الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

نتائج واقعية.. ما مخرجات اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية؟

  • مشاركة :
post-title
اجتماع العلمين

القاهرة الإخبارية - ضياء نوح

احتضنت مدينة العلمين، يوم الأحد 30 يوليو 2023، اجتماعًا تاريخيًا للأمناء العامين وممثلي الفصائل الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس أبو مازن، شدد على إنهاء الانقسام وجدولة لقاء قريب تحتضنه الأراضي المصرية لتطوير خطة عمل وطني تبني على مخرجات الاجتماع.

وبرغم غياب بعض الفصائل عن اجتماع العلمين، إلا أن اللقاء يعد بداية لعملية جديدة تبني على ما تحقق في ملف المصالحة، وتستدعي استمرار اللقاءات برعاية مصرية وبدعم عربي واسع يحي آمال تحقيق تلك الأهداف، والمضي قدمًا في إجراءات حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

مخرجات الاجتماع

تناول اجتماع العلمين الخطوط العريضة لأجندة الوفاق الوطني الفلسطيني وإعادة مد جسور الحوار بين الفصائل لتنسيق جهود مواجهة مخططات الحكومة الإسرائيلية، وتناول الأولويات التالية:

(*) توحيد الجبهة الوطنية الفلسطينية: من خلال تأكيد وحدة المؤسسات أكد الاجتماع على الدور الحيوي لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وأهمية أن ينضوي تحت لوائها جميع فصائل العمل الوطني الفلسطيني لتحقيق هدف بناء الدولة المستقلة والموحدة. وكانت قضية الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني محل تباحث من المجتمعين، في ظل تعذر إجرائها دون السماح بمشاركة أبناء القدس الشرقية المحتلة فيها ترشحًا وتصويتًا، وفق كلمة الرئيس الفلسطيني، الذي طالب بتشديد الضغوط على إسرائيل لعدم إعاقة العملية الانتخابية هناك.

بينما شدد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية على أهمية إعادة بناء وتطوير منظمة التحرير وتشكيل المجلس الوطني على أسس ديمقراطية، وإعادة توحيد المؤسسات في الضفة والقطاع بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

(*) تثبيت آلية الأمناء العامين: مثّل الاجتماع الحضوري للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بادرة لتفعيل تلك الآلية لاستمرار جهود حول سُبل إنهاء الانقسام، فضلًا عن إيجاد مساحة للتشاور والتباحث حول سُبل مواجهة خطط السلطات الإسرائيلية، عبر تشكيل لجنة متابعة من الفصائل للبناء على مخرجات الاجتماع وتعميق التوافق بمحاصرة بؤر الخلاف.

كما أشارت تصريحات قادة الفصائل لشاشة "القاهرة الإخبارية" إلى أهمية استكمال الحوار والاتصالات مع الفصائل غير المشاركة وهي (حركة الجهاد، وطلائع حرب التحرير الشعبية، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة).

(*) خريطة تحرك وطنية: من بين القضايا التي شهدت إجماعًا فلسطينيًا خطورة الوضع الراهن في ظل وجود الحكومة الأكثر تطرفًا في إسرائيل، وأهمية تعميق الشعور بالمسؤولية الوطنية التي تتطلب تحركًا شاملًا، لمواجهة مخططات تهويد القدس التي تتخذ مسار التقسيم الزماني والمكاني للحرم الشريف بالتزامن مع تمدد حركة الاستيطان في عموم الضفة الغربية.

لكن التباينات بدت واضحة في خطابات القادة المجتمعين حول سُبل المواجهة، إذ شدد الرئيس عباس في كلمته على أهمية النضال السياسي والدبلوماسي والقانوني الذي عزز من مكانة فلسطين على الساحة الدولية كعضو مراقب في الأمم المتحدة 2012، وتوسيع الاعتراف الدولي بفلسطين على مستوى الدول والمنظمات الأممية والدولية، فضلًا عن مواصلة نشر الرواية الفلسطينية لدحض الرواية الإسرائيلية بشأن نشأة وتطور الصراع.

وفي المقابل ذكر إسماعيل هنية أن عملية تسوية الصراع بلغت "طريقًا مسدودًا" في ظل انشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية عن القضية الفلسطينية، ووجود حكومة متطرفة، واعتبر أن "المقاومة الشاملة هي الخيار الاستراتيجي لإنجاز مشروع التحرير".

محددات رئيسية

يرتبط تحقيق أهداف الاجتماع بمجموعة من المحددات المهمة التي يمكن التعويل عليها في معالجة جذور أزمة استمرت لأكثر من 16 عامًا، وهو ما يمكن تفصيله في النقاط التالية:

الرئيس الفلسطيني في اجتماع العلمين

(&) تعزيز إجراءات الثقة: يحتل الجانب الأمني والسياسي أولوية على أجندة المصالحة الوطنية الشاملة، إذ مثّل وقف اعتقال عناصر الفصائل في الضفة الغربية هدفًا مشتركًا للفصائل التي لم تحضر الاجتماع وبعض الفصائل الحاضرة وعلى رأسها حركة "حماس"، في مقابل محاذير السلطة الوطنية الفلسطينية من نشاط عناصر الفصائل في الضفة الغربية.

(&) توحيد المؤسسات والرؤى: أقر الاجتماع على حق الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية في مقاومة الاحتلال، دون إنكار أي من أشكال المقاومة، ويظل المحك الرئيسي توحيد الصف الفلسطيني عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى توحيد المؤسسات في الضفة الغربية وقطاع غزة والإشراف على جهود إعادة الإعمار ومعالجة آثار العدوان في عموم الأراضي الفلسطينية، والأهم في توحيد الرؤى حول نهج قيادة الحراك الوطني في الرد على إجراءات الاحتلال وفق خيارات متكاملة تدعم السير باتجاه حل الصراع.

(&) تأمين جبهة دعم عربية دولية: جاء الاجتماع في مدينة العلمين انعكاسًا للدور الجوهري للقاهرة في تحريك الملفات الراكدة سعيًا لبناء استقرار مستدام في الإقليم يراعي المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني ونيل حقوقه في بناء دولته المستقلة والموحدة على خطوط الرابع من يونيو 1967، وهو ما لن يتحقق في ظل استراتيجيات إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني-الفلسطيني.

وتتكئ جهود المصالحة على دعم ومساندة ورعاية مصرية نجحت على مدار الأعوام الماضية في جمع الفرقاء الفلسطينيين على طاولة واحدة استنادًا لإرثها التاريخي كدولة جوار وشقيقة كبرى حاضنة للقضية الفلسطينية. وتتكامل مع الجهود المصرية دعم عربي واضح لإنهاء الانقسام وإعطاء دفعة للملف الفلسطيني إلى صدارة الأجندة الدولية، ومن بينها جهود الجزائر التي تبنت آخر اتفاق للمصالحة ولم الشمل الفلسطيني وساهمت في جمع الفرقاء في العاصمة الجزائر في أكتوبر 2022.

ولا ينفصل الدعم الدولي عن تلك الجهود في إطار الضغط على القيادة الإسرائيلية لإظهار إرادة حقيقية للسلام وفق مقررات الشرعية الدولية بالذهاب إلى حل الدولتين وبصورة أولية في وقف العدوان على الأراضي الفلسطينية والذي يساهم في إضعاف السلطة الوطنية

وإجمالًا؛ على الرغم من تكرار مساعي التقريب بين الفصائل الفلسطينية على مدار 16 عامًا، إلا أن تفاؤلًا حذرًا يلوح في أفق المصالحة الفلسطينية في ظل الإشارات الإيجابية التي أحاطت بانعقاد الاجتماع، أولها رمزية الدعوة للاجتماع إثر زيارة الرئيس أبو مازن إلى مدينة جنين ومخيمها بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، وثانيها في مكان الانعقاد بمدينة العلمين القابعة على الساحل الشمالي المصري، ما يؤشر على الحاجة لاستشراف نهج جديد في ملف الانقسام وبناء عملية جديدة للمصالحة ما يقوي الموقف الفلسطيني في مواجهة الحكومة الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل، وثالثها أن الفصائل التي لم تحضر الاجتماع (حركة الجهاد، طلائع حرب التحرير الشعبية "الصاعقة"، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة) أيدت بصورة مسبقة أي نتائج تخدم تحقيق المصالحة.