العمل يفتح الطريق أمام السينما الأردنية نحو العالمية
الفيلم يطرح تساؤلات حول الموروثات والعادات والتقاليد ومدى ملائمتها لعصرنا الحالي
السينما لا تطلق رسائل لأننا لا نحضّر للدكتوراه
أحداث حقيقية من قلب الأردن، تحمل في طياتها قضية واقعية، تعاني منها العديد من النساء، صاغها المخرج أمجد رشيد في فيلمه "إن شاء الله ولد"، ذهبت به بعيدًا إلى مهرجان كان السينمائي، ليسجّل أول مشاركة لفيلم أردني في الحدث السينمائي الأبرز عالميًا، ويعطي دفعة لصناعة السينما الأردنية للانطلاق نحو العالمية.
تدور قصة الفيلم حول "نوال"، وهي امرأة رحل عنها زوجها ليتركها فريسة تواجه رفقة ابنتها أعرافًا اجتماعية وموروثات ثقافية وتشريعات قانونية تهدد حياتها، لتدافع بكل ما أوتيت من قوة عن منزلها أيضًا، الذي يطمع فيه "رفقي" صهر زوجها، فحسب قانون الميراث بالأردن إذا لم تكن الأرملة لديها ولد ذكر تحصل أسرة زوجها على نصيب من الميراث، لذا لم يكن لدى نوال سوى إيهام من حولها بأنها حامل لتأخذ بعض الوقت لتدبير أمرها.
التفاصيل الواقعية التي نُسجت في العمل السينمائي كشف خطوطها المخرج أمجد رشيد، متحدثًا عن دوافعه وراء تقديمها، وقال في حوار لموقع "القاهرة الإخبارية": "تحركت مشاعري نحو هذه القضية لأنها تتماس مع واقعة مماثلة حدثت لأحد أقاربي، مما شكّل دافعًا قويًا لتقديم الفيلم، فقصته تعنيني بشكل شخصي وتشبه الموقف الرئيسي الذي تتعرض له بطلة العمل، وشعرت أن هناك قصة يجب طرحها، ومشكلات في مجتمعنا يجب إلقاء الضوء عليها، ومن هنا جاء التفاعل والتلاقي مع القصة".
وتابع: "كنت أريد أن أحكي وأسرد قصة كيف نعامل المرأة بشكل عام في مجتمعاتنا؟ وكيف نعامل بعضنا البعض؟ وفي الوقت نفسه هل هذه الموروثات والعادات والتقاليد مناسبة لعصرنا الحالي أم لا؟ فكل هذه الأسئلة أردت أن أطرحها على المشاهد وأحثه على التفكير".
إبداع أردني خالص
اقتنص الفيلم جائزة التوزيع من مهرجان كان بعد منافسته في أسبوع النقاد، رغم أن توقعات المخرج لم تذهب إلى صعوده على منصة التتويج، ووصفها بأنها جائزة مهمة ستساعد في توزيع الفيلم في العالم والوطن العربي حتى يكون متاحًا لجمهور أكبر حول العالم، مشيرًا إلى أن أسبوع النقاد بمهرجان كان يشهد منافسة شديدة للغاية.
الشريط السينمائي الأردني يحمل بصمات فنانين أردنيين عدا مصور فوتوغرافي من اليابان، وتلقى العمل دعمًا من مؤسسات بالأردن وفرنسا ومصر وقطر والسعودية، سواء في مرحلة التطوير والإنتاج أو ما بعد الإنتاج وغيرها، ويقول "رشيد" عن ذلك: حظى الفيلم بدعم الهيئة الملكية للأفلام، ومن صندوق البحر الأحمر، ومن مؤسسة الدوحة للأفلام، وسينما ديموند من فرنسا، كما حصل على دعم من مهرجان القاهرة السينمائي في مرحلة التطوير ومرحلة ما بعد الإنتاج، ونال الجائزة الأولى من مهرجان فينسيا عن فئة (فاينال كت)، وتوج بالجائزة الأولى والكبرى من مهرجان مراكش السينمائي لمرحلة ما بعد الإنتاج".
رسائل السينما
السينما ليست لإطلاق الرسائل، من هذا المنطلق يعمل رشيد، إذ يرى أن هذا دور رسائل الدكتوراه ومهنة التدريس، لكن هدفه من الفيلم طرح قصة إنسانية يتعلق بها الجمهور، وطرح أسئلة أخلاقية تحث المتابع على إعادة التفكير فيما هو سائد وموروث، وهل هو ملائم لعصرنا الحالي أم لا، مضيفًا:"أنا أؤمن بأن الفيلم يبدأ بعد خروج الناس من السينما وبعد أن يحضروا عرضه ويبقى لديهم أسئلة تحثهم على التفكير وإعادة النظر فيما حولنا من مشكلات وقضايا مهمة ممكن أن تطور مجتمعاتنا".
حفر رشيد اسمه في تاريخ السينما الأردنية، ليصبح شريطه السينمائي صاحب أول مشاركة أردنية بمهرجان كان، الأمر الذي له شق سلبي أيضًا يتمثل في تأخر وصول أبناء بلده إلى المهرجان المرموق طيلة السنوات الماضية، لكن يعزي المخرج ذلك إلى أن السينما الأردنية عمرها ليس بكثير، قائلًا: "السينما الأردنية صناعة فتيّة، بدأت مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام عام 2005، ولدينا أفلام مهمة تظهر من آن لآخر، والعام الماضي كان لدينا فيلم (الحارة) لباسل غندور، و(بنات عبد الرحمن) للمخرج زيد أبو حمدان، وحظيا باستقبال رائع سواء في المهرجانات أو الجمهور العادي".
فتح الأبواب
يرى "رشيد" أن فيلمه فتح الفرصة لصنّاع السينما الأردنية للوصول إلى مهرجان كان: "(إن شاء الله ولد) أول فيلم أردني يذهب لمهرجان كان، وبذلك فتح الباب لصنّاع أفلام أردنيين للوصول إلى (كان) مرة أخرى وهو المهرجان الأهم عالميًا، ونسير على الطريق الصحيح وليس مهمًا الكم ولكن النوعية هي الأهم، وأرى أن نوعية الأفلام الأردنية ممتازة وتنافس في مهرجانات مهمة وتلقى نجاح عند الجمهور".
فتح النجاح النقدي الذي حققه الفيلم شهية صنّاعه، ليؤكد مخرج العمل وجود خطة لطرحه للجمهور في دور العرض العربية، لكن لم يتحدد الموعد بعد.