حرائق مروعة أسفرت عن مقتل 36 شخصًا على الأقل، في واحدة من أكثر حرائق الغابات فتكًا في الولايات المتحدة بالتاريخ الحديث، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن الدمار مثير للدهشة بسبب مكان حدوثه، في مكان مثل الجنة، يشتهر بالنباتات المورقة، وبعيد كل البعد عن المناظر الطبيعية الجافة المرتبطة عادةً بالحرائق.
ارتفاع حرارة الكوكب
وتابعت الصحيفة أن التفسير المباشر لحرائق هاواي هو أنه مع ارتفاع حرارة الكوكب، لا يوجد مكان محمي من الكوارث، كما يمكن القول إن قصة الحريق بدأت منذ عقود، عندما بدأت هاواي تشهد انخفاضًا طويل الأمد في متوسط هطول الأمطار السنوي، ومنذ عام 1990، انخفض هطول الأمطار بنسبة 31% في موسم الأمطار، وفقًا لرصد أجراه باحثون في جامعة هاواي وجامعة كولورادو، عام 2015.
مشكلة الجفاف
وعن أسباب هذا التغيير، قالت الدكتورة أبي فرايزر، عالمة المناخ في جامعة كلارك، التي أجرت أبحاثًا حول هاواي، إن أحد العوامل هو ظاهرة "النينيا"، نمط من الطقس أدى عادةً إلى هطول أمطار غزيرة، لكن الأمطار بدأت في التراجع منذ بداية الثمانينيات، مضيفة أن ظاهرة "النينيا" الأضعف أصبحت "لا تحل مشكلة الجفاف من الجفاف".
وتابعت "فرايزر": "مع ارتفاع درجات الحرارة، تصبح الغيوم فوق هاواي أقل، ومع قلة الغطاء السحابي تعني هطول أمطار أقل، وعلاوة على ذلك كانت العواصف الكبيرة تتحرك شمالًا بمرور الوقت، ما أدى إلى تقليل كمية الأمطار التي تجلبها عادةً إلى الجزر، وجميع تلك التغييرات مرتبطة على الأرجح بارتفاع درجات الحرارة، ومن المحتمل أن تكون هناك إشارة لتغير المناخ في كل ما نراه.
ارتفاع الحرارة
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن ما يقرب من 16% من مقاطعة "ماوي"، حيث تشتعل حرائق الغابات، تعاني جفافًا شديدًا، وفقًا للبيانات الصادرة عن مراقب الجفاف الأمريكي، كما أن 20% في حالة جفاف معتدل، ومع انخفاض متوسط هطول الأمطار السنوي، زاد متوسط درجات الحرارة في هاواي، كما هو الحال في أي مكان آخر في العالم، ما زاد من جفاف الغطاء النباتي، وفي ورقة بحثية نُشرت عام 2019، كتب باحثون من جامعة هاواي أن عام 2016 كان أكثر دفئًا من متوسط 100 عام بمقدار 0.92 درجة مئوية، وأن درجات الحرارة كانت ترتفع بمقدار 0.19 درجة مئوية لكل عقد، بحسب بيانات مرصد "ماونا لوا".
جفاف المناظر الطبيعية
يعد جفاف المناظر الطبيعية في هاواي جزءًا من اتجاه يؤثر على الغابات المطيرة في جميع أنحاء العالم، فالغابات المطيرة حساسة للغاية للتغيرات الخاصة بهطول الأمطار، وتؤدي درجات الحرارة المرتفعة والجفاف والتغيرات في أنماط المطر إلى إجهاد الأشجار، التي تجف جذوعها وتتساقط أوراقها، لتسمح مظلة التخفيف لأشعة الشمس بالوصول إلى التربة، ما يجعلها تجف بسرعة، وعلى مدى عقود يمكن أن يجبر الجفاف والحرارة والحرائق وإزالة الغابات المطيرة على الانتقال إلى الأراضي العشبية الجافة أو صحراء السافانا.
غابات الأمازون ونقطة اللا عودة
وتقترب أجزاء من غابات الأمازون المطيرة، وهي الأكبر في العالم، بسرعة من هذا التحول، وهي "نقطة اللا عودة" عندما يتغير النظام البيئي الرطب إلى الأبد، وتتحد الغابات المتدهورة، وأنماط الطقس المتغيرة، من أجل خلق ظروف مثالية للحرائق، التي غالبًا ما تبدأ بالنشاط البشري، لتنمو إلى حرائق هائلة لا يمكن السيطرة عليها، وفي الغابات الاستوائية زاد فقدان الأشجار، بسبب الحرائق بنسبة 5% في المتوسط كل عام، على مدار العشرين عامًا الماضية.
التهديدات المناخية في هاواي
تزايدت التهديدات المناخية الأساسية في هاواي، هذا الأسبوع، بسبب تهديد منفصل، وهو إعصار دورا، الذي مر جنوب هاواي كإعصار من الفئة الرابعة، الثلاثاء الماضي، وعلى الرغم من أن العاصفة كانت على بعد مئات الأميال من ساحل ماوي، إلا أنها أسهمت في زيادة سرعة الرياح بأكثر من 60 ميلًا في الساعة، ما ساعد على انتشار الحريق بسرعة كبيرة، ورغم أنه من الصعب أن نعزو أي إعصار بشكل مباشر إلى تغير المناخ، لكن من خلال زيادة درجات حرارة الهواء والمحيطات، فإن ظروف "الاحترار" تزيد من احتمالية اكتساب العواصف الكبيرة القوة.