ابنة وحيدة لأسرتها، ولدت على متن باخرة تقل أسرتها من تركيا إلى بيروت، ليستقر بهم الأمر في سوريا، وتحديدًا جبل الدروز، ومن هنا وفي هذا المكان اكتشفت آمال الأطرش موهبتها، تلك الطفلة الصغيرة التي توغلت الموسيقى في أعماقها، وبدأت تغني في المدرسة والمنزل لكبار مطربي الوطن العربي، منهم أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وشقيقها فريد الأطرش.
الغناء في المنزل كان نقطة النور؛ لتنطلق تلك الفتاة الموهوبة في مشوارها الفني، فحينما جاء أحد الموسيقيين الكبار وهو الملحن داود حسني إلى شقيقها وسمع صوتها، قرر أن يتبنى تلك الموهبة وأطلق عليها اسمها الفني أسمهان.
أسمهان التي ولدت في 25 نوفمبر عام 1912، ورحلت عن عالمنا 14 يوليو عام 1944، فتحت لها الشهرة أبوابها وقدمت العديد من الأغنيات الناجحة منها "يا حبيبي تعالى ألحقني، رجعت لك حبيبي، يا طيور، ليالي الأنس في فيينا"، وتسربت بصوتها المليء بالشجن والحب إلى جمهور الوطن العربي بسهولة، ولم يتوقف الأمر على هذا بل كان الغناء والشهرة سببًا لدخولها عالم السينما، فعام 1941 قدمت أول أفلامها "انتصار الشباب" مع شقيقها فريد الأطرش، ولكن بعد فترة قررت أن تترك تلك التجربة وختمتها بفيلم "غرام وانتقام".
تلك المسيرة الطويلة جذبت الرسام السوري الشاب يوسف اليوسف، ليجمع تفاصيل ما قدمته في معرض له، ويوثق صور وأرشيف المغنية السورية أسمهان الأطرش بمناسبة ذكرى وفاتها التاسعة والسبعين، في المركز الثقافي العربي في أبو رمانة، إذ ضم المعرض 300 صورة، بالإضافة إلى عدد كبير من المقالات النادرة والصور والوثائق الخاصة بأسمهان، ورسائل بخط يدها باللغتين العربية والفرنسية، ولوحة رسمها اليوسف لأسمهان تنتمي لعالم الفن السريالي.
وكشف الرسام الشاب عن سبب تحمسه لهذا المعرض، إذ قال لـ وكالة "سانا": منذ 4 سنوات وأنا أجمع أرشيف الفنانة أسمهان بشغف حتى انطلقت الفكرة بمخيلتي في العام الماضي؛ ليكون هذا المعرض هو الأول من نوعه، ولا سيما بعد إتلاف قسم كبير من مقتنياتها وأسطواناتها وصورها بفعل الزمن.
ولفت اليوسف الذي يدرس الحقوق في جامعة دمشق إلى أنه قرأ في عام 2019 عن المطربة أسمهان لأول مرة، فجذبته تفاصيل حياتها بقوة، للاطلاع على مسيرتها الفنية والحياتية بالمجمل، والاستماع إلى أغنياتها دون كلل رغم رداءة بعض التسجيلات التي مضى عليها وقت طويل من الزمن.
وأكد أن كثرة التناقضات لفتت نظره بما ينشر عنها، إضافة إلى ندرة التصريحات الإعلامية من قبل الشخصيات المعاصرة لها، وغموض تاريخها والاتهامات الجارحة التي طالتها بعد موتها، ولا سيما أنها لم تجر أي حوار إذاعي.
وتابع: قررت أن أبحث عن الحقائق بنفسي، وهنا كانت الصعوبة فحصلت على حوار مكتوب أجري معها بإحدى الصحف عام 1942، ومجموعة وثائق تعود إلى أكثر من 80 عامًا، وجميعها أغنت المعرض بالصور والمقالات الوثائقية.
