أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية" البنتاجون"، أن الولايات المتحدة سترسل مقذوفات اليورانيوم المنضب، المثيرة للجدل، إلى أوكرانيا في إطار حزمة مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 175 مليون دولار.
وذكرت الوزارة في بيان صحفي، أن الشحنات المعلن عنها من المخازن العسكرية الأمريكية، تتضمن قذائف دبابات "أبرامز" عيار 120 ملم وهي تحتوي على اليورانيوم المنضب.
وطورت الولايات المتحدة قذائف "اليورانيوم المنضب" الخارقة للدروع، خلال الحرب الباردة لتدمير الدبابات السوفيتية، بما في ذلك نفس دبابات "تى 72" التي تواجهها أوكرانيا في هجومها المضاد للقوات الروسية، خلال الحرب الدائرة حاليا.
وأصبحت الولايات المتحدة الدولة الثانية بعد بريطانيا، التي تعلن عن نقل قذائف اليورانيوم المنضب إلى أوكرانيا. وفي مارس العام الجاري 2023، أعلنت نائبة وزير الدفاع البريطاني أنابيل جولدي عن خطط لتزويد كييف بمثل هذه الذخيرة، وتم توضيح أنها مخصصة لدبابات "تشالنجر 2".
قلق أممي
أعرب نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، عن قلقه بشأن استخدام قذائف اليورانيوم المنضب، وذلك تعليقا على القرار الأمريكي بتزويد كييف بهذا النوع من القذائف.
وقال "حق" ردًا على سؤال عما إذا كانت الأمم المتحدة قلقة بشأن إمداد واشنطن كييف بقذائف اليورانيوم المنضب: "إن قلقنا بشأن استخدام اليورانيوم المنضب في أي مكان في العالم كان ثابتا ومستمرا حتى يومنا هذا".
ما هو اليورانيوم المنضب؟
واليورانيوم المنضب هو منتج ثانوي لعملية تصنيع الوقود لأنواع معينة من المفاعلات النووية والمواد المستخدمة في الأسلحة النووية.
يتم تخصيب اليورانيوم الطبيعي في تصنيع مثل هذه الأنواع من الوقود والمواد، ما يزيد من محتوى نظير "" U-235 فيه، والذي يوفر الانشطار النووي.
ويسمى الخليط الذي يتبقى بعد إزالة اليورانيوم المخصب بـ"اليورانيوم المنضب"، لأنه يحتوي على كميات مخفضة من نظيري اليورانيوم 235 و234. ويعتبر اليورانيوم المنضب أقل نشاطًا إشعاعيا من اليورانيوم الطبيعي بنسبة 60%.
واليورانيوم المنضب هو معدن ذو كثافة عالية جدا، مما يجعله مناسبًا للاستخدام السلمي في العديد من الصناعات التجارية مثل السفن والطائرات.
ويمكن استخدام هذا النوع من اليورانيوم أيضًا لزيادة قوة دروع المعدات العسكرية، مثل الدبابات ولصنع الذخيرة الخارقة للدروع، وتتمثل ميزة اليورانيوم في الذخيرة الخارقة للدروع في قدرته على الاشتعال عند الاصطدام واختراق الدروع.
ونقلت صحيفة" الجارديان" البريطانية، عن إدوارد جيست، الخبير النووي وباحث السياسات في معهد راند المعني بالعلوم النووية ومقره الولايات المتحدة، قوله: "إن قذائف اليورانيوم المنضب كثيفة للغاية ولديها قدر كبير من الكثافة لدرجة أنها تستمر في اختراق الدرع - وتسخنها كثيرًا حتى تشتعل فيها النيران".
وأضاف سكوت بوسطن، كبير محللي الدفاع في مؤسسة راند، أنه عند إطلاق القذائف، تصبح ذخيرة اليورانيوم المنضب في الأساس سهمًا معدنيًا غريبًا يتم إطلاقه بسرعة عالية للغاية".
وهذا يعني أنه عندما يضرب درع الدبابة، فإنه يخترق في غمضة عين قبل أن ينفجر في سحابة مشتعلة من الغبار والمعادن، بينما تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى انفجار وقود الدبابة وذخيرتها.
مخاطر ه
ورغم أن ذخائر اليورانيوم المنضب لا تعتبر أسلحة نووية، إلا أن انبعاثها لمستويات منخفضة من الإشعاع، دفع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إلى الحث على توخي الحذر عند التعامل والتحذير من المخاطر المحتملة للتعرض لها.
وتحذر الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن التعامل مع هذه الذخائر "يجب أن يبقى عند الحد الأدنى ويجب ارتداء الملابس الواقية (القفازات)،" مضيفة أنه "قد تكون هناك حاجة إلى حملة إعلامية عامة لضمان تجنب الناس التعامل مع المقذوفات".
ويجب أن يشكل هذا جزءًا من أي تقييم للمخاطر ويجب أن تعتمد هذه الاحتياطات على نطاق وعدد الذخائر المستخدمة في منطقة ما.
وتشير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن اليورانيوم المنضب هو في الأساس مادة كيميائية سامة، وليس خطرًا إشعاعيًا. يمكن استنشاق الجزيئات الموجودة في الهباء الجوي أو ابتلاعها، وبينما يتم إخراج معظمها مرة أخرى، يمكن أن يدخل بعضها إلى مجرى الدم وقد يتسبب في تلف الكلى.
وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية: "إن التركيزات العالية في الكلى يمكن أن تسبب الضرر، وفي الحالات القصوى، الفشل الكلوي".
واستخدمت الدبابات الأمريكية ذخائر اليورانيوم المنضب، فضلًا عن الدروع المعززة باليورانيوم المنضب، في حرب الخليج عام 1991 ضد دبابات تي-72 العراقية، ومرة أخرى في غزو العراق عام 2003، وكذلك في صربيا وكوسوفو.
وفقًا لمجلة "هارفارد إنترناشونال ريفيو"، استخدمت الولايات المتحدة ما يصل إلى 300 طن من اليورانيوم المنضب خلال حرب الخليج، وتم استخدام ما يصل إلى 2000 طن من هذا اليورانيوم خلال حرب العراق عام 2003.
وسلطت مراجعة حديثة للدراسات التي نشرتها منظمة الصحة العالمية، الضوء على "الارتباطات المحتملة" للمشاكل الصحية طويلة الأمد بين العراقيين المرتبطة باستخدام اليورانيوم المنضب في ساحة المعركة.
وخلص تحليل أجرته منظمة الصحة العالمية إلى أنه "في بعض الحالات، يمكن أن ترتفع مستويات التلوث في الأغذية والمياه الجوفية بعد بضع سنوات، ويجب مراقبتها".