الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أحداث كركوك.. قرار وقف تسليم مقر العمليات المشتركة يطرح مخاوف عودة "أزمة التدويل"

  • مشاركة :
post-title
علم العراق إلى جانب علم إقليم كردستان العراقي

القاهرة الإخبارية - سمر سليمان

بينما عادت كركوك إلى هدوءٍ حذرٍ برفع حظر التجوال، يوم الأحد، أعقبه قرار "دراماتيكي" بوقف تسليم مقرات قيادة عمليات المحافظة، يعلق بدوره عودة الحزب الديمقراطي الكردستاني، تنذر المستجدات بعودة أزمة "التدويل"، وأكبر من ذلك في تقدير باحثين عراقيين.

وشهدت كركوك يوم السبت، أعمال عنف عندما اندلعت اشتباكات بين متظاهرين أكراد وقوات الأمن، بعد أن توجه محتجون إلى مقر قيادة العمليات المشتركة، للمطالبة بإنهاء الاعتصام الذي ينظمه عدد من الرافضين لعودة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى مقاره في كركوك؛ ما أسفر عن مقتل مدني وإصابة آخرين بجروح.

ووجه محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، بمحاسبة المقصرين الذين تثبت إدانتهم في أحداث كركوك، وبتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة ملابسات الحادث.

نتيجة حتمية

وعدّ الدكتور عصام الفيلي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة المستنصرية في بغداد، في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية" أن ما جرى في كركوك "نتيجة حتمية" لطبيعة صراع يمتد بجذوره في المدينة لما يتجاوز 80 عامًا ماضية، بين الأكراد وباقي التركيبة السكانية هناك، لكنه لم يستبعد أن يكون قرب الانتخابات قد أثار المخاوف من إنعاش "الهوية الكردية" للمدينة في تقديره.

والتركيبة السكانية في كركوك تمثل خليطًا من السنة والشيعة والتركمان والمسيح.

قال "الفيلي": "لا أبالغ إذا قلت إن الصراع في كركوك يمتد إلى ما يتجاوز الثمانية عقود، وكركوك واحدة من أكثر المحافظات العراقية غنى بمقدراتها النفطية، إضافة إلى أن تركيبتها السكانية شهدت تغيرات كبيرة عبر التاريخ، سواء حضور مكونات جديدة أو إقصاء مكونات".

أحداث الاشتباكات في كركوك
المادة 140

أوضح "الفيلي" أن حدة الصراع ازدادت في كركوك بعد عام 2003، حيث الغزو الأمريكي للعراق، قائلًا "حتى بعد أن أصبح لها وضع دستوري خاص، أتحدث بالتحديد، عن "المادة 140"، والمتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين الحكومتين الاتحادية وإقليم كردستان".

ومنذ بدأت الحكومة العراقية، أخيرًا، في اتخاذ خطوات لتفعيل المادة الدستورية 140، وأثار القرار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية.

وفي تقدير أستاذ العلوم السياسية: "أخفقت القوى السياسية العراقية في تطبيق هذه المادة، برغم أنها مادة دستورية، كجزء من سياسة عقود من التسويف والمماطلة لأن ما كتب في الدستور ليس الجميع مقتنعًا به، بل أملته ظروف معينة، أُريد بها إخراج الدستور بهذه الطريقة".

أشار إلى ما أقدمت عليه الحكومة الاتحادية بعد استفتاء 2017، باعتباره كان "قشة قصمت ظهر البعير"، حيث تقدم القوات الحكومية، واستقدام قوات رديف أخرى، من الحشد الشعبي، ما استدعى مغادرة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وترك مقراته. أضاف "لكن في اتفاقية تشكيل الحكومة، كان هناك اتفاق مكتوب بين جميع الأطراف بضرورة أن تعود مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني".

رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى جانب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني
أساس الاحتدام

عدّ الفيلي وجود أطراف في كركوك، تسعى لإثبات نفسها، تأثرت بعودة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وجدته سيسهم بصورة أو بأخرى في التأثير عليها مع قرب الانتخابات، "مسألة أساسية" لهذا الاحتدام.

إذ قال "تزامنت العودة، عندما أشار السوداني بضرورة أن تعود مقرات الأحزاب الكردية، هذا الموضوع أغضب كثيرًا من الأطراف، البعض منها أراد أن يثبت وجوده، وترى في عودة الحزب إلى مقراته ستسهم بصورة أو بأخرى في التأثير عليها، تمخض عن ذلك، مسألة أساسية كان هذا الاحتدام الذي جرى بين هذه الأطراف".

أشار إلى أن المشكلة تزامنت مع قرب الانتخابات، "ولذلك بعض القوى السياسية ترى أن عودة الديمقراطي الكردستاني ستنعش الهوية الكردية، لمدينة كركوك" بحسب قوله.

تطور دراماتيكي ينذر بأزمة

قال "الفيلي" إن ما جرى في تطور وصفه بـ"الدراماتيكي" بعد إصدار المحكمة الاتحادية أمرًا ولائيًا بعدم إخلاء المقر الذي كان يشغله الجيش للقطاعات الأمنية، يجعل "فرضية التدويل" قائمة وقد ينذر بأزمة أكبر، في تقديره.

وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا، في العراق، الأحد، أمرًا ولائيًا بإيقاف إجراءات تنفيذ إخلاء مقر قيادة عمليات كركوك وتسليمه خاليًا من الشواغل وجميع الإجراءات المترتبة عليه، وفق ما أوردت وكالة الأنباء العراقية (واع).

البشمركة منبع الاحتكاك

بالمقابل، وجد الباحث السياسي العراقي، إبراهيم السراج، في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية"، الأحد، أن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة مسعود برزاني، استغل بشكل خاطئ، موافقة الحكومة على السماح بالدخول إلى كركوك وممارسة العمل الحزبي حسب الاتفاق.

قال إن سماح الحزب بدخول قوات البشمركة، وهي الجناح المسلح للديمقراطي الكردستاني، كركوك، تسبب في تذمر أهالي المحافظة، وعلى إثرها خرجت التظاهرات.

وفي تقدير الباحث هذا "منبع الاحتكاك"، حيث يرفض أهالي كركوك -والتي تمثل خليطًا من السنة والشيعة والتركمان والمسيح- تواجد العناصر المسلحة للبشمركة وتحركهم بالزي العسكري داخل المدينة.