوع المقبل، في ظل التوترات الجيوسياسية، التي تغذيها الحرب في أوكرانيا، حيث تتنافس روسيا والصين مع الولايات المتحدة وأوروبا لكسب تأييد الدول النامية، فيما ستكثف الأخيرة الضغط من أجل تعزيز المساعدات الدولية، وإنقاذ السكان الأكثر فقرًا في العالم، بحسب وكالة "أسوشيتد برس" للأنباء.
الحرب في أوكرانيا محور اهتمام
ومع اقترابها من دخول عامها الثاني، من المتوقع أن تحتل الحرب الروسية في أوكرانيا محور الاجتماع السنوي في نيويورك، حيث سيحضر فلاديمير زيلينسكي، الرئيس الأوكراني، شخصيًا لأول مرة منذ بدء الصراع، بحسب شبكة "بي بي سي" الأمريكية.
وينعقد الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في منعطف تاريخي وصفه محللون ودبلوماسيون، بأنه الأكثر خطورة منذ الحرب الباردة، وفقًا لوكالة "أسوشيتد برس" للأنباء.
وأشار المحللون إلى أن الحرب الروسية كانت السبب في تفاقم العلاقات الصعبة بالفعل بين القوى الكبرى، فضلًا عن التأثير المستمر لجائحة "كوفيد-19"، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتفاقم حالة الطوارئ المناخية، وتصاعد الصراعات، وفشل العالم في معالجة الفقر والجوع.
تحفيز واسع النطاق
وبالنسبة للدول النامية، يمثل اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يستمر يومين ويبدأ يوم الاثنين المقبل أولوية قصوى، إذ يهدف إلى تحفيز زعماء العالم على تحقيق 17 هدفًا عالميًا واسع النطاق بحلول عام 2030.
وبالإضافة إلى القضاء على الفقر المدقع والجوع، تشمل الأهداف ضمان التعليم الجيد لجميع الأطفال، وتحقيق المساواة بين الجنسين، واتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ، لكن المعطيات الحالية لا تشير إلى تحقيق هدف واحد، بحسب "برس".
ومن المقرر أيضًا عقد اجتماعات رفيعة المستوى حول قضايا تشمل الوقاية من الأوبئة والرعاية الصحية الشاملة.
غياب صيني وروسي وبريطاني وفرنسي
مع بدء الاجتماع السنوي رفيع المستوى للجمعية العامة التي تضم 193 عضوًا يوم الثلاثاء، من المقرر أن يتحدث قادة وزعماء العالم من 145 دولة، وهو رقم مرتفع للغاية يعكس تعدد الأزمات العالمية وغياب التحرك.
ولأول مرة منذ سنوات، سيكون جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، هو الزعيم الوحيد من الدول الخمس القوية التي تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي سيحضر شخصيًا.
وسيتغيب شي جين بينج، الرئيس الصيني، وفلاديمير بوتين، نظيره الروسي عن الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، كما ينضم إلى لائحة الغياب هذا العام إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، وكذلك رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، ليبقى الرئيس الأميركي جو بايدن وحيدًا من ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.
تذمر دبلوماسي
ويثير تغيب اللاعبين الدوليين الأساسيين تذمرًا دبلوماسيًا لدى الدول النامية، نظرًا لعدم وجود من يستمع لمطالبهم التي يتكلف تنفيذها مليارات الدولارات، بحسب الوكالة.
وحضر جين بينج، الرئيس الصيني، قمة جوهانسبرج التي عقدت الشهر الماضي لمجموعة "بريكس" التي تضم الاقتصادات النامية وأيضًا البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، فيما تغيب عن اجتماع الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، اختار الرئيس الفرنسي استضافة العاهل البريطاني تشارلز في باريس الأسبوع المقبل، وسيكون ريشي سوناك أول رئيس وزراء بريطاني يتغيب عن الجمعية العامة منذ عقد من الزمن، رسميًا؛ بسبب جدول أعماله المزدحم.
إحياء مبادرة البحر الأسود
بدوره، صرح أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي بأنه لا يعتقد أن وجود زعيم الدولة حدث أكثر أو أقل أهمية، مشيرًا إلى أن الأهم هو استعداد الحكومة لتقديم التزامات بشأن أهداف الأمم المتحدة والعديد من القضايا الأخرى خلال الأسبوع.
أما بالنسبة لـ"جوتيريش"، تمثل الجمعية العامة للأمم المتحدة فرصة لمحاولة إحياء مبادرة "حبوب البحر الأسود" التي ساعدت تركيا والأمم المتحدة في دفعها وجهات في الشرق الأوسط وإفريقيا، لكن روسيا انسحبت منها أخيرًا لحين التزام الولايات المتحدة بالشروط.
ورغم تشدد روسيا في العودة إلى اتفاق البحر الأسود لحين الإفراج عن صادراتها الغذائية والأسمدة الروسية، ربما تؤتي محاولات "جوتيريش" ثمارها، بحسب تقارير غربية.