وسط ترقب عالمي، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه سيوقع اليوم السبت (بالتوقيت المحلي) على إقرار مشروع قانون سقف الدين الذي أقره الكونجرس منذ أيام لتأجيل أزمة سقف الدين وإرجائه لعام 2025، كذلك تقليل الإنفاق الحكومي، ليصير قانونًا، مشيرًا إلى أن الاتفاق عل الميزانية جاء بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بأغلبية، رغم رفض البعض لهذا القانون.
الالتفاف على الكارثة
وقال بايدن عقب تصويت الكونجرس بغرفتيه، النواب والشيوخ، إن "التخلف عن سداد الديون كان سيشكل أمرًا كارثيًا"، مؤكدًا أن "الأمة الأمريكية تجنبت الوقوع في أزمة، وأن ما قدمناه بهذا الاتفاق سيحمي مستقبلنا".
وأضاف: "كنت واضحًا بشأن عدم خفض مخصصات الرعاية الصحية في اتفاق تعليق سقف الدين.. خصوصًا أن برنامج الرعاية الصحية أولوية بالنسبة لنا"، لافتًا إلى أن "الجمهوريين في مجلس النواب حاولوا أيضًا خفض الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة".
ويعلّق الاتفاق سقف الديون، وهو حد الإنفاق الذي حدده الكونجرس، الذي بدوره يحدد مقدار الأموال التي يمكن للحكومة اقتراضها حتى 1 يناير 2025، ومن شأن مشروع القانون أن يوفر 1.5 تريليون دولار على مدى عقد من الزمان، حسبما قال مكتب الميزانية المستقل في الكونجرس يوم الثلاثاء الماضي.
وكانت جانيت ييلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، أعلنت أواخر الشهر الماضي آخر موعد لنقص الموارد المالية لتنفيذ مهام الحكومة في 5 يونيو الجاري، الأمر الذي أدى لتسارع التصويت على مشروع القانون قبل الموعد المحدد.
خطوات ناجحة
كان مجلس الشيوخ قد أقر، الجمعة الماضي، مشروع القانون بأغلبية 63 صوتًا مقابل 36 صوتًا، بعد يوم من إجازته في مجلس النواب الأمريكي.
وتتطلب الموافقة على القانون في مجلس الشيوخ الحصول على موافقة 60 عضوًا لإقراره فيما يتكون المجلس من 100 مقعد ويسيطر عليه الديمقراطيون.
ومن شأن توقيع مشروع القانون أن يجنّب الولايات المتحدة التخلف الكارثي عن سداد ديونها البالغة 31.4 تريليون دولار، الأمر الذي كان يعتبر تهديدًا لاقتصاد الولايات المتحدة وأيضًا الاقتصاد العالمي.
ومع بداية التصويت اقترح أعضاء مجلس الشيوخ في البداية 11 تعديلًا على مشروع القانون، لكن جميعها رُفضت بترتيب سريع، ما مهد الطريق للتصويت النهائي.
ولو تم تمرير أي تعديل من التعديلات، لكان لا بد من إعادة مشروع القانون بالكامل إلى مجلس النواب، الأمر الذي لم يترك سوى القليل من الوقت لضمان الموافقة النهائية على الإجراء قبل أن تسقط الولايات المتحدة في الهاوية المالية.
وأثارت محتويات مشروع القانون اعتراضات من الجمهوريين اليمينيين والديمقراطيين اليساريين، لكن كان هناك أكثر من عدد كافٍ من الوسطيين السياسيين في كلا الحزبين لتجاوزه.
وفي المرة الأخيرة التي اقتربت فيها الولايات المتحدة من تجاوز سقف ديونها، في عام 2011، خفّضت وكالة الائتمان ستاندرد آند بورز تصنيف البلاد.
خطر مرتقب
وذكرت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، أنه سيتم الاحتفاظ بتصنيف الولايات المتحدة عند AAA لكنه سيظل "تحت المراقبة" من أجل خفض محتمل، رغم المصادقة على اتفاق رفع سقف الدين، الذي سيتيح للحكومة الوفاء بالتزاماتها.
وأوضحت "فيتش" في البيان الصادر، الجمعة الماضي، إن "التوصل إلى اتفاق إضافة لخفض العجز المالي إلى حد ما، خلال العامين المقبلين يشكلان اعتبارات إيجابية".
وأعربت الوكالة عن اعتقادها بأن "المواجهات السياسية المتكررة بشأن سقف الدين ثم التوصل إلى اتفاق في اللحظات الأخيرة يقوّض الثقة في الحوكمة".
تحذيرات الإخفاق
وتواجه الولايات المتحدة خطر تخفيض التصنيف الائتماني لها من قِبل وكالة "فيتش" رغم التوصل إلى اتفاق مشروع قانون سقف الدين، الأمر الذي على أساسه وضعت الوكالة الاقتصاد الأمريكي تحت تصنيف "تحت المراقبة"، ما قد يكون له تداعيات وخيمة على أكبر اقتصاد في العالم وقد يؤدي إلى هز ثقة المستثمرين في سندات الخزانة الأمريكية في الأسواق.
وقد يتعرض الدولار، بصفته الأكثر استعمالاً في الأعمال التجارية العالمية، للخطر بسبب التخلف عن السداد، لكن على المدى القصير يمكن أن يرتفع الطلب على الدولار لأنه يعتبر ملاذًا آمنًا في وقت الاضطرابات العالمية.
والحاجة إلى الاحتفاظ بالدولار لأغراض التجارة تعني أن الطلب على شراء السندات الأمريكية سيظل قائمًا، على الرغم من أن واشنطن قد تضطر إلى دفع أسعار فائدة أعلى.
ويأتي التصنيف الائتماني للدول، الذي تقدمه وكالات التصنيف الرئيسية الثلاث "ستاندرد آند بورز" و"فيتش" و"موديز"، تحت ثلاث نقاط، AAA الأقوى ثم B وC وفي حالة التخلف عن سداد الديون يكون التصنيف D هو الأقل ويعتبر اقتصاد هذه الدولة أكثر خطورة للمستثمرين.