يعمل التعاون المستمر داخل مجموعة بريكس، التي تتألف من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، على إعادة تشكيل الديناميكيات العالمية تدريجيًا وتحدي بعض السياسات الاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، وبينما تؤكد هذه الاقتصادات الناشئة تأثيرها على المسرح العالمي، تجد الولايات المتحدة نفسها تواجه تحديات جيوسياسية واقتصادية جديدة، وذلك بحسب موقع "ذي كونفرسيشن" الأمريكي.
تحدي بريكس للسياسات الأمريكية
وتُعد قمة بريكس غدًا في جوهانسبرج، بمثابة تذكير بالأهمية المتزايدة لهذه المجموعة، وتحث على النظر فيما إذا كان يتعين على الولايات المتحدة تطوير سياسة شاملة للمشاركة بفعالية في هذه التطورات، حيث أظهرت مجموعة بريكس استعدادها لتحدي العناصر الرئيسية للسياسة الأمريكية، فعلى الصعيد الدبلوماسي، تصدت مجموعة البريكس للعقوبات الغربية على روسيا، متحدية بذلك استراتيجيات الولايات المتحدة المتعلقة بأوكرانيا، ومن الناحية الاقتصادية، سعت المجموعة إلى إضعاف هيمنة الدولار الأمريكي كعملة أساسية في العالم، وبالتالي تقويض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية، وعلاوة على ذلك، تفكر بريكس في التوسع، ومن المحتمل أن تشمل دولًا معادية للولايات المتحدة بشكل علني، مثل إيران أو كوبا أو فنزويلا، كما يمكن أن يؤدي هذا التوسع إلى تعزيز الموقف الجماعي للمجموعة ضد المصالح الأمريكية.
بريكس تتحد على مصالح تنموية
وتابع تقرير الموقع الأمريكي إن هناك محاولة لتصوير دول البريكس ككيان تهيمن عليه الصين، يناهض الولايات المتحدة، لكن ذلك ليس صحيحًا، فبلدان المجموعة تتحد حول مصالح تنموية مشتركة ورؤية لنظام عالمي متعدد الأقطاب، وفي حين أن توحيدها يتحدى الأهداف الجيوسياسية والاقتصادية للولايات المتحدة، فإن البريكس لا تحركه المشاعر المعادية لأمريكا فقط، وفي الوقت نفسه لم يعد تجاهل تأثير دول البريكس في الشؤون العالمية خيارًا قابلًا للتطبيق بالنسبة للولايات المتحدة.
نظام عالمي أكثر ديمقراطية
وتميزت الأيام الأولى لدول "بريكس"، عندما كانت تعرف باسم "بريك" قبل انضمام جنوب إفريقيا، بالرغبة في تعزيز نظام عالمي أكثر ديمقراطية يشمل البلدان النامية في عمليات صنع القرار، وامتنعت المجموعة عن مناهضة الولايات المتحدة، وبدلًا من ذلك ركزت على بذل الجهود نحو التعددية القطبية، ففكرة بريكس كجسر بين البلدان الصناعية والبلدان النامية، من أجل التنمية المستدامة والسياسات الاقتصادية الدولية المتوازنة لها أهمية قصوى.
تقارب سياسي
وتطورت دول البريكس منذ ذلك الحين لتصبح قوة هائلة، وأصبحت تمثل جزءًا كبيرًا من سكان العالم، من حيث الناتج المحلي الإجمالي، والتجارة، كما مكّنت قوة المفاوضة الجماعية هذه المجموعة من دعم روسيا أثناء الصراع في أوكرانيا، ما عزز موقف موسكو الاقتصادي والدبلوماسي ضد محاولات العزلة الغربية، وبالإضافة إلى ذلك، أظهرت مجموعة بريكس تقاربًا وتعاونًا عميقًا عبر مختلف السياسات، والتي لديها القدرة على تحدي المصالح الأمريكية.
بريكس ليست تابعة للصين
وفي حين أن التوترات قائمة بين الولايات المتحدة وبريكس، فإن الفكرة القائلة بأن المجموعة مدفوعة من قبل الصين وحدها ليست دقيقة، فعدم قدرة الصين على تقديم مقترحات سياسية رئيسية داخل بريكس يسلط الضوء على الطبيعة التعاونية للمجموعة، فعلى سبيل المثال، على الرغم من جهود الصين لتأسيس اتفاقية التجارة الحرة لمجموعة البريكس منذ عام 2011، لم تستطع حشد الدعم من الدول الأعضاء الأخرى.
نقطة تحول
وجاءت نقطة التحول بالنسبة لمجموعة بريكس في عام 2015 عندما شهدت المجموعة نموًا مؤسسيًا كبيرًا في ظل رئاسة روسيا، وتزامن ذلك مع تعزيز روسيا لتحالفها مع الصين، وكثفت مجموعة البريكس تحديها ضد العقوبات الغربية بشأن سياسات روسيا في شبه جزيرة القرم، وسلط هذا التطور الضوء على تعقيدات علاقة بريكس مع كل من روسيا والصين.
تجاهل الولايات المتحدة لمجموعة بريكس لم يعد ممكنا
ونظرًا لأن مجموعة بريكس قد تنتقل إلى استخدام العملات المحلية بدلا من الدولار الأمريكي، يجب على الولايات المتحدة إعادة النظر في سياساتها، فتاريخيا، ركزت الولايات المتحدة على العلاقات الثنائية مع دول البريكس فرديا، بينما تدير التوترات مع الصين وعزل روسيا، ومع ذلك، فإن تجاهل البريكس كقوة جماعية لم يعد ممكنًا، وبدلًا من ذلك، فإن تطوير سياسة شاملة لدول البريكس يمكن أن يسمح للولايات المتحدة بالمشاركة بشكل أفضل مع هذا المشهد الجيوسياسي المتطور وضمان موقعها في عالم متعدد الأقطاب، كما يمكن لمثل هذه السياسة التركيز على قضايا التنمية العالمية، وتعزيز التعاون، ومواءمة مصالح الولايات المتحدة مع مصالح الجنوب العالمي، وبذلك، يمكن للولايات المتحدة التكيف مع الديناميكيات العالمية الناشئة مع الحفاظ على أهميتها وتأثيرها.