الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

حكايات المونديال.. زلزال مدمر ومعركة حامية في نسخة الأزمات 1962

  • مشاركة :
post-title
منتخب البرازيل 1962

القاهرة الإخبارية - محمد سمير

دائمًا، تستحوذ بطولات كأس العالم على الاهتمام الجماهيري والإعلامي، باعتبارها البطولة الأكبر في كرة القدم، وتجمع منتخبات من قارات مختلفة وسط أجواء رائعة.

النسخة الجديدة من المونديال 2022 في قطر كنسخة استثنائية، خاصة وأنها النسخة الأولى التي ستقام في بلد عربي.

ويستقل موقع "القاهرة الإخبارية" آلة الزمن لتعود بالذكريات إلى البطولة السابعة من المونديال، وهي نسخة كأس العالم لكرة القدم 1962، التي أقيمت في تشيلي من 30 مايو إلى 17 يونيو.

معركة استضافة المونديال

بدأت حكاية مونديال 1962 بمعركة كبيرة شنتها دول أمريكا الجنوبية علي الاتحاد الدولي لكرة القدم وصلت إلى التهديد بالمقاطعة مثلما حدث مع نسخة 1938، قبل أن يستجيب الاتحاد الدولي للمطالب ويُجبر على اختيار دولة لاتينية تستضيف البطولة خوفًا من المقاطعة، لتفوز تشيلي بشرف استضافة البطولة بعد منافسة شرسة مع الأرجنتين، حسمتها تشيلي بسبب خطاب رئيس اتحاد كرة القدم كارلوس ديتبورن، الذي ألقى خطاباً في حفل تقديم ملف بلاده استطاع من خلاله إجبار فيفا على اختيار تشيلي، عندما ختم خطابه قائلاً: "ليس لدينا شيء ولذلك يجب أن يكون لدينا كأس العالم".

نسخة المأسويات

شهد مونديال 1962 مأسويات عديدة، بدأت عام 1960 عندما ضرب تشيلي زلزال قوي، عُرف باسم "فالديفيا"، والذي صُنف كأقوى زلزال ضرب الأرض على الإطلاق، حيث سجل 9,5 على مقياس درجة ريختر، مما أدى إلى تدمير كبير في البنية التحتية، ولعبت البطولة في 4 ملاعب بدلاً من 10، بسبب الدمار واسع الانتشار الذي أحدثه الزلزال.

وشجعت آثار الدمار، الصحف الإيطالية لمهاجمة تشيلي مشككة في قدرتها على استضافة المونديال، مستخدمة كلمات قوية اتهمت فيها تشيلي بالفقر والجهل وتخلف الشعب، لينشب خلاف حاد بين البلدين تسبب في توتر الأحداث، لتنشب معركة من أعتى معارك الرياضة في العالم، وهي معركة سانتياجو.

الأزمات تضرب التصفيات

لم تخلو التصفيات المؤهلة لمونديال 1962 من الأزمات، حيث ظهرت اعتراضات كبرى على نظام التصفيات في إفريقيا وآسيا، مما غير نظام التأهل بعد البطولة بسبب تهديد القارتين بالانسحاب من التصفيات فيما بعد.

وكان نظام البطولة مشابهاً لـ1958، حيث تأهل 16 منتخباً، قسمت على 4 مجموعات، بحصول المنتصر على نقطتين والمتعادل على نقطة، وتم اللجوء لفارق الأهداف في حالة تساوي المنتخبات في عدد النقاط، ولم يتم اللجوء لمباراةٍ فاصلة لتحديد بطل المجموعة كما كان يحدث سابقاً.

معركة سانتياجو الأعنف في التاريخ

شهدت أحداث مونديال 1962 مأساة جديدة بعدما كانت المجموعة الثانية على موعدٍ مع التاريخ، حيث شهدت معركة سانتياجو الأعنف في تاريخ كؤوس العالم، حيث أطلق لقب معركة سانتياجو على مباراة الجولة الثانية في المجموعة الثانية بين إيطاليا وتشيلي، والتي كانت في 2 يونيو 1962 في العاصمة التشيلية سانتياجو.

أدار اللقاء الحكم الإنجليزي كين أستون، الذي يعود الفضل إليه في ابتكار البطاقات الصفراء والحمراء في وقت لاحق، وكانت المعركة قد بدأت قبل البطولة، حيث شن الصحفيان الإيطاليان، أنطونيو تشيريلى وكورادو بيزينيلى، هجوماً لاذعاً على تشيلي، وذلك بسبب عدم إقامة البطولة في أجواءٍ صحية بسبب الفقر والتخلف، وترجمت الصحف التشيلية المقالات وأثارت حفيظة الجماهير ولاعبي المنتخب.

تم طرد الإيطالى جورجيو فيريني بعد ارتكابه خطأ على هورينو أندا، لاعب منتخب تشيلي، لكنه رفض الخروج، فتم إخراجه بالقوة من قبل رجال الشرطة المتواجدين في الملعب، وكان لاعب منتخب تشيلي ليونيل سانشيز قد رد على تلك العرقلة بلكم اللاعب الإيطالي ماريو ديفيد، لكن الحكم تغاضى عن طرده مما دفع ماريو دافيد لركل ليونيل سانشيز على رأسه، في الدقيقة 29، وتم طرده ولعب المنتخب الإيطالي بتسعة لاعبين مما تسبب في فوضى عارمةٍ، وضرب ولكمات طوال المباراة التي انتهت بتفوق تشيلي بهدفين نظيفين، وتم وصفها بالمباراة الأعنف في تاريخ كرة القدم.

إصابة بيليه تضرب البرازيل في مقتل:

لم تقف مأسويات البطولة عند هذا الحد، بل وصلت إلى إصابة الأسطورة البرازيلية بيليه في مباراة تشيكوسلوفاكيا ليغيب عن بقية البطولة، لكن تألق جرينشيا وأماريلدو قادا البرازيل لتحقيق المفاجأة والتتويج بالمونديال، بعدما توقع الجميع انهيار البرازيل بعد إصابة نجمه الأول بيليه، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً، حيث تغلب السامبا على إنجلترا بنتيجة (3-1)، وعلى الجانب الآخر حققت يوغوسلافيا المفاجأة وانتصرت بهدفٍ نظيف، وفاجأت تشيكوسلوفاكيا المجر بهدفٍ نظيفٍ أيضاً، أما كبرى المفاجآت كانت فوز تشيلي الدولة المستضيفة على الاتحاد السوفيتي بطل أوروبا بنتيجة (2-1).

توقعت الصحف أن تشهد البطولة مفاجأةً جديدة، لكن البرازيل اكتسحت تشيلي على أرضها (4-2)، وفي المقابل هزمت تشيكوسلوفاكيا يوغسلافيا بسهولة (3-1).

نهائي المونديال وتألق جرينشيا "المعاق":

أقيمت المباراة النهائية على ملعب خوليو مارتينيز برادانوس الوطني بالعاصمة سانتياجو، وسط حضور 68,679 متفرج، تقدم منتخب تشيكسلوفاكيا عن طريق يوسييف، وذلك قبل أن يتعادل أماريلدو للبرازيل، ثم سجل زيتو وفافا هدفين في الشوط الثاني أنهيا المباراة بنتيجة (3-1)، وتوج منتخب السامبا باللقب الثاني على التوالي.

كانت الصحافة البرازيلية سعيدة خاصة أنها لم تتوقع أن ينجح الفريق في الفوز بالبطولة بعد إصابة بيليه، وكانت البرازيل وقتها بقيادة المدرب إيموري موريرا الذي خلف المدرب العظيم فيولا، الذي قاد البرازيل لمونديال 1958، وحقق جرينشيا جائزة أفضل لاعب في المونديال.

الغريب في الأمر أن جرينشيا ولد بإعاقةٍ تعيق الشخص العادي عن المشي، ولكن على النقيض جعلته هذه الإعاقة أفضل جناح أيمن في تاريخ كرة القدم، حيث كان لديه (اعوجاج) في الركبتين نحو الخارج، و(اعوجاج) في العمود الفقري، وحتى الحوض كان مائلا بوضوح نحو اليسار، لينجح اللاعب في إبهار الجميع بمراوغاته غير الطبيعية، وكانت له حركة شهيرة، وهي أنه كان يراوغ على مرتين، الأولى دون كرة يقوم فيها بتمويه جسدي وقدمه اليمنى التي يموه بها، ثم يقفز على اليسرى كي يعطي الانطباع أنه يريد الانطلاق، وعند لحظة ما يفلت بسرعته حتى توج بمونديال 1962 الذي سُمي باسمه.