الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المخرج العالمي بيلا تار: أصنع الأفلام كي أعبر من خلالها عن الحياة كما أراها

  • مشاركة :
post-title
ندوة المخرج بيلا تار

القاهرة الإخبارية - رشا حسني

السيناريو مجرد قطعة ورق.. والفنانون وأماكن التصوير يمنحونها الحياة

أقول للسينمائيين الشباب اصنعوا الأفلام بحدسكم ومشاعركم.. ولا تدعوا الحياة تمنعكم عما تريدون

لا أعرف أفلام الأبطال الخارقين ولكن لابد من وجود من يصنعها

أقيمت اليوم ضمن فعاليات اليوم الأول لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ندوة المخرج المجري العالمي بيلا تار، والتي أدارها المخرج المصري أحمد عبد الله السيد، وتحدث فيها بيلا تار عن مشواره السينمائي بشكل عام، وفلسفته الخاصة في صناعة الأفلام، وما الذي يحركه لصناعة فيلم بعينه، والطريقة التي يتبعها في صناعة الأفلام وتوجيه الممثلين.

بدأ المخرج أحمد عبد الله الندوة بسؤال تار عما يدفعه لصناعة فيلم وكيف يجد الإلهام؟ وأجاب تار بأنه شخص كسول ولكي يصنع فيلما لابد أن يجد دافعًا قويًا يُلهمه ويحفزه لصناعة الفيلم.

وعن الدافع خلف صناعة واحد من أهم أفلامه Werckmeister Harmonies أو "تناغمات ميركمايستي" إنتاج عام 2000 بالتحديد، قال: "البداية كانت من عند صديقي "لازلو كراسناهوركاري" مؤلف الرواية المأخوذ عنها الفيلم، فبعدما انتهى من كتابة الرواية عرض عليّ مسودتها الأولى، ووجدتها رائعة جدًا ولكني أخبرته أنها من الصعب أن تتحول إلى فيلم، حيث إنني لم أقابل شخصية تشبه الشخصية الرئيسية أو بطل الرواية، ولذلك ظل المشروع مؤجلًا لمدة سنوات، حتى ذهبت للعمل في برلين، وكنا نقوم باختبارات أداء لمجموعة كبيرة من الممثلين، وبمجرد أن رأيت لارس رودولف شعرت أنه هو الشخصية الرئيسية في الفيلم المؤجل، وبالفعل بدأنا العمل على الفيلم وتم تنفيذه".

وأضاف: أعتبر أن العثور على الشخصية الرئيسية لهذا الفيلم هو السبب الرئيسي في خروجه إلى النور، فهذه الرواية كمعظم أفلامي تتحدث عن الإنسان وعن كرامة الإنسان، ولكي أعبر عن هذه القيمة العظيمة فلابد أن أجد الأشخاص المناسبين.

وسأل عبد الله عن أسلوب بيلا تار السينمائي، وتقنياته الخاصة في صناعة الأفلام على سبيل المثال ماذا يسبق ماذا؟ هل اختيار أماكن التصوير يأتي أولًا قبل اختيار الشخصيات أم العكس؟ فعلق بيلا تار قائلًا: "لابد من أن نعمل بطريقة منطقية، خطوة تقود إلى الخطوة التي تليها، فأنا أعتبر أن اللوكيشن أو مكان التصوير هو بطل رئيس كالشخصيات الرئيسة في الفيلم، ولابد من معرفة كل شخصيات الفيلم الرئيسة لذلك لابد من معرفة أماكن الأحداث؛ كي نتمكن من اختيارها فيما بعد".

أما عن السيناريو فقال: "الفيلم لا يمكن أن يعتمد فقط على السيناريو، ومع الاعتذار لكل كتاب السيناريو، فهو مجرد قطعة ورق دون حياة، وما يعطيه حياة الممثلون وأماكن التصوير، الحقيقة هي ما تعطي للسيناريو الحياة، وهذا ما تعلمناه من وقت ظهور الموجة الفرنسية الجديدة، أن الأفلام ليست سيناريو فقط بل هي شخصيات وحياة".

وعن الحوار قال: "بالنسبة لي فإن كل شيء يحدث في المشهد لابد وأن يكون له معنى بما في ذلك الحوار، ومن وجهة نظري فإن التفاعل داخل المشهد يأتي من الموقف ذاته، وليس من الحوار المنطوق، لذا في كثير من الأحيان لا أجد ضرورة لكتابة الحوار".

ثم شرح بيلا تار طريقة عمله بالتفصيل خاصة أنه لا يعتمد الطريقة التقليدية في صناعة الأفلام، حيث لا يعتمد على السيناريو مثلًا ولكنه يعتمد طريقة أسماها "نظام العمل بالكروت التوضيحية"، حيث يقوم بتفريغ مشاهد الفيلم على كروت صغيرة ويجمع كل طاقم العمل من ممثلين ومصورين ويقوم بشرح الموقف الذي يحدث داخل كل مشهد من المشاهد، وماذا يريد بالتحديد داخل هذا المشهد، ومن ثم يحدد كل فرد في طاقم العمل الطريقة التي سيعمل بها لتحقيق رؤيته، بما في ذلك الممثلين، وقال إن كل من عمل معه توافق جدًا مع هذا النظام، ولم يجد صعوبة في تطبيقه أو العمل من خلاله.

أما عن الممثلين وطريقة تعامله معهم وتوجيههم قال: "لا يمكن أن أعطي للممثلين سيناريو وحوارًا يحفظونه ولكن أشرح لكل شخصية ماذا يدور في المشهد، وماذا تريد الشخصية وما الذي يمنعها من الحصول على ما تريده، ثم أترك لهم كامل الحرية في ارتجال الحوار الذي يجدونه مناسبًا لمشاعرهم داخل هذا الموقف السينمائي، ونجاح هذه الطريقة قائم بالأساس على ثقة الممثلين فيه، وتخليهم طواعية عن سيطرتهم على أنفسهم وانغماسهم بالكامل داخل شخصياتهم".

يؤكد بيلا تار، أنه لا يبالي بالمرة ما إذا كان يعمل مع ممثلين محترفين أو هواة أو حتى شخصيات عادية لم يسبق لها التمثيل، واستشهد بالممثل الألماني لارس رودولف الذي كان يعمل موسيقيًا، ويقدم فنه أو موسيقاه في الشارع.

وأضاف: "كل ما يهمني هو كيف سيتفاعل الممثل مع الشخصية ومع المشاهد".

وبسؤاله عن المشاهد الطويلة في أفلامه، وعن كيفية تنفيذها دون اللجوء إلى إعادات كثيرة، قال: "أنا أحب المشاهد الطويلة بدون قطعات مونتاجية لسببين أولهما كي لا ينقطع استرسال الممثلين وانغماسهم في شخصياتهم، وهو أمر في غاية الأهمية بالنسبة لي، أما السبب الثاني فهو أنني مهموم جدًا في أفلامي بالزمن، فأنا أفكر كثيرًا في الزمن وفي طرق التعبير عن مروره.

وعن كيفية تفاديه للإعادات الكثيرة خصوصًا مع المشاهد الطويلة قال: "عدم الإعادة يعتمد بشكل أساسي على عمل التدريب اللازم والبروفات الكثيرة مع كل فريق العمل، على سبيل المثال مدير التصوير ومساعدوه الذين يقومون بتصوير المشهد، ثم الممثلون الذين تمثل حركتهم جزءًا مهمًا داخل المشهد الطويل حتى لا نضطر للإعادات الكثيرة".

وسأله المخرج أحمد عبد الله، عن أسلوبه الخاص في التعامل مع عنصر المونتاج السينمائي في أفلامه فقال: "الطريقة التقليدية في صناعة الأفلام تصيبني بالملل، أنا لا أفضل أسلوب Action cut حيث لقطة الفعل ثم لقطة رد الفعل وهكذا، أنا أجد أن هذا شيء مزيف وغير أصيل، فلا يحدث هذا في الحقيقة، بل لابد من أن تأخذ الشخصية وقتها الكافي في الحديث والتفاعل مع من أمامها بالضبط كما يحدث في الحياة العادية".

أما عن الموسيقى في أفلامه فقال: "على عكس كثير من المخرجين أنا لا أعتبر أن تأليف الموسيقى هي خطوة تأتي في مرحلة ما بعد التصوير، ولكنني أعتبرها إحدى الشخصيات الرئيسة بالفيلم، لذلك فلابد من أن تُعد من البداية لأنها تساهم بشكل مؤثر جدًا في خلق الجو العام للفيلم".

وعن سؤاله عما إذا كان من الممكن أن يصنع أفلام ديجيتال قال: "أعتبر الديجيتال لغة جديدة للسينما ولكنه ليس مفهومي عن السينما، فهي بالنسبة لي الفيلم الخام ٣٥ملم".

وعند سؤال أحد الحضور له عن رأيه في أفلام الأبطال الخارقين قال: "لا أعرف عنها شيئا، ولا أشاهدها، ولكن لابد من وجود من يصنعها، كما أنه لابد من وجودي وصناعة أفلام مثل أفلامي".

وأخيرًا وجه المخرج المجري المخضرم مجموعة من النصائح للسينمائيين الشباب قائلًا: "كل شخص في الحياة لديه موهبة ما فلا تدع الحياة تمنعك من فعل ما تريد، فمن وجهة نظري مأساة الإنسان تكمن في شعوره بموهبته، وبأنه قادر على فعل ما يريده في حين تخبره الحياة بأنه غير قادر على ذلك، بل أنه ليس من المسموح له فعل ما يريده، لا تنظروا يمينًا أو يسارًا، أنظروا أمامكم فقط، واصنعوا الأفلام بحدسكم ومشاعركم، لا تدعوا أحدًا يملي عليكم ما يجب أن تفعلوه أو تقدموه في أفلامكم، لا توجد قواعد، اصنعوا الأفلام بهواتفكم المحمولة، اصنعوا أفلامكم بحرية".

وسوم :