خلافات في السر، وصداقة في العلن، هذا ما تبدو عليه العلاقات بين باريس وبرلين في الفترة الأخيرة، على الرغم من الاحتفال في العام الجاري بمرور 60 عامًا على الصداقة بين البلدين، شابها في الفترة الأخيرة بعض الأحداث التي خلّفت توترات بين فرنسا وألمانيا، وهو ما يسعى إليه المستشار أولاف شولتس، والرئيس إيمانويل ماكرون، لإذابة الخلافات في عشاء "بوتسدام".
ويلتقي المستشار أولاف شولتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتناول العشاء، اليوم الثلاثاء، في مطعم بدائرة شولتس الانتخابية في بوتسدام، لتقارب وجهات النظر بينهما، بحسب صحيفة "تاجز شبيجل" الألمانية.
وقارنت الصحيفة المناخ العام بين شولتس وماكرون، بنظرائهما في الفترات السابقة، وعلى سبيل المثال ما كان عليه الحال مع المستشار السابق جيرهارد شرودر، ورئيس الدولة الفرنسي الأسبق جاك شيراك، وعلى العكس فإن الزعيمين الحاليين لم يعثرا على أي كيمياء بينهما، ولا تزال العلاقات بعيدة.
وأمام الطرفين العديد من الملفات المطروحة للنقاش، من بينها الدعم الغربي لأوكرانيا، والسياسة تجاه الصين، وملفات الطاقة، إلى جانب ملفات أخرى عديدة.
أوكرانيا.. والدعم الفرنسي الألماني
وقالت الصحيفة إن دور فرنسا تجاه أوكرانيا أقل بكثير مما تفعله ألمانيا، لكن ماكرون ينجح في تسويق جهوده، وعلى سبيل المثال تحليق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ذهابًا وإيابًا في طائرة عسكرية فرنسية.
وتمنح ألمانيا أوكرانيا مساعدات أكثر من فرنسا، سواء من حيث القيمة المطلقة أو بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي لأوكرانيا، بالإضافة إلى استقبال ألمانيا للاجئين الأوكران بزيادة نحو عشرة أضعاف ما استقبلته فرنسا.
في بداية العام، ظهرت اختلافات واضحة بين البلدين في دعم أوكرانيا بعد ما أعلن ماكرون بشكل مفاجئ تسليم دبابات استطلاع إلى كييف، وهو ما كان يُنظر إليه في برلين على أنه جهد فرنسي.
سياسة الصين
أثار الرئيس الفرنسي دهشة ليس فقط في أوروبا الشرقية ولكن أيضًا في برلين، بسبب تصريحاته على هامش زيارة دولة إلى الصين، بعد أن حذّر ماكرون من "الولاء الأعمى" للولايات المتحدة.
وزادت الخلافات بين البلدين عندما طالب ماكرون في أبريل الماضي بعدم وقوف أوروبا إلى جانب الولايات المتحدة في نزاع تايوان.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يختلف فيها شولتس وماكرون بشأن سياسة الصين، فخلال أول زيارة لشولتس كمستشار للرئيس الصيني شي جين بينج في بكين نوفمبر الماضي، طلب ماكرون الذهاب للصين في رحلة مشتركة، لكنه تم رفض العرض من قِبل ألمانيا.
الطاقة النووية.. والطاقة المتجددة
لا تزال الحكومة الفرنسية تحاول إطالة الاعتماد على الطاقة النووية على مستوى الاتحاد الأوروبي، وهو ما تنظر إليه برلين على أنه إضعاف للجهود التي تبذلها للتحول نحو الطاقة المتجددة.
وفقًا للوضع الحالي للمفاوضات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تريد باريس قبول أهداف الطاقات المتجددة فقط إذا اعترفت بروكسل أيضًا بمساهمة الطاقة النووية في الطاقات المتجددة.
ومن المخطط أن يأتي ما مجموعه 42.5 في المئة من الطاقة المستهلكة في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030 من مصادر متجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية.
وترغب باريس في قبول دور الطاقة النووية في إنتاج الهيدروجين الصناعي، وهو ما يظهر جليًا في عرقلة قانون حماية المناخ للاتحاد الأوروبي في بروكسل.
نظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي
يتمثل الخلاف الأخير بين فرنسا وبرلين حو إجراءات اللجوء في الاتحاد الأوروبي، وتريد الحكومة الفيدرالية إعفاء العائلات التي لديها أطفال تقل أعمارهم عن 18 عامًا من الإجراءات الحدودية، وهو عكس رؤية فرنسا التي ترغب في إشراك الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 18 عامًا في إجراءات اللجوء على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي.