انعكس التوتر الغربي الصيني، على العلاقات الغربية مع الهند، التي يبلغ عدد سكانها نحو 1.4 مليار نسمة، والتي تتمتع بثقل اقتصادي وعوامل جذب تجعلها البديل الأنسب، في وقت تعصف فيه التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية بالعالم.
في الفترة الأخيرة، استقبلت كبرى الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، رئيس الوزراء ناريندرا مودي، بطريقة تشير إلى التقارب الواضح، والاحتفاء من جانب الغرب بالهند، التي يراها معظم دول العالم، البديل الصناعي للصين، نظرًا لقدرتها وسوقها الضخمة، ما يجعلها الخيار الأنسب للدول التي تنتهج سياسة "الصين زائد واحد".
مودي في باريس
لم تدخر باريس جهدًا في إظهار الاحتفاء "مودي" -الذي أنهى زيارته الاستثنائية إلى العاصمة الفرنسية، مساء الجمعة- وذلك بكل عناصر التكريم البروتوكولية المتاحة.
ظهر مودي، إلى يمين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في المنصة المخصصة لمشاهدة العرض العسكري التقليدي، بمناسبة العيد الوطني الفرنسي في ساحة الكونكورد، وبررت فرنسا هذا الظهور للهند كضيف شرف، بأنه تكريم بمناسبة مرور 25 سنة على الشراكة الاستراتيجية بينهما، بحسب"فرانس برس".
"ماكرون"، واصل إظهار الاحتفاء الفرنسي بمودي، بعد أن كرمه بوسام جوقة الشرف من أعلى مرتبة، كما منحت فرنسا 241 جنديًا هنديًا شرف افتتاح مسيرة الجنود المشاة في العرض العسكري، لإظهار الصداقة التي تربط البلدين.
ويُمنح وسام جوقة الشرف الفرنسية لكل من العسكريين والمدنيين للإنجاز والخدمة للأمة، ويعود تاريخه إلى عام 1802، وله خمس درجات، تبدأ من chevalier وتنتهي بالصليب الكبير التي كٌرم بها مودي، بحسب صحيفة "لوموند"
وفي تصريح يُظهِر الرهان الفرنسي على التعاون مع نيودلهي، قال ماكرون، إن الهند دولة عملاقة في تاريخ العالم وسيكون لها دور مؤثر على مستقبل فرنسا، كما أنها شريك استراتيجي وصديق، وهو ما ردّ عليه "مودي" بقوله إن هذا التعاون انعكاس للصداقة التي "لا تتزعزع" بين البلدين، في الزيارة الخامسة له لباريس والرابعة في عهد ماكرون.
صفقة سلاح
كانت صفقة السلاح هي الأبرز في الزيارة، وأعلنت وزارة الدفاع الهندية، يوم الخميس، إن المجلس المسؤول عن مشتريات الدفاع، وافق على شراء 26 مقاتلة رافال، وثلاث غواصات من طراز سكوربين.
وبحسب وزارة الدفاع، ستستفيد الهند بشكل كبير من صفقة الغواصات، إذ إنها ستُبنى في الهند، عبر شركة "مازغون دوك"، ومقرها قرب مدينة مومباي الساحلية، ما يوفر للهند فرص عمل للتقنيين، والاستفادة من الخبرات التكنولوجية والصناعية، والتي يمكن أن تساعدها مستقبلًا.
الاحتفاء الأمريكي
في يونيو الماضي، أظهرت الولايات المتحدة احتفاءً كبيرًا برئيس الوزراء الهندي، وقالت صحيفة فايننشال تايمز، إن السبب في الاحتفاء هو أن الهند هي الدولة الوحيدة القادرة على العمل كقوة موازية للصين.
واستقبل الرئيس الأمريكي، جو بايدن، "مودي" بحفاوة، خلال زيارة الدولة التي أجراها للولايات المتحدة، في وقت تواصل فيه واشنطن محاولاتها لاستمالة الهند، رغم خلافاتهما الكبيرة بشأن روسيا.
وما يدل على احتفاء واشنطن بـ"مودي"، تجاوز البروتوكول، إذ يقوم قادة الدول فقط، وليس الحكومات بزيارات دولة، حتى أن بايدن استقبل فقط خلال رئاسته كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس كوريا الجنوبية يون سوك، في إطار زيارة دولة.
حقبة جديدة من العلاقات
وخلال الزيارة أعلن "بايدن ومودي"، حقبة جديدة في العلاقات الأمريكية الهندية، بتوقيع اتفاقات في مجالي الدفاع والتجارة، بهدف التصدي للنفوذ الصيني.
وحرص بايدن على التأكيد على أن العلاقات بين البلدين "أقوى وأعمق وأكثر ديناميكية" من أي وقت مضى، وأن بلده تعمل على تشكيل رابطة قوية مع نيودلهي، مشيرًا إلى مزيد من التعاون مع الهند، وخاصة في مجال التكنولوجيا.
أما رئيس الوزراء الهندي، فشدد خلال لقائه مع بايدن، على الشراكة القوية بين البلدين، وأن نيودلهي ستكون دائما من أصدقاء واشنطن.
وأكد "مودي" على أن شراكة البلدين مهمة للاستقرار العالمي، وأنهما يعملان على تعزيز تعاونهما في مجالات الفضاء والذكاء الاصطناعي ومكافحة الإرهاب والتطرف.
وأكد رئيس الوزراء الهندي، على فتح صفحة جديدة في شراكة البلدين.
ونقل بايدن العلاقة مع الهند إلى مرحلة جديدة، بضم "مودي" إلى عدد من رجال الدولة المختارين مثل ونستون تشرشل ونيلسون مانيلا، لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونجرس.
وبعد الاجتماع أعلنت واشنطن، اتفاق البلدين على إنهاء 6 نزاعات بينهما في منظمة التجارة العالمية.