دخل اتحاد عمال السيارات الأمريكي في إضراب نقابي رسمي في ثلاثة مصانع تابعة لشركات السيارات الأمريكية الكبرى، "جنرال موتورز وفورد وستيلانتيس"، في ولايات ميشيجان وميسوري وأوهايو، بعد فشل مفاوضات تجديد العقد الجماعي بين إدارات الشركات والنقابة، إذ يطالب عمال السيارات بزيادة أجورهم بنسبة 40% على مدار 4 أعوام، إضافة إلى تحسين بنود العقد الأخرى، مما قد يؤثر سلبًا على صناعة السيارات الأمريكية وعملية انتقالها نحو السيارات الكهربائية، الأمر الذي قد يُعقد من مهمة الرئيس بايدن في تحقيق ثورته الخضراء.
يأتي الإضراب في الوقت الذي تسعى فيه إدارة بايدن لتحقيق أهدافها المناخية من خلال دعم صناعة السيارات الكهربائية بالتشريعات والحوافز اللازمة، ضمن ما يسمى بـ"صفقة خضراء" جديدة. ومع ذلك، كانت ردود فعل عمال السيارات نقدية لبعض جوانب هذه القوانين، خاصة ما يتعلق بحماية حقوق العمال.
ووفقًا لما أشارت إليه صحيفة "نيوزويك" الأمريكية، فقد أوضح الخبراء أن الإضراب سيؤثر تأثيرًا مباشرًا على إنتاج السيارات عمومًا والسيارات الكهربائية على وجه الخصوص، إذ صرح كارل براور، المحلل التنفيذي في "أي سي كارز"، بأن الإضراب سيوقف إنتاج جميع السيارات المحلية في الولايات المتحدة.
كما أشار إلى أن الإضراب قد يستغرق بضعة أيام فحسب، لكنه سيؤدي إلى تراكم السيارات الكهربائية في معارض البيع، مما يتيح الفرصة لتصفية المخزونات. غير أن الموقف سيتغير للأسوأ بشكل كبير إذا استمر الإضراب لفترة أطول، حيث ستنعكس آثاره السلبية على إيرادات الشركات وأرباحها، الأمر الذي قد يؤثر على استثماراتها في تطوير تكنولوجيات السيارات الكهربائية وخطوط إنتاجها.
ويقدر الخبراء أن عدد العمال الذين تأثروا بالإضراب بلغ نحو 13.500 عامل في المصانع الثلاثة، حيث توقف عملهم بشكل مباشر، كما قد يتسع نطاق التأثير غير المباشر ليشمل عمال شركات التوريد والمقاولات المرتبطة بالمصانع.
ويُشكل هذا العدد الكبير من العمال ضغطًا إضافيًا على الرئيس بايدن، الذي يواجه الآن تحديات مزدوجة. فمن ناحية، يجب الضغط على شركات السيارات للتوصل لحل وسط مع نقابة العمال يضمن تطلعاتهم، ومن ناحية أخرى، يجب عدم تعريض خططه للتحول البيئي إلى خطر التعثر بسبب الإضراب.
وتُشير بعض التقديرات إلى أن النزاع قد يستغرق أسابيع لحله، الأمر الذي سيتسبب في خسائر مالية كبيرة لشركات التصنيع، إلا أن خبراء آخرين يرون أن آثار الإضراب لن تمتد لفترة طويلة جدًا، نظرًا لضرورة التوصل إلى حل وسط يرضي الطرفين، خاصة مع التزامات الشركات نحو عملائها والخطط المستقبلية لتحولها البيئي.
وقد عبر دونالد ترامب، المرشح المُحتمل للحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة، عن انتقاداته لإدارة بايدن بشأن هذا الموضوع، إذ اعتبر ترامب أن السيارات الكهربائية "كارثة" بالنسبة لعمال السيارات والمستهلكين الأمريكيين، كما اتهم سياسة بايدن في هذا المجال بتهديد وظائف العمال وإمكانية الوصول إلى سيارات ميسورة التكلفة.
في حين أكدت كريستينا بينتون، مديرة قسم التحليل السوقي والصناعي في مجموعة أندرسون الاقتصادية بشيكاغو، بحسب ما أشارت صحيفة "نيوزويك"، أن شركات السيارات الأمريكية الثلاث قد استثمرت مليارات الدولارات في تحولها إلى السيارات الكهربائية، وأنها باشرت بإنتاج طرازات جديدة، كما تستعد لإطلاق المزيد منها في السنوات القليلة المقبلة.
ومن المُتوقع أن تستمر محاولات تسوية الخلاف بين الأطراف خلال الأيام المقبلة، إلا أن حل النزاع بشكل نهائي قد يستغرق وقتًا أطول، تبعًا لمرونة كل طرف ورغبته في إرضاء الطرف الآخر، وسط مخاوف من تفاقم آثار الإضراب على الاقتصاد الأمريكي والتزاماته البيئية على المدى الطويل.