مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، بذل الغرب جهده لعزل موسكو وفرض الكثير من العقوبات عليها، حتى وصل الأمر إلى إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورغم أن الكرملين كان يعول على قمة بريكس المقبلة، لإظهار أن روسيا ليست معزولة، اتخذ بوتين قراره بالمشاركة افتراضيا، عبر الفيديو كونفرانس.
ورغم مشاركة الرئيس الروسي عبر الفيديو، وتمثيل روسيا من خلال وزير الخارجية سيرجي لافروف، أعرب اليوم عن ثقته في عقد قمة بريكس المقبلة على أعلى مستوى، مؤكدًا أن بلاده ستفعل كل ما بوسعها لدعم جنوب إفريقيا التي تترأس المنظمة هذا العام.
وقال "بوتين"، في اجتماع مع نظيره الجنوب إفريقي سيريل رامافوزا، إن روسيا تتفاعل بشكل وثيق في إطار المنظمة لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين دولها الخمس، مؤكدًا على أنه متأكد أن الاجتماع سيُعقد على أعلى مستوى.
أزمة حضور بوتين
وأثارت مسألة حضور الرئيس الروسي، قمة بريكس التي تقعد في الثاني والعشرين من الشهر المقبل، جدلًا كبيرًا خلال الفترة الماضية، إذ تحدثت تقارير إعلامية عن احتمالية اعتقاله حال خروجه من بلاده، إذ إن جنوب إفريقيا إحدى الدول الموقعة على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وكان بوتين يرغب في حضور القمة، لإثبات أن روسيا ليست معزولة وأنه بإمكانة التحرك، في وقت ترفض فيه موسكو المذكرة، بحسب وكالة "أسوشيتد برس"، حتى قرر ألا يحضر القمة شخصيًا لإعفاء جنوب إفريقيا من الحرج، إذ أكد رئيسها إنه لا يمكن اعتقال بوتين، معتبرً أن اعتقاله سيكون بمثابة إعلان حرب على روسيا.
أما نائب رئيس جنوب إفريقيا بول ماشاتيل فقال: "لا يمكننا دعوة شخص ما ثم نعتقله، الأمر يبدو وكأنك تدعو صديقك إلى منزلك ثم تعتقله، لهذا السبب بالنسبة لنا، فإن عدم مجيئه هو الحل الأفضل، الروس ليسوا سعداء رغم ذلك، يريدون أن يأتي".
وقالت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن رئيس جنوب إفريقيا، حاول إقناع بوتين بعدم الحضور، رغم إيضاح نائبه أن الرئيس الروسي يرغب في الحضور إلى جانب الزعيم الصيني شي جين بينج، والرؤساء الآخرين.
ويواجه الرئيس الروسي، خطر التوقيف إذا غادر الأراضي الروسية، وقالت رئاسة جنوب إفريقيا، إن الاتفاق على عدم الحضور "متبادل"، وجاء بعد عدد من المشاورات بشأن القمة.
وأكد "بوتين" أنه لن يحضر قمة المجموعة التي تهدف إلى إنهاء هيمنة الغرب، إذ إن التكتل الذي يضم روسيا والصين والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند، تأسس عام 2006 تحت اسم "بريك"، في قمة استضافتها مدينة يكاترينبورج الروسية، وهدفها إنهاء هيمنة الغرب على الاقتصاد العالمي، وتحول اسمها إلى بريكس في 2011، بعد انضمام جنوب أفريقيا إليها.
وهاجم أنصار روسيا، قرار عدم حضور بوتين للقمة، مؤكدين إنه كان على جنوب إفريقيا أن تصر على سيادتها وتستخدم سيادتها لحماية صديقها والدفاع عنه.
محاولة لتجنب الاعتقال
وحاولت جنوب إفريقيا بالفعل تجنب اعتقال بوتين، وطلب الرئيس سيريل رامافوزا، من المحكمة الجنائية الدولية، إعفاء بلاده من اعتقال بوتين، ووصف الأمر بأنه "إعلان حرب"، واستند إلى المادة 97، التي تنص على أن الدول يمكنها طلب عدم تنفيذ أي عملية اعتقال حال وجود مشكلات تحول دون ذلك.
نص المادة 97
تلزم المادة 97 من نظام روما الأساسي الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية بالتشاور مع المحكمة إذا تم تحديد مشكلة يمكن أن تعرقل أو تمنع تنفيذ طلب المحكمة الجنائية الدولية ، وتنص على: "عندما تتلقى دولة طرف طلبًا بموجب هذا الباب وتحدد فيما يتصل به مشكلات قد تعوق الطلب أو تمنع تنفيذه، تتشاور تلك الدولة مع المحكمة دون تأخير من أجل تسوية المسألة، وقد تشمل هذه المشكلات في جملة أمور ما يلي:
أ ) عدم كفاية المعلومات اللازمة لتنفيذ الطلب.
ب) في حالة طلب بتقديم الشخص، يتعذر، رغم بذل قصارى الجهود، تحديد مكان وجود الشخص المطلوب، أو يكون التحقيق الذي أجري قد أكد بوضوح أن الشخص الموجود في الدولة المتحفظة ليس الشخص المسمى في الأمر.
ج ) أن تنفيذ الطلب في شكله الحالي يتطلب أن تخل الدولة الموجه إليها الطلب بالتزام تعاهدي سابق قائم من جانبها إزاء دولة أخرى.