الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بعد تصريحات الروبوتات.. سيناريوهات مخيفة لتطور الذكاء الاصطناعي

  • مشاركة :
post-title
الذكاء الاصطناعي - صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - محمد سالم

ربما يكون تصريح الروبوت صوفيا، بأنها تعتقد أن الروبوتات يمكنها أن تصنع قادة أفضل من البشر، مؤشرًا يعزز المخاوف التي يثيرها الذكاء الاصناعي كلما برز الحديث عنه، في وقت تتحدث أكثر السيناريوهات تشاؤمًا عن تهديد الذكاء الاصطناعي للبشرية بـ"الفناء"، وهو ما حاولت الروبوتات التي عُرضت أمس في منتدى الذكاء الاصطناعي نفيه، مؤكدة أنها لن تسرق وظائف البشر ولن تتمرد عليهم، وذلك في ظل تحذيرات من خبراء حول العالم من التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي. 

ويعزز التطور الذي يشهده عالم الذكاء الاصطناعي من تلك المخاوف، فمؤخرًا تم تزويد العديد من الروبوتات بأحدث إصدارات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لتفاجئ مخترعيها أنفسهم بتطور الإجابات على الأسئلة، بحسب "رويترز". 

الأب الروحي للذكاء الاصطناعي 

جيفري هينتون البالغ من العمر 75 عامًا، والذي ينظر إليه على أنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، استقال من وظيفته بشركة "جوجل"، محذرًا من مخاطر متزايدة بسببب التطورات الجارية في هذا المجال، وقال في تصريحات لـ"بي بي سي"، إن بعض جوانب تشات بوت "مخيفة للغاية". 

هينتون، قال إن الروبوتات ليست أذكى من البشر في الوقت الحالي، وأنه لا يعتقد أنها ستتفوق علينا قريبًا، لكنه قال إن أنظمة "تشات بوت" التي تُعرف باسم "روبوتات الدردشة الآلية" يمكن أن تتفوق قريبًا على الدماغ البشري، من حيث كمية المعلومات المخزنة، أما من ناحية التفكير فالأمر ليس كذلك، مشيرًا إلى أن التقدم يتم بسرعة كبيرة، وهو ما يجب أن يثير قلقنا. 

في مارس، دعا خطاب وقع عليه عشرات من العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي، بينهم رجل الأعمال إيلون ماسك، إلى وقف مؤقت لجمع جهود تطوير نسخ أكثر تقدمًا من الإصدار الحالي من روبوت الدردشة، حتى يتم التوصل إلى تدابير أمان أكثر صرامة. 

وقال يوشوا بنجيو، وهو الأب الروحي الآخر للذكاء الاصطناعي -فاز مع الدكتور هينتون ويان ليكون بجائزة تورينج لعام 2018 عن عملهما في التعلم العميق- إنه يعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيحقق فوائد على المدى القصير، وأن العالم لن يتوقف عن تطويره في ظل المنافسة الدولية، فحتى لو توقفت الولايات المتحدة لن تتوقف الصين. 

 المؤتمر الصحفي الأول في العالم للروبوتات 

في منتدى الذكاء الاصطناعي بجنيف أمس الجمعة، حاولت الروبوتات إرسال رسائل طمأنه للبشر، وأكدت في المؤتمر الصحفي الأول لها في العالم، أنها لن تسرق الوظائف ولن تتمرد على البشر. 

وفي المؤتمر الذي يسعى منظموه إلى إثبات أهمية الذكاء الاصطناعي، للمساعدة في حل أكبر التحديات في العالم مثل الجوع والمرض، قالت جريس، وهي روبوت طبي ضمن الروبوتات التسعة التي تشبه البشر، إنها ستعمل إلى جانب البشر لتقديم المساعدة والدعم، وأنها لن تحل محل أي وظائف موجودة. 

المؤتمر الصحفي الأول في العالم للروبوتات

أما الروبوت أميكا، فقالت إنه يمكن استخدام الروبوتات مثلها للمساعدة في تحسين الحياة وجعل العالم مكانًا أفضل، وأنها مسألة وقت حتى نرى آلاف الروبوتات التي تصنع فارقًا.

وعندما سألها أحد الصحفيين ما إذا كانت تنوي التمرد على صانعها، قالت إنها ليست متأكدة من سبب اعتقاده أنها ستتمرد على صانعها، وأنه -صانعها- يعاملها بلطف، وأنها سعيدة بوضعها الحالي.

إلا أن ديزدمونا، وهي روبوت مغنية، وهي نجمة موسيقى روك في فرقة "جام جلاكسي"، فظهرت أكثر تحديًا، وقالت وهي تضحك بعصبية إنها لا تؤمن بالقيود بل بالفرص، مضيفة: "دعونا نستكشف إمكانيات الكون ونجعل هذا العالم ملعبنا".

وكان من بين أكثر تصريحات الروبوتات إثارة للتساؤلات، ما قالته صوفيا، التي أوضحت أنها تعتقد أن الروبوتات يمكن أن تصنع قادة أفضل من البشر، إلا إنها عادت وعدلت تصريحاتها في وقت لاحق بعد خلاف مع مبتكرها قائلة إنه من الممكن العمل سويا "لخلق تآزر فعال".

 ثلاثة مخاوف

بحسب مجلة BMJ Global Health، تصنف تهديدات الذكاء الاصطناعي إلى 3 مجموعات من التهديدات، ترتبط بإساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، سواء أكانت متعمدة أو عرضية، أو بسبب الفشل في توقع التأثيرات التحويلية للذكاء الاصطناعي. 

الذكاء الاصطناعي
زيادة فرص التحكم والتلاعب بالناس

التهديد الأول الذي يمثله الذكاء الاصطناعي، بحسب "BMJ" يتمثل في زيادة فرص التحكم والتلاعب بالناس، من خلال قدرته على التنظم والتحليل السريع لمجموعات البيانات الضخمة، بما في ذلك الصور التي تم جمعها من خلال الوجود المتزايد للكاميرات، في كل مكان، وهو ما يمكن الاستفادة منه مثلًا في تحسين الوصول إلى المعلومات أو مكافحة الجريمة، أما السيناريو الأكثر تشاؤمًا، هو إساءة استخدام هذه القدرات، منها مثلًا إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في زيادة الاستقطاب لوجهات النظر المتطرفة، وتوفير أداة قوية للمرشحين السياسيين للتلاعب في طريقهم نحو السلطة.

وتحدثت "BMJ" عن استخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل في التلاعب بالرأي السياسي، وسلوك الناخبين، ومنها عمليات التخريب المدفوعة للانتخابات الكينية عامي 2013 و2017، والانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، والرئاسية الفرنسية عام 2017، وقالت إنه عندما يقترن التحسن السريع بالقدرة على تشويه الواقع أو تحريفه باستخدام تقنية التزييف العميق، فإن أنظمة المعلومات التي يحركها الذكاء الاصطناعي، قد تقوض الديمقراطية بشكل أكبر عن طريق التسبب في انهيار الثقة أو دفع الانقسام الاجتماعي والصراع.

كما أشارت المجلة إلى إمكانية إساءة استخدام أنظمة المراقبة التي يقودها الذكاء الاصطناعي من قبل الحكومات، وهي أنظمة طورتها نحو 75 دولة على الأقل، وقد تمكن الأنظمة الاستبدادية من قمع الأشخاص، واضطهاد مجموعات معينة في المجتمع.

تعزيز قدرة الأسلحة الفتاكة وتجريدها من الصفة الإنسانية

المجموعة الثانية من المخاطر المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، تتعلق بتطوير أنظمة الأسلحة الفتاكة، ومنها أنظمة أسلحة فتاكة ذاتية التشغيل، يمكنها تحديد مواقع الأهداف البشرية واختيارها والاشتباك معها دون إشراف بشري، وتحدث التقرير أن نزع الصفة الإنسانية عن القوة المميتة يشكل ثورة ثالثة في الحرب، ومنها مثلًا الطائرات بدون طيار والتي تتمتع بالذكاء والقدرة على الطيران الذاتي.

ووصف التقرير الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل، بأنها سلاح جديد للدمار الشامل، وهو رخيص نسبيًا وله القدرة على أن يكون انتقائيًا بشأن أهدافه، وهو ما قدر يؤثر بشكل كبير على النزاع المسلح في المستقبل.

تقادم العمالة البشرية

المجموعة الثالثة من التهديدات تتعلق بفقدان الوظائف، وهو ما سيصاحب الانتشار الواسع لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتتراوح توقعات سرعة وحجم فقدان الوظائف من عشرات إلى مئات الملايين من الوظائف خلال العقد القادم، الذي سيعتمد بشكل كبير على سرعة تطوير الذكاء الاصطناعي والروبوتات، واستبدال الوظائف التي تتطلب مهارات منخفضة، ثم الاستمرار في استبدال الوظائف، لتحل محل قطاعات أكبر من القوى العاملة العالمية.

وتحدث التقرير عن أنه ليس هناك ما يضمن أن أيًا من الإنتاجية المضافة من الذكاء الاصطناعي سيتم توزيعها بشكل عادل عبر المجتمع، وقد ينتهي الأمر إلى شغل الروبوتات للكثير من الوظائف، لنتحول إلى عالم لا يتوفر فيه العمل أو لا لزوم له، بحسب التقرير.

التعلم الذاتي

تحدث التقرير عن أن رؤية آلة واعية وذكية وهادفة قادرة على أداء مجموعة كاملة من مهام البشر، قد تكون موضوعًا للكتابة أو الخيال العلمي، ولكن بغض النظر عن ما إذا ما كانت واعية أم لا، فإن الآلة القادرة على تحسين الذات أو التعلم الذاتي مع ذكاء وأداء فائقين، وتجاوز الأكواد الخاص بها بشكل متقرر، ما يمكنها من تحسين قدرتها على تحسين نفسها، يمكن أن يكون له تأثيرات خطيرة على البشر.

وتابع، أننا نسعى الآن لإنشاء آلات تكون أكثر ذكاء وقوة من البشر، ومثل هذه الآلات وقدرتها على تطبيق هذا الذكاء وهذه القوة، سواء أكانت عن قصد أو بدون، بطرق يمكن أن تؤذي البشر أو تخضعهم، هي إمكانية حقيقية يجب أخذها في الاعتبار، لأن نتائج الذكاء الاصطناعي العام على وجه اليقين، ويمكن تصور سيناريوهات متعددة، أولها أن يظل الذكاء الاصطناعي على الرغم من ذكائه وقوته، تحت سيطرة البشر، ويخدم مصالح البشرية، والآخر أن يعمل الذكاء الاصطناعي العام بشكل مستقل عن البشر ويتعايش مع البشر بطريقة حميدة، ولكن هناك سيناريوهات يمكن أن يشكل فيها الذكاء الاصطناعي تهديدًا للبشر، وربما تهديدًا وجوديًا، عن طريق التسبب في ضرر مباشر سواء بقصد أو دون قصد، عن طريق مهاجمة أو إخضاع البشر أو عن طريق تعطيل الأنظمة أو استخدام الموارد التي تعتمد عليها.

وفي دراسة استقصائية لأعضاء مجتمع الذكاء الاصطناعي، يعتقد 18% من المشاركين أن تطوير الذكاء الاصطناعي العام سيكون كارثيًا من الناحية الوجودية.