تفاقمت الأوضاع في كوسوفو (جنوب شرق أوروبا)، وصارت على صفيح ساخن، بعد إصابة أكثر من 30 جنديًا من قوات حفظ السلام التابعين لحلف شمال الأطلسي "الناتو" في شمال البلاد، جراء الاشتباكات مع الصرب، ما يعيد التوتر لمنطقة البلقان.
صراع تأجج أخيرًا، كالملح على الجرح، أخذت التوترات بين صربيا وكوسوفو في التصاعد مرة أخرى، جراء أعمال الشغب الأخيرة، ما دفع الجيش الصربي لإعلان حالة التأهب القصوى، بحسب صحيفة "دي تسايت" الألمانية.
واتهمت السلطات في كوسوفو وصربيا بعضها البعض بتأجيج التوترات، وسط مطالبات غربية ببدء المحادثات على الفور في إطار الحوار الذي يتوسط فيه الاتحاد الأوروبي.
فتيل الأزمة
وترجع الأزمة الراهنة التي نشبت منذ أيام، إلى احتجاج السكان الصرب في شمال كوسوفو على تعيين رؤساء بلديات من ألبان كوسوفو، وعلى أثرها اندلعت أعمال شغب خطيرة لأول مرة، يوم الجمعة الماضي، عندما حاول المتظاهرون الصرب منع العمدة الجديد من دخول مبنى بلدية زفيتشان.
واستخدمت شرطة كوسوفو بعد ذلك الغاز المسيّل للدموع، ما أسفر عن سقوط العديد من الجرحى، وخلال محاولات اقتحام مبنى إدراة مدينة زفيتشان اندلعت أعمال شغب بين المتظاهرين وشرطة كوسوفو وعدة مئات من جنود قوة حماية كوسوفو الدولية "كفور"، الذين كانوا يحمون مبنى الإدارة، لكن المتظاهرون هاجموا جنود "كفور" بالحجارة والقنابل الحارقة والزجاجات، ما أدى إلى إصابة أكثر من 30 جنديًا.
تأهب في صربيا
على خلفية تلك الأحداث وضع الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، جيش بلاده في حالة تأهب، وأمر بنشر قوات إضافية على حدود كوسوفو، كما تحدث وزير الدفاع الصربي ميلوش فوتشيفيتش عن إجراء قد يُتخذ ضد الإرهاب ضد الجالية الصربية في كوسوفو ــ على حد وصفه ــ لافتًا إلى أن القوات المسلحة على أعلى درجات الاستعداد القتالي.
نظرة على التاريخ
في 17 فبراير 2008، أعلنت كوسوفو (جنوب شرق أوروبا) استقلالها، وبعد بضعة أشهر أصبح لديها دستورها الخاص واعترف بها أكثر من 110 دول، بما في ذلك ألمانيا، كدولة مستقلة.
كانت كوسوفو تنتمي إلى صربيا قبل الحربين العالميتين، ويقطنها 1.8 مليون شخص، معظمهم من أصل ألباني، بينما يقطنها نحو 120.000 من السكان من الصرب، ويعيش نحو 50 ألفًا منهم في شمال البلاد.
وفي عام 1945 أصبحت مقاطعة ذاتية الحكم تابعة لجمهورية صربيا داخل جمهورية يوغوسلافيا الشعبية الفيدرالية، ومع مرور الوقت زادت نسبة السكان من أصل ألباني في كوسوفو بشكل حاد على مدى العقود، بينما نشأت في الوقت نفسه أزمة اقتصادية عميقة في الإقليم.
بعد وفاة جوزيف تيتو، رئيس جمهورية يوغوسلافيا، في مايو 1980، دعا الألبان العرقيون إلى أن تتمتع كوسوفو بوضع جمهورية منفصلة داخل يوغوسلافيا.
رفض صربي
وبعد مرور أكثر من 20 عامًا على انتهاء حرب كوسوفو، رفضت صربيا الاعتراف باستقلال الأولى، شأنها شأن روسيا، والصين، وخمس دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اليونان وإسبانيا وسلوفاكيا.
"كفور".. لحفظ السلام الدولي
وتتمركز قوة "كفور" التابعة لحلف شمال الأطلسي في كوسوفو، وهي بعثة حفظ سلام دولية يقودها "الناتو"، تستند المهمة إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1244 الصادر في 10 يونيو 1999.
وقدر الناتو عدد الجنود المتمركزين في كوسوفو بـ 3762 في أكتوبر 2022، جاء معظمهم من إيطاليا برصيد 715، تليها الولايات المتحدة 561، والمجر 469.
وتشارك قوات من 27 دولة في المهمة، بما في ذلك بعض الدول غير الأعضاء في الناتو مثل أرمينيا ومولدوفا وسويسرا.
التطبيع.. شرط الانضمام للاتحاد الأوروبي
يربط الاتحاد الأوروبي قبول صربيا وكوسوفو بإحراز تقدم في عملية التطبيع فيما بينهما، ويطالب الاتحاد الأوروبي بمزيد من الحكم الذاتي للسكان الصرب عن كوسوفو. يصر الرئيس الصربي إلكسندر فوتشيتش على إنشاء ما يسمى برابطة البلديات الصربية كشرط أساسي للتطبيع.