الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رسائل متنوعة.. لماذا تستعرض إيران بقدراتها الصاروخية؟

  • مشاركة :
post-title
إيران تستعرض أحد صواريخها في عرض عسكري ـ أرشيفية

القاهرة الإخبارية - نورا فايد

تحاول إيران في الفترة الأخيرة، استعراض قدراتها العسكرية عامة والبحرية بشكل خاص، حيث كشفت عن صواريخ ومسيرات وأجهزة تسليحية جديدة محلية الصنع، إذ أعلن قائد القوات البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني "علي رضا تنكسيري" في 5 أغسطس 2023، عن "تزويد البحرية الإيرانية لأول مرة بمسيرات وصواريخ كروز باليستية جديدة يتراوح مداها بين ثلاثمائة وألف كيلومتر، فضلًا عن تزويدها بصواريخ تعمل بالذكاء الاصطناعي وأنظمة الحرب الإلكترونية"، وفي الوقت ذاته، كشفت "وكالة تسنيم الإيرانية" في 9 أغسطس الجاري، عن حصول طهران على "تكنولوجيا تصميم الصواريخ فرط صوتية وأنها في مرحلة الاختبار".

دلالات التوقيت:

هدفت إيران من الإعلان عن امتلاك قواتها البحرية لصواريخ ومسيرات حديثة في هذا التوقيت، التأكيد على تعزيز لقدراتها الدفاعية ورفع مستوى جاهزيتها القتالية، وهو ما يأتي بالتزامن مع جملة من التطورات، يمكن إبرازها على النحو التالي:

(*) تطوير إيراني متواصل للقوات البحرية: ما كشفه "تنكسيري" عن تزويد البحرية الإيرانية التابعة للحرس الثوري، يأتي بعد مرور عشرة أيام، على إعلان وزير الدفاع الإيراني "محمد رضا آشتياني" في 25 يوليو الماضي، عن "تزويد بحريتي الحرس الثوري والجيش بصواريخ بعيدة المدى من طراز "كروز" محلية الصنع مداها ألف كيلومتر، ووقتها وصف الوزير الإيراني هذه الصواريخ بـ"الاستراتيجية ولا مثيل لها"، وذلك نظرا لقدرتها على إصابة أي هدف بدقة وامتلاكها قوة تخريبية عالية، فضلًا عن قدرتها على تجاوز أية عوائق أو رادارات تنصبها الأعداء.

لكن اللافت للنظر، أن تسليط "آشتياني" الضوء على هذه الصواريخ، جاء عقب عدة أيام على إعلان القيادة المركزية للجيش الأمريكي (سنتکوم) عن "نشر طائرات حربية في الخليج العربي من طراز A-10 Thunderbolt II، وأسراب مقاتلة من طراز F-16 وF-35، ومدمرة الصواريخ “يو إس إس توماس هودنر”، وغواصة “يو إس إس فلوريدا” التي تعمل بالطاقة النووية، وثلاث سفن هجومية برمائية تحمل آلاف الجنود على متنها"، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية أن الهدف من إرسال هذه السفن الحربة "حماية السفن من أعمال إيران".

(*) استهداف البحرية الإيرانية للمعدات العسكرية الأمريكية: الكشف عن هذه الصواريخ جاء بعد شهر تقريبًا على إعلان قائد سلاح البحرية بالحرس "تنكسيري" مطلع يوليو الماضي، عن نجاح بحرية الحرس الثوري في تدمير عدد من المعدات العسكرية الأمريكية في الخليج، ولم يوضح المسؤول الإيراني طبيعة الأهداف الأمريكية التي تم استهدافها، إلا أنه اكتفى بالقول إن "بحرية الحرس الثوري قدمت أكثر من 800 شهيد في الدفاع عن "الثورة الإسلامية"، وذلك بعد توجيهم 6 ضربات قوية للاستكبار الأمريكي"، وفي محاولة منه لإثبات قدرة الصواريخ الإيرانية ودورها الرئيسي في تدمير معدات عسكرية لواشنطن، أضاف قائلًا، "إذا لم يكن لدينا الصواريخ، فإن أمننا القومي سيكون في خطر، خاصة أن نحو 90% من صادرات إيران تتم عبر البحر".

(*) مناورات "العميد إسحاق دارا": لا يمكن فصل ما أعلنه المسئول الإيراني عن المناورات التي انطلقت في 2 أغسطس الجاري، وأطلق عليها اسم "العميد إسحاق دارا"، خاصة أن هذه المناورات جاءت من ضمن المحاولات الإيرانية للرد على إعلان "البنتاجون" بإرسال طائرات مقاتلة وسفن لردع إيران عن مصادرة السفن في مياه الخليج العربي، ولذلك خلال هذه المناورات أزاح مسؤولو الملالي الستار عن "منظومة صاروخ كروز "قدير" وصاروخ "فتح 360" الباليستي المزودين بالذكاء الاصطناعي، إلى جانب سفن مزودة بصواريخ يصل مداها 600 كيلومتر، معلنين انضمامهما لبحرية الحرس الثوري، والهدف الرئيس من ذلك هو إبراز القدرات والاستعدادات الدفاعية التي باتت تتمتع بها القوة البحرية للحرس الثوري وقدراتها على حماية "أمن الخليج".

صاروخ "كروز" إيراني

رسائل إيرانية

في ضوء التطورات سالفة الذكر، يمكن القول إن جملة من الرسائل تدفع إيران بشكل مستمر إلى الإعلان عن امتلاكها أحداث أنواع الأسلحة من الصواريخ والطائرات، وتزايد ذلك في هذا التوقيت، يحمل ثمة رسائل يرغب النظام الإيراني في تسليط الضوء عليها، يمكن توضيحها كما يلي:

(&) إبراز قدرة المؤسسات الإيرانية على تصنيع الأسلحة: نلاحظ أنه في كل مرة يُعلن فيها عن امتلاك القوات الإيرانية سواء العسكرية أو البحرية لأسلحة جديدة، تحاول القيادة العسكرية الإيرانية، التأكيد على محلية صنع هذه الأسلحة، وأنها أنتجت بـ"عقول وأيادٍ إيرانية خالصة"، والهدف الرئيس من ذلك إيصال رسالة للأطراف خاصة الخارجية وتحديدًا الأمريكية والإسرائيلية، مفادها أن طهران نجحت خلال السنوات الماضية في تعزيز صناعاتها الصاروخية بأحداث الأجهزة التكنولوجية، وهو ما ساهم في تحقيق إنجازات بمجال الصناعات العسكرية الإيرانية.

(&) إثبات عدم فعالية العقوبات الأمريكية: من الرسائل الأخرى وراء تسليط طهران الضوء بشكل متصاعد على القفزة التي حققتها في مجال الصناعات العسكرية، هو إيصال رسالة لأمريكا مفادها أن العقوبات المفروضة على إيران والتي تزايدت بشدة عقب انسحاب الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" من الاتفاق النووي في 2018، والتي نجم عنها تدهور في الاقتصاد الإيراني والعملة المحلية للبلاد؛ لم تثن طهران عن امتلاك بل وتصنيع أحدث الأسلحة وتوجيهها في الوقت ذاته لاستهداف أية قوات أمريكية موجودة بمياه الخليج، وتكبيدها خسائر جمة، بشكل يدفع كل من واشنطن وإسرائيل لإبداء قلقهم من هذه الأسلحة الإيرانية، وهو ما يفسر اتجاه واشنطن في كل مرة تجري فيها إيران مناورات أو تعلن عن تعزيز قواتها بصواريخ ومسيرات جديدة، إلى تعزيز وجودها العسكري بالمنطقة سواء من خلال إرسال جنود أو طائرات وأسلحة أمريكية، رغم أن واشنطن تعلن في كل مرة أنها ستقلل من وجودها بالمنطقة إلا أنها تتراجع بعد ذلك.

(&) الاستعداد الإيراني لأية مواجهات مستقبلية: إن الرسالة الأخرى التي تريد طهران إيصالها، هو قدراتها خلال الفترة المقبلة على مواجهة أية محاولات من قبل أمريكا لاستهداف إيران أو قواتها في مياه الخليج، في الوقت ذاته تحاول طهران إثارة مخاوف واشنطن فيما يتعلق بالميليشيا الموالية لطهران في دول المنطقة، بالقول إن هذه الميليشيا مستعدة في أي وقت للتصعيد واستهداف أهداف أمريكية في حال منحتها إيران "الضوء الأخضر.

(&) تعزيز موقفها التفاوضي في المفاوضات النووية: تحاول طهران من خلال تطوير قدراتها الصاروخية والعسكرية والنووية أن تستبق مفاوضات إحياء الاتفاق النووي في فيينا، وذلك بعد توقف هذه المفاوضات من أغسطس الماضي بعد حوالي تسع جولات، ولكن هناك بعض الأنباء التي تفيد بأن هذه المفاوضات ستستأنف قريبًا، وهو ما أعلنه "شهريار حيدري" عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني: في مايو الماضي، قائلًا، "وفقًا لسلسلة الرسائل التي وصلتنا من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، من المحتمل استئناف محادثات النووي"، ولذلك تريد إيران تحسين موقفها التفاوضي والضغط على الدول الخارجية لإجبار واشنطن على العودة للاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران.

تأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن إعلان إيران عن دعم قواتها البحرية بأحدث الصواريخ والمسيرات، هو محاولة من قبل السلطات الإيرانية للرد على دفع أمريكا بقوات ومعدات عسكرية نحو الخليج من ناحية، واستمرار تحذيراتها لطهران من دعمها لموسكو بالمسيرات في الحرب الروسية الأوكرانية، وفي ضوء ذلك، لن تتوقف إيران عن استعراض قوتها العسكرية بل العكس ستعمل خلال الفترة المقبلة على إبرازها أكثر لتحقيق مصالحها في المنطقة.