الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بايدن يزور فيتنام.. محاولات واشنطن لإخراج هانوي من الفلك الروسي

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي جو بايدن

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

عندما يستقبل المسؤولون الفيتناميون، الرئيس الأمريكي جو بايدن في هانوي، بوقت لاحق اليوم الأحد، سيحتفل باحتمال إضافة صديق آخر في آسيا، إلى التحالف الذي تأمل إدارته أن ينحاز إلى المصالح الأمريكية، بدلًا من الصين وروسيا.

وذكر بيان صحفي للبيت الأبيض، أنه خلال زيارة بايدن ستؤكد الدولتان التزامهما بتعزيز السلام والازدهار والاستقرار في المنطقة.

ومن المتوقع أن يدفع نجوين فو ترونج، الزعيم الفيتنامي الأعلى، نحو رفع العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة إلى مستويات أعلى.

لكن حتى مع تعزيز الولايات المتحدة وفيتنام علاقتهما خلال الأشهر الأخيرة، فإن هانوي تضع خططًا سرية لشراء ترسانة من الأسلحة من روسيا في انتهاك للعقوبات الأمريكية، حسبما تظهر وثيقة داخلية للحكومة الفيتنامية.

فيتنام تسعى لشراء أسلحة من روسيا

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن وثيقة وزارة المالية، المؤرخة في مارس 2023، التي تم التحقق من محتوياتها من قبل مسؤولين فيتناميين سابقين وحاليين، توضح كيف تقترح فيتنام تحديث جيشها بالدفع سرًا مقابل مشتريات دفاعية، من خلال التحويلات في مشروع نفط فيتنامي روسي مشترك بسيبيريا.

وتشير الوثيقة، التي وقعها نائب وزير المالية الفيتنامي، إلى أن هانوي تتفاوض على صفقة أسلحة جديدة مع روسيا من شأنها أن "تعزز الثقة الاستراتيجية" في وقت تتعرض موسكو للحظر من قبل الدول الغربية في جميع الجوانب.

وبالنسبة لفيتنام، تبدو هذه الفكرة منطقية إلى حد ما، إذ تعتمد هانوي، واحدة من أكبر 10 مستوردين للأسلحة في العالم، منذ فترة طويلة على الأسلحة الروسية.

وأدى تعهد الولايات المتحدة بمعاقبة الدول التي تشتري الأسلحة الروسية، إلى عرقلة خطط فيتنام لتجديد جيشها وإنشاء رادع أكثر صرامة للتعدي الصيني على حدودها البحرية في بحر الصين الجنوبي.

ومع ذلك، فمن خلال تطوير خطتها السرية لدفع ثمن المعدات الدفاعية الروسية، تدخل فيتنام إلى مركز سباق أمني أكبر، غارق في سياسات الحرب الباردة والحرب الساخنة في الوقت الراهن بأوكرانيا.

وترى "نيويورك تايمز" أن هانوي تبدو ماهرة في الرقص بين القوى العالمية، لكن سعيها للحصول على صفقة أسلحة روسية يقوض تواصلها مع الولايات المتحدة، وهو ما يوضح مخاطر السياسة الخارجية الأمريكية التي تجبر البلدان على اتخاذ خيار ثنائي "نحن أو هم".

ونقلت الصحيفة عن إيان ستوري، زميل بارز في معهد "إسياس- يوسف إسحاق" بسنغافورة، مؤلف كتاب قادم عن علاقات روسيا مع جنوب شرق آسيا: "أشعر في بعض النواحي أن لدى أمريكا توقعات غير واقعية بشأن فيتنام".

وأضاف: "لست متأكدًا من أنهم يفهمون تمامًا مدى حساسية علاقة فيتنام مع الصين ومدى عمق علاقتهم مع روسيا، إن سوء فهم هذه الأشياء يمكن أن يحرق أمريكا".

نقطة ارتكاز جيوسياسية

ومرة أخرى، فإن الموقع الاستراتيجي لفيتنام - الذي تهيمن عليه الصين في الشمال، ويرتبط بروسيا عبر التاريخ، وأخيرًا تتودد إليها الولايات المتحدة - قد حوّل هذه الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة إلى نقطة ارتكاز جيوسياسية.

ومرة أخرى، تأمل فيتنام، الدولة التي تمكنت في غضون ربع قرن من صد 3 غزاة - فرنسا والولايات المتحدة والصين - في الابتعاد عن مواجهة القوى العظمى وتشكيل طريقها الخاص.

وتحدد وثيقة وزارة المالية الفيتنامية خطة مُفصلة لكيفية قيام وزارة الدفاع الوطني بدفع ثمن الأسلحة الروسية. ولتجنب التدقيق الأمريكي، سيتم تحويل الأموال المخصصة للأسلحة الروسية، ضمن دفاتر المشروع الروسي الفيتنامي المشترك المسمى روسفيتبيترو، الذي لديه عمليات النفط والغاز الطبيعي في شمال روسيا.

وتقول الوثيقة الفيتنامية: "لا يزال حزبنا ودولتنا يعتبران روسيا الشريك الاستراتيجي الأكثر أهمية في الدفاع والأمن".

وبعد شهرين من تعميم اقتراح وزارة المالية داخليًا، أجرى ديمتري ميدفيديف، رئيس الوزراء الروسي السابق والنائب الحالي لرئيس مجلس الأمن الروسي، زيارة هادئة إلى هانوي.

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أنه رغم أن تغطية الزيارة لا يتم إلا بالكاد في وسائل الإعلام الحكومية الفيتنامية، غير أن المسؤولين الفيتناميين يقولون إن ميدفيديف كان هناك لتعزيز صفقة الدفاع.

وحدد أحد المسؤولين الفيتناميين شروط اتفاقية الأسلحة الجديدة مع روسيا بـ8 مليارات دولار على مدى 20 عامًا.

ومنذ بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، العام الماضي، وفرت فيتنام الغطاء لحليفتها القديمة، ورفضت إدانة الحرب في الأمم المتحدة.

وفي مؤتمر أمني عُقد في موسكو الشهر الماضي، أشار سيرجي شويجو، وزير الدفاع الروسي، إلى فيتنام باعتبارها المشتري المثالي لأحدث الأسلحة الروسية.

محاولات واشنطن لاستمالة فيتنام

من جانبها؛ حاولت الولايات المتحدة إخراج فيتنام من الفلك الروسي، وفي عام 2016، رفعت واشنطن حظر الأسلحة المفروض على هانوي.

وبينما لم يتوقع أحد أن تحصل فيتنام على طائرات مقاتلة أمريكية على الفور، كان من الواضح أن فيتنام ستحصل على المكافأة الأمريكية لاحتواء الصين.

كما أن رفع مستوى العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وفيتنام، اليوم الأحد، سيجعل من السهل على حلفاء الولايات المتحدة، مثل كوريا الجنوبية بيع أسلحة متقدمة إلى فيتنام.

وفرضت الولايات المتحدة مجموعة من العقوبات على روسيا من بين دول أخرى، في عام 2017، ما يزيد من احتمال فرض عقوبات على الدول التي تتعامل مع الجيش الروسي أو أجهزة المخابرات الروسية.

وبعد بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، العام الماضي، استبعدت الولايات المتحدة أيضًا البنوك الروسية من أنظمة الدفع العالمية التي استخدمتها فيتنام لشراء المعدات العسكرية.

ومع ذلك، يقول نجوين ذا فونج، محلل شؤون الدفاع، الذي ألقى محاضرات في جامعة الاقتصاد والمالية بمدينة هوشي منه بفيتنام: "إذا استمرت فيتنام في شراء الأسلحة من روسيا، فستتضرر هيبتنا الدولية".

وأضاف نجوين: "سيكون لاستيراد الأسلحة من روسيا تأثير سلبي على النمو الاقتصادي المستقبلي لفيتنام، لأن الولايات المتحدة وشركاءنا الأوروبيين هم المصدر الرئيسي لصادراتنا. لا يستحق كل هذا العناء".

ارتباط وثيق

ومع ذلك، يظل الجيش الفيتنامي مرتبطًا بشكل وثيق بروسيا - ويستغرق تغيير هذا النهج سنوات، إن لم يكن عقودًا. فالولاء التاريخي قوي بين البلدين، وخلال ما يسميه الفيتناميون الحرب الأمريكية، ساعدت الصواريخ السوفيتية القوات الفيتنامية في قتال الأمريكيين. وتدربت أجيال من كبار الضباط في فيتنام بالاتحاد السوفييتي ثم في روسيا فيما بعد.

وفي عرض وزارة المالية لمعضلة الأسلحة في فيتنام، أشارت الوثيقة إلى أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة يمكن أن تفرض عقوبات على فيتنام لشرائها أسلحة روسية، فمن غير المرجح أن تفعل واشنطن ذلك، بسبب قيمة هانوي الاستراتيجية لواشنطن كشريك في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لاحتواء الصين.

وقال لو هونج هيب، زميل بارز في معهد "إسياس- يوسف إسحاق"، إن الولايات المتحدة لن ترغب في عزل فيتنام في الوقت الذي تريد فيه بناء شراكات وتحالفات في هذه المنطقة لمواجهة صعود الصين.