الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

التحديات الاقتصادية الصينية.. هل انتهى عصر النمو القوي؟

  • مشاركة :
post-title
انخفاض اسعار المستهلك في الصين

القاهرة الإخبارية - محمد البلاسي

ثلاثة أخبار اقتصادية عن الصين سبّبت حالة من القلق والترقب نحو الاقتصاد الصيني، أولها انخفاض الصادرات بأكثر من 14٪ من حيث القيمة الدولارية، وثانيها تخلف شركة "كنتري جاردن"، أحد أكبر مطوري العقارات في البلاد، عن دفع فاتورتين على سنداتها الدولارية، وأخيرًا تحول التضخم السنوي في أسعار المستهلكين إلى سالب، باختصار.. انتهى عصر ازدهار الصادرات الصينية، والركود ليس ببعيد، وربما الانكماش، وذلك بحسب مجلة "إيكونومست" البريطانية.

منذ أن فرضت الصين أول إغلاق على مدينة "ووهان" في أوائل عام 2020، كان اقتصادها غير متزامن مع بقية العالم، وعندما تخلت البلاد عن ضوابط سياسة "صفر كورونا" في نهاية العام الماضي، كان العديد من الاقتصاديين يأملون في أن تستمر هذه الحالة الاستثنائية، وأن تشهد الصين انتعاشًا سريعًا، حتى في الوقت الذي كانت فيه الاقتصادات الكبرى الأخرى تتجه إلى الركود، وذلك رغم القلق من أن تتسبب شهية الصين الصناعية للسلع والبضائع الأخرى، بعد نهاية الإغلاق، في زيادة التضخم العالمي، ما يجعل حياة محافظي البنوك المركزية في دول أخرى أكثر صعوبة، ولكن في النهاية، لم تتحقق آمال النمو، ولا مخاوف التضخم.

نمو متواضع

وأشار تقرير المجلة البريطانية إلى أن الصين تكافح الآن لتحقيق هدف النمو المتواضع للحكومة البالغ 5٪ لعام 2023، ووفقًا للبيانات الصادرة في 9 أغسطس، انخفضت أسعار المستهلك بنسبة 0.3٪ في يوليو مقارنة بالعام السابق، ولا يعد ذلك سببًا للقلق، فالانكماش لمدة شهر ليس كافيًا لتحويل الصين إلى اليابان التالية، التي أعاقها الانكماش الاقتصادي، وكان التضخم الاستهلاكي سلبيًا من قبل، بسبب جائحة كورونا، حتى عام 2021، وعلاوة على ذلك، فإن أرقام شهر يوليو تشير إلى أسعار اللحوم المفضلة في البلاد كانت أقل من مثيلها من العام الماضي، بانخفاض بمقدار الربع، ما ساهم في الرقم الرئيسي السلبي في التضخم.

وتابع التقرير أن أسعار المستهلك ليست الوحيدة التي انخفضت، فالأسعار التي يفرضها المنتجون عند "باب المصنع" تراجعت الآن على أساس سنوي لمدة عشرة أشهر متتالية، وانخفضت أسعار صادرات الصين بأكثر من 10٪ في يوليو، ووفقًا لتقديرات محللين في بنك"يو بي إس"، انخفض مؤشر الناتج المحلي الإجمالي، وهو مقياس واسع يغطي جميع السلع والخدمات المنتجة في البلاد، بنسبة 1.4٪ في الربع الثاني من العام مقارنة بالعام السابق، وهذا هو سادس تراجع له هذا القرن والأكثر حدة منذ عام 2009.

انخفاض الأسعار وتدهور العقارات

لقد توقع العديد من الاقتصاديين انخفاض أسعار اللحوم والمواد الغذائية، ومع ذلك، فقد افترضوا أنه سيتم تعويض ذلك من خلال زيادة أسرع في تكلفة الخدمات، بعد ما اكتسب الاقتصاد الصيني زخمًا، كما توقعوا أن يستقر سوق العقارات، ما سيدعم الطلب على السلع الأخرى، سواء في منتجات مثل الصلب ومعدات البناء، أو في منتجات الأثاث والأجهزة المنزلية، وبعد انتعاش قصير في الأشهر الأولى من العام، تعثرت مبيعات العقارات مرة أخرى، وتراجعت في 30 مدينة كبيرة بنسبة 28٪ في يوليو مقارنة بالعام السابق، كما ساهم الانخفاض في التأثير على الإيجارات وأسعار الأجهزة المنزلية في خلق منحنى سلبي بأسعار المستهلكين في يوليو، وألقت شركة" كنتري جاردن" باللوم على تدهور المبيعات، من بين أمور أخرى، في فشلها في الدفع لحاملي سنداتها في الموعد المتوقع هذا الشهر، ولدى الشركة فترة سماح مدتها 30 يومًا قبل أن تتخلف عن السداد.

إجراءات حكومية إيجابية

وعن إجراءات الحكومة الصينية إزاء ذلك، أشارت المجلة إلى أن الحكومة تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ففي الأسابيع الأخيرة، كشفت مجموعة من اللجان والوزارات واللجان، عن مجموعة متنوعة من الإجراءات لتحسين الاقتصاد، وأعلنت عن خطة من 31 نقطة لتشجيع الشركات الخاصة، وقالت إن الحكومة ستزيل الحواجز أمام الدخول في الأسواق وتعزز حقوق الملكية الفكرية، كما وصفت خطة من 20 نقطة لزيادة الاستهلاك بتذاكر أرخص للمواقع السياحية ذات المناظر الخلابة، من بين أشياء جيدة قامت بها، ووعدت خطة من 26 نقطة لزيادة تنقل العمالة، بتسهيل استقرار المهاجرين الريفيين في المدن وتسهيل حصول رجال الأعمال الأجانب على التأشيرات.

خطوات غير كافية

وأشار التقرير إلى أنه مع ذلك، إن لم يتحسن سوق العقارات، فسوف تستمر ضغوط الانكماش الاقتصادي، وكلما طال أمده، كان من الصعب عكس مساره، وبالتالي، فإن الأمر يتطلب دفعة مالية ونقدية أكثر قوة، ورغم تقلص العجز في النصف الأول من هذا العام، إلا أن ذلك لم يدعّم الاقتصاد إلا بالقليل، وفي الوقت نفسه، بالكاد خفّض البنك المركزي الصيني أسعار الفائدة، وخفّض سعر الفائدة قصيرة الأجل من 2٪ إلى 1.9٪، لكن هذا لا يكفي لمواكبة الانخفاض في التضخم، ما يعني أن التكلفة الحقيقية للاقتراض آخذة في الارتفاع.