لا تزال الولايات المتحدة الحليف الرئيسي لأوكرانيا، منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عام بين موسكو وكييف، إذ تمدها بالأسلحة باستمرار، وتدعم مساعيها لصد الهجمات الروسية على أراضيها، إلا إن الهجوم الأخير الذي استهدف العاصمة الروسية، لم يلق قبولا لدي الإدارة الأمريكية بحسب ما أعلنته رسميًا.
وصرح "البيت الأبيض"، بحزم، بأنه لا يدعم الضربات داخل الأراضي الروسية في أعقاب هجوم الطائرات بدون طيار على موسكو، الذي وقع الأسبوع الماضي.
وأفادت السلطات الروسية يوم الثلاثاء الماضي بأن عدة طائرات مُسيّرة هاجمت موسكو، مما أدى إلى إلحاق أضرار بالمباني السكنية، فيما لم يتم الإعلان عن إصابات، وألقى الكرملين باللوم على أوكرانيا في الهجوم، إلا أن المسؤولين الأوكرانيين نفوا مسؤوليتهم.
جاء الهجوم على موسكو في أعقاب عطلة نهاية الأسبوع، التي شهدت قصفًا روسيًا على أوكرانيا بهجمات بطائرات مسيرة، استهدف معظمها العاصمة كييف.
خلاف أمريكي أوروبي
وبينما أبدى مؤيدو أوكرانيا الغربيون تعليقات متحفظة بشأن هجمات موسكو، قال بعض الحلفاء إن "لكييف الحق في الدفاع عن نفسها، حتى لو كان ذلك يعني شنّ مناورات هجومية داخل روسيا"، إلا إن الولايات المتحدة أكدت أنها لا تتغاضى عن مثل هذه الضربات أو تشجعها بعد حادث الثلاثاء في موسكو.
بحسب ما أشارت وكالة "رويترز" للأنباء، قالت كارين جان بيير، المتحدثة باسم البيت الأبيض، للصحفيين يوم الثلاثاء: "قلنا هذا من قبل ولا ندعم الهجمات داخل روسيا، كنا واضحين للغاية بشأن ذلك".
في غضون ذلك، كان موقف جيمس كليفرلي، وزير خارجية المملكة المتحدة مختلفًا تمامًا عن الموقف الأمريكي، إذ قال للصحفيين، إن أوكرانيا "لها الحق في استعراض القوة خارج حدودها لتقويض قدرة روسيا على إبراز قوتها في الداخل الأوكراني "، وفقًا لما نقلته شبكة "سكاي نيوز".
وبينما أكد أنه لم يكن يشير مباشرة إلى هجوم موسكو بطائرة بدون طيار، قال كليفرلي إن "الأهداف العسكرية المشروعة خارج حدودها هي جزء من دفاع أوكرانيا عن النفس".
وأدلى إدجارس رينكيفيتش، وزير خارجية لاتفيا، في وقت سابق ببيان مماثل، إذ قال إنه يجب السماح للجيش الأوكراني "باستخدام الأسلحة لاستهداف مواقع الصواريخ أو الحقول الجوية من حيث يتم إطلاق تلك العمليات"، وفقا لما أشار موقع "بالتيك تايمز".
وأيضًا، تدعم فرنسا حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها طالما أن المعدات العسكرية الفرنسية لا تستخدم للهجوم داخل روسيا، بحسب مسؤول من البلاد، بحسب وكالة "بلومبرج".
القرار أوكراني
وأحال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، مسؤولية الحادث إلى قرار قادة أوكرانيا، نافيًا حصولهم على الضوء الأخضر من إدارة الرئيس جو بايدن للهجوم الداخل الروسي، وقال للصحفيين: "نحن لا نخبرهم (أوكرانيا) بكيفية إجراء عملياتهم، في النهاية، يقرر الرئيس زيلينسكي وقادته العسكريون ما سيفعلونه من منظور عسكري، ويقررون ما سيفعلونه بالمعدات التي تم توفيرها لهم والتي يمتلكونها الآن".
وتابع كيربي: "كل ما قيل، لقد كنا واضحين للغاية مع الأوكرانيين بشكل خاص، وبالتأكيد كنا واضحين علنًا، أننا لا ندعم الهجمات داخل روسيا، ونحن لا نمكن، ولا نشجع الهجمات داخل روسيا".
محاولات للاختباء
على الطرف الآخر للأزمة، أكد أناتولي أنتونوف، سفير روسيا لدى الولايات المتحدة إنه "لا يصدق مثل هذه التصريحات وادعى أن الولايات المتحدة تشجع أوكرانيا في الواقع على الهجوم داخل روسيا".
وقال "أنتونوف" عبر قناته على تطبيق تليجرام: "ما هي هذه المحاولات للاختباء وراء عبارة "جمع المعلومات"؟، هذا تشجيع للإرهابيين الأوكرانيين".
الطريقة الأمريكية للهجوم
قال مايكل كيماج، الذي كان يتولى سابقًا ملف روسيا/أوكرانيا ضمن موظفي تخطيط السياسة في وزارة الخارجية في تصريحات لمجلة "نيوزويك" الأمريكية: "أعتقد بالنسبة للولايات المتحدة، إنهم لا يحبون عندما يحدث هذا، إنه ليس نوع التصعيد الذي تريد الولايات المتحدة رؤيته".
وأضاف "كيماج" أن مثل هذه الضربات "قد يتم التسامح معها كجزء من الهجوم المضاد، لأن ما ستفعله هو إرهاق الروس وإجبارهم على إعادة توزيع جيشهم "المنهك" للتعامل مع بعض هذه المشاكل المحلية.
وأشار إلى أن بايدن "كان واضحًا جدًا" منذ بداية الحرب قبل 15 شهرًا أنه ضد مثل هذه الهجمات التصعيدية.
وأشار الدبلوماسي الأمريكي إلى أنه منذ أن تعرضت المباني المدنية للقصف خلال ضربات موسكو، يمكن أن يدفع روسيا إلى افتعال "رواية جديدة للحرب".
بالنسبة لسبب إشارة الدول الأخرى إلى أنها أكثر تسامحًا مع مثل هذه الإجراءات من قبل أوكرانيا داخل روسيا، قال "كيماج" إن هؤلاء الحلفاء لديهم مساحة أكبر لأنه لا يُنظر إليهم على نفس مستوى الولايات المتحدة من حيث الدعم لأوكرانيا.
وأضاف: "بطريقة ما، الولايات المتحدة لاعب رئيسي، لذا فإن الأمور مختلفة قليلًا بالنسبة للولايات المتحدة. يمكنك أن تفهم لماذا قد يشعر بايدن بمزيد من الحذر".