الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الجدوى الاقتصادية لـ"مهرجان العلمين الجديدة"

  • مشاركة :
post-title
مهرجان العلمين الجديدة 2023

القاهرة الإخبارية - رضوى محمد

استضافت مدينة العلمين الجديدة في الثالث عشر من يوليو الجاري، مهرجان العلمين الجديدة تحت شعار "العالم علمين"، ووفقًا لجدول المهرجان فإنه يستمر حتى السادس والعشرين من أغسطس المُقبل، إذ يضم العديد من العروض الفنية والثقافية والألعاب الرياضية التي تتميز بالتنوع والجودة المرتفعة؛ لتوثيق النجاح الذي قامت به الدولة المصرية؛ لتحويل الأرض الصحراوية إلى مدينة عالمية، وهو الأمر الذي سيحقق العديد من المكاسب الاقتصادية للدولة المصرية في الفترة المُقبلة.

في ضوء ما سبق، يهدف هذا التحليل إلى الإجابة عن تساؤل رئيسي، هو: ما العائد الاقتصادي من مهرجان العلمين الجديدة، وانعكاساته على حركة السياحة المصرية؟

خطة تنموية شاملة:

نفذت الدولة المصرية خطة واضحة المعالم في تنمية مدينة العلمين الصحراوية، إذ تحولت تلك المدينة من أرضٍ صحراوية مليئة بالألغام الأرضية إلى مدينة عالمية تكنولوجية متكاملة، ويمكن توضيح ملامح خطة التنمية على النحو التالي:

(*) مواصفات عالمية:بدأ تنفيذ بناء مدينة العلمين الجديدة في أكتوبر 2016، وقام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مارس 2018 بالاحتفال بتدشين المرحلة الأولي، حيث تحولت إلى إحدى مدن الجيل الرابع، ويُذكر أن مساحة المدينة تبلغ 48.917 فدان بعمق أكثر من 60 كم جنوب الشريط الساحلي، فهي تقع داخل الحدود الإدارية لمحافظة مرسى مطروح بطول 48 كم من الطريق الدولي، وهو ما يدل على موقعها المتميز الذي سيحقق العديد من العوائد الإيجابية للاقتصاد المصري في الفترة المقبلة، إذ تقع هذه المدينة على بعد نحو ساعتين من القاهرة وأقل من 18 كم من مرسى مطروح، حيث تم تخطيطها لتكون أول مدينة مُتكاملة في قلب الساحل الشمالي.

(*) مقصد سياحي:تنقسم المدينة إلى قطاعات سياحية وتاريخية وسكنية، ويتكون القطاع السياحي بالمدينة من عدة مناطق: منطقة بحيرة العلمين (حي الفنادق)، مركز المدينة، الحي السكنى المتميز، حي حدائق العلمين، مرسى الفنارة، مركز المؤتمرات، منتجع خاص، المنطقة الترفيهية، المركز الثقافي، الإسكان السياحي، ومنطقة أرض المعارض، ويُمكن توضيح بعض المقاصد السياحية على النحو التالي:

(-) الممشى السياحي:تم تنفيذ هذا الممشى في أغسطس 2018، بتكلفة تبلغ 2 مليار جنيه، وبمساحة 14 كيلو متر طولي، ويُضاهي في هذه المساحة كورنيش الإسكندرية، ويضم هذا الممشى كافيتريا ومطاعم ومولات تجارية وبحيرة صناعية، وهو يقع بجانب الحديقة المركزية للمدينة، هذا جعله مقصدًا سياحيًا مهمًا في تلك المنطقة.

(-) منطقة فنادق ومنطقة أثرية: منطقة الفنادق على شكل أبراج تضاهي أبراج دبي، وتضم هذه المنطقة نحو 15500 غرفة فندقية، وتخطط الحكومة لتوفير نحو 25 ألف غرفة فندقية، أما المنطقة الأثرية فتتكون من متحف مفتوح ومتنزه دولي ومنطقة ترفيهية وفنادق وخدمات ميناء، كما تضم العلمين مدينة تراثية على مساحة 259 فدانًا.

(*) مشروع الداون تاون: تُقدر مساحة مشروع داون تاون العلمين الجديدة بـ31 فدانًا، ويتميز هذا المشروع بموقعه المتميز للوافدين من السياح، بسبب قربه من مطار العلمين بمسافة لا تزيد عن 54 كيلو مترًا تقريبًا، كما يتميز بقربه من مجلس الوزراء، قصر رئاسة الجمهورية، حدائق العلمين، بالإضافة إلى قربه من المدينة الأثرية في العلمين التي يأتي إليها الزوار من مختلف بلاد العالم، وقربه من قصر الثقافة في العلمين وفندق الماسة العالمي، ويوجد داخل داون تاون العلمين الجديدة، مجموعة من المطاعم الفاخرة التي تقدم أشهى الوجبات والأطباق العالمية والشرقية، ويوجد عدد من الكافيهات التي تقدم أفضل المشروبات، بالإضافة إلى توافر الموسيقى الهادئة في المكان، وهو ما يجعله مكانًا مناسبًا للسياح من مُختلف دول العالم.

انعكاسات المهرجان:

من المرجح أن ينعكس مهرجان العلمين الجديدة، إيجابيًا على الاقتصاد المصري في الفترة المُقبلة من خلال تحفيز قطاع السياحة، وزيادة التدفقات الأجنبية وزيادة فرص العمل، وذلك على النحو التالي:

(&) زيادة عدد الوافدين: تشهد الاحتفالات التي تُقام على أرض مدينة العلمين الجديدة حضور ما يقرب من مليون زائر تقريبًا من جميع أنحاء الوطن العربي، وهو ما يتيح الفرصة لهؤلاء الزائرين للاطلاع على المناطق التي تشملها مدينة العلمين الجديدة، فهي تضم العديد من المنتجعات السياحية التي روعي عند تنفيذها أن تكون وجهه مصيفية مثالية، وكما توجد بها العديد من الخدمات مثل أكبر مكتبة بالشرق الأوسط التي تُعادل مساحة مكتبة الإسكندرية، بالإضافة إلى وجود أكبر قاعة للمؤتمرات العالمية ومتحف أوبن أير، الذي تم تصميمه لأول مرة في مصر، مما سيعمل على ترويج السياحة العربية بشكل كبير، إذ من المحتمل بنسبة كبيرة أن تزداد الوفود العرب إلى مصر لقضاء أوقات سياحية في هذه المناطق التي زارها الوافدون في المهرجان، كما يعمل الترويج الحالي لمدينة العلمين الجديدة، على استقطاب السياحة الأوروبية أيضًا بسبب التنظيم المبهر للمهرجان، خاصة أن 70% من السياحة العالمية تتدفق على سواحل البحر المتوسط، وهو ما سيجعل لمصر نصيبًا كبيرًا من الوفود العالمية.

(&) تفعيل سياحة المؤتمرات: وجود مركز للمؤتمرات العالمية في مدينة العلمين الجديدة، من المحتمل أن يعمل على تفعيل سياحة المؤتمرات بشكل كبير داخل مصر، خاصة مع الترويج الذي يقوم به مهرجان العلمين الجديدة، فعلي سبيل المثال استفادت دبي بشكل كبير من سياحة الأعمال التي تستضيفها طوال العام، من تحقيق نسبة إشغال فندقي بنسبة أكثر من 95% منذ بداية عام 2023، وزيادة الحجوزات إلى 40% في جميع الفنادق، بالإضافة إلى زيادة أيام البقاء داخل الدولة لزيارة معظم الأماكن السياحية، ونتيجة لذلك حققت المنشآت الفندقية في دبي إيرادات تصل إلى 38 مليار درهم خلال عام 2022، وهو السيناريو المتوقع أن تشهده مصر خلال الفترة المقبلة من استضافة المؤتمرات الأوروبية داخلها.

(&) جذب الأنظار العالمية:تؤثر فعاليات المهرجان بشكل إيجابي على تسويق مدينة العلمين الجديدة أمام العالم، وتحويلها إلى مقصد سياحي مهم على ساحل البحر المتوسط، حيث تُقام منافسات الكرة الشاطئية ومنافسات القفز بالمظلات وعروض للطائرات، ومنافسات السباق الثلاثي والبطولة العربية للجودو، بالإضافة إلى بطولة مصر الدولية لسباق السيارات ومنافسات الدراجات المائية، كما ستنطلق عروض الأزياء لأول مرة على شاطئ المتوسط، ومنافسة التجديف الساحلي، وهو ما سيعمل على جذب الأنظار العالمية نحو مدينة العلمين الجديدة ووضعها بشكل أساسي في خريطة السياحة العالمية.

(&) زيادة نسب الإشغال الفندقي:تواجد مهرجان العلمين الجديدة، من المرجح أن يعمل على زيادة نسب الإشغال الفندقي بشكل كبير، ومن المُحتمل بنسبة كبيرة أن تصل إلى 100%؛ لوجود حفلات ترفيهية وفنية والعديد من الأنشطة الرياضية، وهو ما سيحقق عوائد إيجابية كبيرة لقطاع السياحة.

(&) زيادة التوقعات الإيجابية: اتسمت توقعات مؤسسة "فيتش سوليوشنز" حول السياحة المصرية بالتفاؤل الشديد، إذ أشارت التوقعات إلى أن عائدات السياحة ستبلغ مستوى قياسيًا عند 13.6 مليار دولار بزيادة مقدارها 17.7% مُقارنة بالعام الماضي، كما توقعت أن يقفز عدد السائحين بنسبة 46% خلال عام 2023 ليسجل 11.6 مليون سائح.

توقعات مؤسسة "فيتش سوليوشنز" حول السياحة المصرية

كما أن قراءة أرقام الشكل رقم (1) تُشير إلى ارتفاع توقعات صندوق النقد الدولي، بشأن السياحة المصرية، إذ توقع أن تصل إيرادات قطاع السياحة إلى 14.2 مليار دولار خلال عام 2023/2024، إلى أن تصل بشكل تدريجي إلى 28.8 مليار دولار في عام 2027/2028.

وفقًا للأرقام السابقة، من المتوقع أن يعمل المهرجان الحالي على زيادة الإيرادات السياحية؛ وهذا سببه وفقًا لبعض الخبراء، هو أن معدل إنفاق السائح في مدن البحر المتوسط يفوق إنفاقه في المقاصد المصرية في وقت الشتاء بمعدل 3 مرات، إذ إن مدينة العلمين الجديدة، تتحمل إقامة أكثر من 250 ألف غرفة فندقية، وهو ما سيعمل على استيعاب المزيد من السائحين.

الشكل رقم (1) يوضح توقعات صندوق النقد الدولي لإيرادات قطاع السياحة من 2023/2024 إلى 2027/2028

(&) توفير فرص العمل: فعاليات المهرجان الحالية تعمل على توفير المزيد من فرص العمل داخل مصر، حيث تشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 70 إلى 80 ألف مواطن يعملون في هذه المنطقة، إذ تصل نسبة الأشغال بها من 95% إلى 100%، وهو ما سيستقطب المزيد من فرص العمل إلى مدينة العملين الجديدة.

(&) زيادة التدفقات الأجنبية: وجود مليون زائر داخل مصر في ظل فعاليات المهرجان، من المرجح أن يعمل على تزايد الإنفاق الأجنبي داخل مصر بشكل كبير، حيث سينتُج عن الأنشطة اليومية للزائرين داخل المدينة، هذا بالإضافة إلى التدفقات النقدية لمطار العلمين الناتجة عن قيم تذاكر الطيران التي تم حجزها من قبل الوافدين. فقراءة وتحليل أرقام الجدول رقم (1) الذي يضع تصورًا لحجم إنفاق الزائرين داخل مدينة العلمين الجديدة في فترة المهرجان، تؤكد أن حجم الإنفاق المتوقع يبلغ كحد أدني 3 مليارات دولار.

الجدول رقم (1) يوضح حجم التدفقات المتوقعة من استضافة مهرجان العلمين الجديدة

في النهاية،يُمكن القول إن الإنجازات التي حققتها الدولة المصرية في مدينة العلمين الجديدة، كانت تحتاج إلى مثل هذا التسويق حتى تُؤتي ثمارها الإيجابية على الاقتصاد المصري، إذ تعتبر فكرة "مهرجان العلمين الجديدة" من الأفكار البناءة التي حفزت على إقبال الوافدين من جميع أرجاء الوطن العربي؛ ليشاهدوا كيف تحقق إنجاز كبير على الأرض المصرية ويروجوه للعالم أجمع، ومن خلال التحليل تأكدت حقيقة مهمة، هي أن إقامة هذا المهرجان لم تُكن من قبيل الإنفاق المسرف بلا عائد، ولكنه سيُجلب العديد من العوائد الاقتصادية الإيجابية في الأجل المتوسط، التي ستُعتبر دفعة قوية للنمو الاقتصادي داخل الدولة.