الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

نقيب الفنانين السوريين: مبدعونا هاجروا بحثا عن تحقيق مشروعهم الإبداعي

  • مشاركة :
post-title
محسن غازي - نقيب الفنانين السوريين

القاهرة الإخبارية - نورا سمير

- سعيت بعد انتخابي إلى مواجهة مشكلات النقابة تحت شعار المحبة والتسامح والإيثار
- حققنا تحسنًا إيجابيًا في عدد إنتاجات العام الماضي
- تنتج وزارة الثقافة سنويًا عشرات الأعمال المسرحية دون السعي لتحقيق المردود المادي

يعد محسن غازي، أحد أشهر الفنانين المؤثرين في سوريا، وتضج سيرته الذاتية بأعمال حققت له جماهيرية واسعة، إذ أسهم في العديد من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، وكان أول عمل له مسلسل "حكم العدالة" عام 1977، كما يشغل منذ العام الماضي منصب نقيب الفنانين السوريين.

وفي حوار خاص لموقع "القاهرة الإخبارية" تحدث محسن غازي، عن أبرز التطورات التي حدثت في النقابة منذ توليه منصب النقيب، وأهم المشكلات التي واجهت النقابة والفنان السوري بشكل عام وكيف تم معالجتها ورؤيته للمشهد المسرحي السوري حاليًا.

حول ملامح التطوير التي صنعها نقيب الفنانين السوريين، قال: "نقابة الفنانين في سوريا تعمل وفق قانون عصري وأنظمة متعددة منها المتعلق بالنواحي المالية، التقاعد، والضمان الصحي، جميعها تهدف إلى حماية الفنان ورعايته، ونجحنا في تحديث بعض البنود بالنقابة إذ تواكب الظروف المتغيرة، وذهبنا بعيدًا في مراعاة أوضاع زملائنا الفنانين ومشاركتهم الأفكار لإلغاء الروتين الإداري، كما عززنا العلاقات مع كل المؤسسات الرسمية والخاصة، تحقيقًا لمصلحة الفنان في مجال الرعاية الصحية والتقاعد، مع الأخذ بعين الاعتبار رعاية ورثة الفنان بعد رحيله".

نقيب الفنانين السوريين محسن غازي

واجهت النقابة صعوبات عدة قال عنها: "أهم ما يواجه نقابة الفنانين يكمن من جهة في روتين المؤسسات الرسمية، ومن جهة أخرى تحديات تحسين الواقع المعيشي للفنانين العاملين بوظيفة لدى هذه المؤسسات، في ظل جمود بعض القوانين، إضافة لغياب فرص العمل بعد أن تخلّت بعض المؤسسات عن دورها في عملية الإنتاج الفني بحكم الظروف الحالية وعدم وضع الاعتمادات المالية في الموازنة السنوية".

وأضاف "من جهة أخرى هناك إشكالية العلاقة مع القطاع الخاص، فرغم وجود القانون إلا أن ذهنية التاجر تذهب باتجاه تحقيق الأرباح المالية على حساب المحتوى الفكري المراد إنتاجه، وأيضًا على حساب الأجر الذي يستحقه الفنان، فيما تسعى النقابة إلى معالجة هذه القضايا وغالبًا نصل إلى حلول مقبولة بالتوافق".

وتطرق "غازي" في حواره إلى أبرز الأزمات والتحديات التي تواجه الفنان السوري بشكل عام، إذ قال: "البعض يعاني ندرة الفرص التي يطمح في الحصول عليها، خاصة في سنوات الحرب التي عززت من غياب رأس المال المنتج للأعمال الدرامية".

وتابع: "أدى غياب رأس المال إلى هجرة الكثير من الفنانين إلى دول الجوار وغيرها، بحثًا عن تحقيق المشروع الإبداعي الخاص بهم، وعن لقمة العيش، لكننا الآن وفي ظل استقرار جيد بدأنا نلتمس عودة رأس المال وبالتالي من الممكن لهذه الأزمات أن تتلاشى بشكل تدريجي".

وقال نقيب الفنانين السوريين، إن التعامل مع النقابات الفنية العربية الموازية يتم عن طريقين: "الأول من خلال الاتحاد العام للفنانين العرب الذي يضم كل النقابات العربية وبعض الجمعيات الفنية، إذ يمتلك الاتحاد سياسته في توحيد الأهداف والرؤى المُراد تعميمها، التي تخدم المجتمع العربي وقضاياه المشتركة، الثاني يأتي عبر العلاقات الثنائية من خلال بروتوكول تعاون وتعامل بالمثل، وخدمة الفنانين الحاصلين على فرص بالعمل لدى بلدان هذه النقابات، إضافة لإنتاج أعمال فنية مشتركة تحقق المصلحة المرجوة".

نقيب الفنانين السوريين محسن غازي

وصف نقيب الفنانين المشهد المسرحي في سوريا قائلًا: "رغم تراجع الهاجس في العمل المسرحي إلا أننا في سوريا مستمرون في إنتاجه عبر مواسم دائمة، إذ تعرض وزارة الثقافة وعبر مديرية المسارح والموسيقى سنويًا عشرات الأعمال المسرحية دون السعي لتحقيق المردود المادي، فلا تزال تذكرة الدخول إلى المسارح شبه مجانية، كما تنتج النقابة العديد من الأعمال المسرحية لتقديمها في المهرجانات السنوية التي تقيمها في المدن وتشارك بها في بعض المهرجانات العربية".

وعن الإنتاجات الدرامية والتلفزيونية في سوريا، قال: "بعد تراجع ملحوظ للعملية الإنتاجية للدراما في بداية الحرب على سوريا، بدأنا الموسم الماضي - عام 2022 - نلمس تحسنًا إيجابيًا في عدد الإنتاجات، وبدأ رأس المال يعود تدريجيًا للعمل، وهذا بسبب حالة الاستقرار التي تحققت، إذ استطعنا إنتاج أكثر من 40 عملًا دراميًا سوريًا.

وتتميز الدراما السورية بتعدد المضامين الفكرية وتشمل كل جوانب الحياة واهتمامات المجتمعات العربية، إذ قال "غازي": تُشكل اللهجة السورية عامل جذب أساسي في انتشارها، إضافة للواقعية التي تشكل السمة الأساسية لهذه المضامين والركيزة التي نعتز بها هي الفنان السوري المبدع، وقد رأيناه في أعمال درامية مصرية ولبنانية وخليجية استطاعت النفاذ إلى وجدان المشاهد في كل البلدان العربية.

لكن المشهد السينمائي في سوريا يعاني قلة الإنتاج، بسبب غياب المنتج الخاص واقتصار الإنتاج على المؤسسة العامة للسينما فقط، ورغم نقص الانتاجات السورية، توجد أفلام تصل إلى مهرجانات عالمية، إذ قال نقيب الفنانين: "منذ سبعينيات القرن الماضي - يتحدث عن الأفلام السينمائية المنتجة داخل سوريا فقط - ازدهرت السينما السورية على أيدي مخرجين مبدعين وبمشاركة نجوم من سوريا ومصر ولبنان، وكان قطاع الإنتاج حينها خاصًا أو مشتركًا، وفي فترة الثمانينيات بدأت إنتاجات المؤسسة العامة للسينما رسم ملامح جديدة وصولًا إلى هوية متميزة للسينما السورية من خلال أفلام كثيرة كـ"أحلام المدينة" و"نجوم النهار" و"ليالي ابن آوى" و"رسائل شفهية" و"ما يطلبه المستمعون" و"الحدود" وغيرها، وجميعها أفلام حققت انتشارًا جماهيريًا واسعًا، ونالت جوائز مهمة في المهرجانات العربية والدولية، ولا تزال السينما السورية بإنتاجها العددي المحدود تحقق ذلك الحضور وتنال التكريم، ولمن يرغب يستطيع الدخول إلى أرشيف السينما ليتعرّف على المستوى الرامي الذي تتمتع به".

نقيب الفنانين السوريين محسن غازي

للنهوض بالفن يجب توفير مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية، ولتحقيق النهوض بالفنان إضافة للمكانة التي يتمتع بها، يرصد نقيب الفنانين محددات عدة منها: "زيادة رأس المال الخاص بإنتاج الدراما مع شرط وجوب أن يتمتع صاحب رأس المال بالثقافة المطلوبة، وأن ينطلق من متطلبات المجتمع وحاجته للدراما لكي تكون داعمة لبناء الأسرة ومساهمة في تكريس القواعد الأخلاقية وفي محاربة الظواهر الغريبة".

أما فيما يتعلق بالموسيقى، فيرى نقيب الفنانين أن المطرب السوري يتعرض للظلم، شارحًا: "جوهر حديثي حول مسألة الظلم التي يعانيها المطرب كان المقصود بها انعدام أي دور لشركات الإنتاج الغنائي، بسبب غياب تطبيق قانون حماية الملكية الفكرية، إذ كان يتعرض المنتج في السابق للقرصنة من تجار الكاسيت والسي دي، وحاليًا يعاني قرصنة المنصات الإلكترونية للمحتوى الإبداعي، وبهذه العملية لا يستطيع المنتج تعويض رأس المال وبالتالي عدم تحقيق الأرباح، بينما نجد في بعض البلدان العربية شركات قوية تُسهم في الإنتاج وفي صناعة نجوم حقيقيين ولهم انتشار على مستوى الساحة العربية وغالبًا ترتبط هذه الشركات بقنوات تلفزيونية أو بمنصات إلكترونية تحقق الأرباح والغايات التي تسعى لها".

وبعيدًا عن دوره النقابي، تم تكريم الفنان السوري محسن غازي في مهرجانات سينمائية عدة، قائلًا: "شاركت في الكثير من المهرجانات المسرحية والسينمائية والغنائية، كممثل أو مطرب، كما كُرمت في مهرجان الغردقة للغناء عام 2003، وفي مهرجان الأغنية العربية لأكثر من مرة في المغرب العربي وبلدان أخرى"، مضيفًا "كما أنني من خلال دوري كنقيب للفنانين السوريين أحرص على أن يكون للنقابة دور فعّال في فعاليات جميع المهرجانات الفنية".

وحول المشكلات التي واجهت محسن غازي قبل توليه منصب النقيب، قال: "لديّ ولدى كل الفنانين بعض الإشكالات مع مجالس فروع النقابة وأيضًا مع المجلس المركزي، تتمحور حول إهمال أو تقصير بحقوقنا، وغياب العدالة في بعض الأمور المتوجبة، وكانت الأبواب المغلقة العامل الأساسي في تأجيج بعض النزاعات إداريًا ومهنيًا، وكان لغياب العمل على الجانب الاجتماعي والإنساني بشكل عام النصيب الأكبر في الاحتجاجات".

وتابع: "سعيت بعد انتخابي إلى تلافي ذلك بالكامل، وتحولت نقابة الفنانين للعمل إداريًا ومهنيًا وعلى صعيد العلاقات إلى خلية عمل شعارها محبة وتسامح وإيثار، إذ أصبح هذا الانطباع العام منتشرًا في الأوساط المختلفة في سوريا، وباب النقابة لا يُغلق سوى بانتهاء فترة الدوام اليومي.