الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

هل تحقق طائرات F-16 تفوقا جويا في هجوم أوكرانيا المضاد؟

  • مشاركة :
post-title
طائرة إف 16

القاهرة الإخبارية - محمد البلاسي

بدأ الهجوم المضاد لأوكرانيا قبل شهرين، لكن القوات الأوكرانية كانت تستعد له منذ وقت أطول، بهدف القتال باستخدام أساليب جيوش الناتو، بمزيج من مهارات قوات المشاة والمدفعية والعربات المدرعة والقوة الجوية، وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، انتظرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أكثر من عام قبل أن تسمح لدول "الناتو" بإرسال طائرات مقاتلة من طراز F-16 إلى أوكرانيا، وبحلول الوقت الذي يتم فيه تدريب الطيارين الأوكران على الطائرات المتقدمة، سيكون فات الأوان بالنسبة لهم لمساعدة القوات البرية وحمايتها خلال هذه المرحلة من القتال.

القتال دون قوة جوية

وأشار تقرير "نيويورك تايمز" إلى أن التدريب على تلك الطائرات أثار تساؤلًا: هل بدون قوة جوية كبيرة تمثل أحد أعمدة تكتيكات الحرب التي حث الغرب أوكرانيا على تبنيها يمكن ضمان نجاح الهجوم المضاد؟.

وبحسب الصحيفة، يرى بعض الخبراء أن الإجابة ربما تكون نعم، وبحسب مسؤولون حاليون وسابقون في أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا، ومحللون دفاعيون غربيون، في مقابلات، خلال الأسبوع الماضي، فإنه مع استمرار الهجوم المضاد المكون من المدفعية والطائرات المُسيرة، ليس هناك أي هجوم كبير، وبحسب فيليب بريدلوف، جنرال متقاعد بالقوات الجوية الأمريكية، قائد سابق لقوات حلف شمال الأطلسي: "يجب أن يتم الهجوم المضاد دون مقاتلات إف -16، وأعتقد أن الأوكرانيين يستطيعون ذلك.

وأضاف "بريدلوف" - طيار سابق لطائرة F-16 - أن هناك فائدة كبيرة ستكتسبها القوات الأوكرانية لتعلم ونشر ما يُسمى بتكتيكات الأسلحة المشتركة، التي تشكل العمود الفقري للحرب البرية الحديثة، نظرًا لأنها ستكون قابلة للتطبيق في العديد من المراحل المختلفة لما تفعله، موضحًا "إذا كانت أوكرانيا تتوقع أن تقاتل مثلما تقاتل الجيوش الغربية، فعليهم أن يمتلكوا الأدوات التي لدينا، ونحن لم نمنحهم تلك الأدوات"، وأكد تقرير "نيويورك تايمز" أن الجنرال فاليري زالوجني، القائد الأعلى في أوكرانيا، أشار إلى نفس النقطة.

قلة عدد القوة الجوية

وقال بعض الخبراء، إن قلة عدد القوة الجوية المتاحة في أوكرانيا وضعت قوات كييف في وضع غير مواتٍ هذا الصيف ضد طائرات الهليكوبتر الهجومية الروسية، التي هاجمت دبابات وعربات مدرعة أوكرانية، وقالت وزارة الدفاع البريطانية، إن بعض طائرات الهليكوبتر الروسية مزودة بصواريخ مضادة للدبابات، ويتم إطلاقها إما لمسافة بعيدة أو على ارتفاع مُنخفض للغاية، إذ لا يمكن للدفاعات الجوية الأوكرانية اعتراضها.

وأضاف الكولونيل ماركوس رايزنر من أكاديمية التدريب العسكرية في النمسا، أنه بوجود المزيد من الطائرات الحربية يمكن لأوكرانيا الدفاع بشكل أفضل عن قواتها البرية من تلك الهجمات، متابعًا "المنطق العسكري يخبرك بأنه يجب أن يكون لديك تفوق جوي لإجراء عمليات برية ناجحة، ورغم أن بعض الجنرالات الأمريكيين يقولون إن هذا ليس ما يحتاجه الأوكرانيون في الوقت الحالي، لكني أعتقد أن تصريحاتهم سياسية وليست عسكرية".

لا يوجد تفوق جوي

أضاف تقرير "نيويورك تايمز" أنه لم تتمكن أوكرانيا ولا روسيا، على الرغم من تفوقها الساحق على ما يبدو من تحقيق التفوق الجوي، ومنذ بداية الأزمة، كان لدى روسيا 10 أضعاف عدد الطائرات المقاتلة بالنسبة لأوكرانيا، نحو 772 طائرة بينما تمتلك أوكرانيا 69 طائرة، وفقًا لموقع "Global Firepower"، الذي يصنف قدرات الحرب التقليدية، وفي الأشهر الـ18 التي تلت ذلك، اعتمد كلا الجانبين على المدفعية والطائرات دون طيار والصواريخ بعيدة المدى للهجوم، لأن كلًا من أوكرانيا مع استخدامها صواريخ باتريوت، وروسيا بأنظمة الدفاع الجوي S-400 لديها دفاعات جوية هائلة، ردع بعضها بعضًا عن شن غارات جوية بالقرب من الخطوط الأمامية أو خلفها بطائرات مُقاتلة.

الطيارون الأوكران لا يقتربون من الأهداف

يحرص الطيارون الأوكرانيون الذين يقودون طائراتهم المقاتلة "ميج" و"سوخوي"، التي تعود إلى الحقبة السوفيتية على عدم الاقتراب كثيرًا من أهدافهم أو البقاء في الهواء لفترة طويل، لتجنب أن يصبحوا أهدافًا سهلة، فهم يقتربون بقدر جرأتهم، ثم يطلقون الصواريخ بما في ذلك الصواريخ طويلة المدى، التي قدمتها بريطانيا وفرنسا أخيرًا على مستودعات الوقود والذخيرة والأهداف العسكرية الأخرى قبل أن يتحركوا بعيدًا، وفي ضوء هذه القيود، قال مسؤول في إدارة بايدن، خلال مقابلة الأسبوع الماضي، إنه من غير الواضح ما إذا كانت القوات الأوكرانية ستكون قادرة على تقديم الدعم للقوات البرية حتى لو كانت لديها طائرات F-16.

القوات الأوكرانية تقاتل بأسلوبها وليس على النهج الغربي

عانت أوكرانيا خسائر فادحة في وقت مبكر من الهجوم المُضاد، خلال محاولة اتباع نهج هجوم "الأسلحة المشتركة"، كما قرر بعض القادة التخلي عن هذا الجهد والعودة إلى التكتيكات التي يعرفونها جيدًا، وهي إطلاق المدفعية والصواريخ لتقويض القدرة القتالية لروسيا في حرب استنزاف، ولم يكن ذلك مفاجأة كاملة للخبراء العسكريين، الذين قالوا إن المشكلات تجاوزت إلى حد بعيد غياب القوة الجوية، ونقلت "نيويورك تايمز" عن الكولونيل المتقاعد ستيف بويلان - طيار مدرب بالجيش الأمريكي ومتحدث سابق باسم مركز الأسلحة المشتركة للجيش في فورت ليفنوورث بولاية كانساس - إن الأمر يستغرق سنوات حتى تعلمت القوات الأمريكية "كيفية القيام بذلك بشكل فعّال"، وقال "بويلان" إن التكتيكات تم تطويرها كطريقة أفضل للقتال بعد حرب الخنادق الدموية في الحرب العالمية الأولى، لكن القوات الأمريكية لم تقاتل ضمن وحدات الأسلحة المشتركة حتى حرب الخليج 1990-1991 كما يتم نشرها اليوم، ويؤدي القتال دون أحد تلك العناصر، مثل القوة الجوية في حالة أوكرانيا، إلى إجبار باقي الوحدات على التكيف، لكنه عبر عن شكه في أن الأوكرانيين سيلتزمون بالتعليمات والتدريب والتخطيط الغربي كأساس، ثم تعديله إلى ما يناسبهم بشكل أفضل.

عدد الطائرات غير كافٍ

نقلت الصحيفة الأمريكية عن دوجلاس باري، خبير الطيران العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، إن إرسال عدد قليل من طائرات F-16 إلى المعركة لن يحدث فرقًا كبيرًا في الحرب، مضيفًا "يجب أن يكون عدد الطائرات كافيًا وأن تكون على مستوى المهمة".

وأوضح "باري" أنه إذا كان لدى أوكرانيا أسراب متعددة مدربة ومجهزة بشكل صحيح من طائرات F-16 كانت ستساعد في الهجوم المضاد ولو نظريًا.

يذكر أن جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، أعلن الشهر الماضي، سماح واشنطن للدول الأوروبية بتدريب عسكريين أوكرانيين على طائرات مقاتلة من طراز F 16، في مواجهة التفوق الجوي الروسي، وقال سوليفان في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية: "لقد أعطى الرئيس جو بايدن الضوء الأخضر وسنسمح وندعم ونسهل، وفي الواقع نوفر الأدوات اللازمة للأوكرانيين لبدء تدريبهم على طائرات F 16، بمجرد أن يصبح الأوروبيون مستعدين".