الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

برصاصة احتلال غادر.. "سديل" شهيدة أوجعت قلوب كل "جنين"

  • مشاركة :
post-title
تشييع جثمان طفل فلسطيني - صورة أرشيفية

القاهرة الإخبارية - هبة وهدان

لم تكن تمسك الحجارة وتلقيها في وجه قوات الاحتلال الإسرائيلي عندما اقتحمت مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، كل ما كانت تحلم به "سديل" أن تلهو مع قريناتها من بنات عمها، ومع هذا لم يشفع لها صغر سنها (15 عامًا) عند من قنصها وباغتها في وسط رأسها بطلقه غادرة كانت هي القاضية.

يصف غسان النغنغية، مشهد إصابة طفلته سديل قبل يومين في ساحة منزلها بمخيم جنين للاجئين، بأن آخر لحظة جمعتهما عندما وضعت رأسها على قدمه فامتلأ جسده بدمها الدافئ، ومنذ ذلك الحين ظلت الطفلة المكلومة في العناية المكثفة حتى أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهادها فجر اليوم الأربعاء، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

يسترجع غسان لحظات الإصابة ويعود ليوم الاثنين الماضي، عندما دخلت قوات خاصة حارة الجابريات المحاذية للمخيم فانطلقت صفارة الإنذار في سماعات المخيم، وفي هذا الأثناء استيقظ أطفاله من نومهم العميق نتيجة أصوات الصفارات المرتفعة، وكانت من بين الأطفال الذين هرولوا "سديل" التي تلقت النصائح مثلها كأخواتها بالابتعاد عن النوافذ لتفادي رصاص القناصة المنتشرين على البنايات السكنية القريبة من المنزل.

يتذكر الأب مشهد ابنته وهي تتوسل له بالموافقة للنزول إلى منزل شقيقه لتبقى مع قريناتها من بنات عمها، وبالفعل توجهت الطفلة ذات الـ15 عامًا إلى ساحة المنزل، وقبل وصولها إلى منزل عمها، فتح غسان النافذة وأوصاها ألا تخاطر بالنظر من النوافذ، وقبل إكمال جملته كانت رصاصة الغدر اخترقت جبينها.

بابا سديل وقعت على الأرض

لا تزال صرخات نجل "غسان" الصغير تدوي في أذنه: "بابا سديل وقعت على الأرض" فهرول الأب اعتقادًا منه أنها تعثرت، وحين اقترب أكثر وجدها جثة دون حراك، وعلى الفور نقلها إلى المستشفى دون أي علامات حيوية تبدو عليها، وبعد الكشف الطبي أُدخلت إلى العناية المكثفة موصولة بالأجهزة الطبية.

يقول والد الشهيدة، إن الوصف الطبي لحالتها تهتك في الجمجمة وتلف الدماغ، لهذا بقيت سديل في العناية مدة يومين قبل أن يعلن عن استشهادها اليوم صباحًا.

وودعت "سديل" الدنيا محملة على أكتاف صديقاتها في الجنازة التي أقيمت لها في مخيم جنين، فكانت الطفلة ذات الـ15 عامًا هي وزميلاتها يستعدن جميعهن لبداية عطلتهن الصيفية قبل انتقالهن إلى الصف الثامن بعام دراسي جديد.

وبحسب إحدى صديقات سديل، فإن حضورهن لتشجيع الجثمان جاء بناءً على وصيتها لهن في المدرسة.. كل حوارات أطفال المخيم عن الموت والشهادة والاقتحامات الإسرائيلية، بدلًا من اللعب، وسديل كانت متفقة على أنه لو حدث لها أي شيء أن تشيع بـ"مريول المدرسة"، وهذا ما حدث اليوم.

كانت كل شيء

أما الأم ففقدت صديقتها وابنتها وشقيقتها، فـ"سديل" كانت كل شيء لها، فكل من يذهب لمنزل الطفلة يجد والدة "سديل" تبكي طفلتها الوحيدة، وتقول "حرموني أن أفرح بها، كانت صديقتي، ومدللة أخوتها الأربعة، يا وجع قلبي عليك يا سديل".

ويقول عايد قطيش، مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إن الحركة وثّقت استشهاد 23 طفلًا فلسطينيًا في الضفة الغربية و6 أطفال في غزة منذ بداية عام 2023، وأن غياب المساءلة القانونية لإسرائيل وحكومتها هو السبب في استمرار إسرائيل في استهداف الأطفال.

ويضيف قطيش: "في حالة الطفلة سديل نغنغية، تم إطلاق النار عليها في منطقة لم يوجد فيها أي اشتباك، وأُطلق عليها من جيب عسكري إسرائيلي يبعد مسافة 150 مترًا فقط عنها".

ويؤكد "قطيش" أن "سديل" استُهدفت في أكثر مكان كان من المفترض أن يكون آمنًا لها وهو منزلها، وتحديدًا في ساحة المنزل.

وقتلت إسرائيل منذ بداية العام الحالي 29 طفلًا فلسطينيًا، ووفق تقارير الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فإن هؤلاء الأطفال لم يشكلوا أي خطر على جنود الاحتلال، وقتلهم كان باستهداف متعمد.