أعاد الانفجار الدامي بشارع الاستقلال في إسطنبول، إلى الأذهان الصراع الطويل بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، بعد اتهام وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، الحزب الكردي بالوقوف وراء الهجوم، الذي ضرب أكثر شوارع إسطنبول ازدحامًا، وأدّى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة أكثر من 80.
ورغم أن "العمال الكردستاني" نفى ضلوعه في انفجار شارع الاستقلال، لكن الحزب الكردي سبق له استهداف مدنًا تركية أخرى في الماضي، بما في ذلك سلسلة هجمات عامي 2015 و2016. وأسفر تفجيران مزدوجان خارج ملعب كرة قدم في إسطنبول في ديسمبر 2016، عن مقتل 38 شخصًا وإصابة 155، في هجوم تبناه آنذاك الجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني.
وتصنف تركيا، شأنها شأن عدد من البلدان الغربية، حزب العمال الكردستاني بأنه منظمة إرهابية، ومن ثم رفضت الدخول في مفاوضات معه، لكنها عرضت منح عفو محدود عن أعضائه.
الصراع بين أنقرة والعمال الكردستاني أودى بحياة 40 ألف شخص
وتفيد التقارير بأن حزب العمال الكردستاني، شنّ صراعًا مسلحًا ضد الحكومة التركية منذ عام 1984، وذلك في إطار مساعيه للحصول على دولة مستقلة للأكراد في تركيا.
ولقي أكثر من 40 ألف شخص حتفهم منذ اندلاع الصراع بين العمال الكردستاني والحكومات التركية المتعاقبة، الذي وصل إلى ذروته أواسط تسعينيات القرن الماضي، وتعرضت آلاف القرى الكردية في جنوب شرقي وشرقي تركيا للتدمير، ما اضطر مئات الآلاف من الأكراد للنزوح إلى أجزاء أخرى من تركيا.
وأمام هذه الخسائر البشرية والمادية التي مُني بها على يد أنقرة، تراجع حزب العمال عن مطلبه الأولي باستقلال المناطق الكردية داخل تركيا، وصار يدعو إلى حصول الأكراد الأتراك على الحكم الذاتي.
وتلقى حزب العمال الكردستاني ضربة معنوية كبيرة عام 1999 باعتقال زعيمه عبدالله أوجلان، وسجنه في تركيا بتهمة الخيانة، ما حدا بالحزب الكردي إلى طرح مبادرة في العام ذاته، لوقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة خمس سنوات، واتخذ عددًا من الخطوات في محاولة لتغيير صورته وتوسيع رقعة شعبيته.
وخفض الحزب سقف مطالبه بدعوة أنقرة إلى السماح له بالانخراط في العملية السياسية في تركيا، كما طالب بمنح مزيد من الحقوق الثقافية لأكراد تركيا الذين يُقدر عددهم بـ15 مليون نسمة، إضافة إلى الإفراج عن أعضاء حزب العمال القابعين في السجون التركية.
وطلب أوجلان في عام 2013 بوقف إطلاق النار مرة أخرى، وحثّ الحزب على الانسحاب من المناطق التركية، في إعلان وصفه المراقبون بـ"بالتاريخي"، لكن وقف إطلاق النار انتهى عام 2015 عندما شنّت معسكرات حزب العمال الكردستاني شمالي العراق، وفي أغسطس 2018، اغتالت تركيا العضو البارز في حزب العمال الكردستاني، زكي شنقلي، في غارة جوية أو بطائرة مسيرة في سنجار بالعراق.