في ظل متغيرات دولية ونظام متعدد الأقطاب، انعقدت الجامعة العربية في نسختها الـ32، كاملة العدد، في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، اليوم الجمعة، أملًا في إعادة وحدة الصف العربي وسط تحديات جمّة، تستهدف النيل من الأمن القومي العربي، والحل واحد "متفق عليه" وهو تفعيل العمل العربي المشترك.
وانطلقت أعمال الدورة الـ32 للقمة العربية العادية تحت عنوان "قمة التجديد والتغيير"، بمشاركة قادة الدول العربية ورؤساء الوفود، وترأس أعمال مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية، حيث تسلمت المملكة رئاسة القمة من الجزائر.
من جهته، قال بشير عبد الفتاح، الباحث السياسي في مركز الأهرام للدراسات، إن تفعيل العمل العربي المشترك هو العامل الرئيسي في إنجاح مساعي القمة العربية والساعية -بحضور عربي كامل العدد- إلى إيجاد حلول مستدامة للأزمات والقضاء على التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي، ومن شأنه استنهاض الدول العربية ووقف التدخلات الخارجية في شؤونها.
وفنّد الباحث السياسي المصري، في تصريحات صحفية لموقع "القاهرة الإخبارية" تحديات سياسية واقتصادية وأمنية تعترض الأمن القومي العربي.
تداعيات استمرار الأزمات العربية
قال "عبدالفتاح"، إن الأزمات العربية "الملتهبة" وفق تعبيره، والتي تعاني منها دول العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان، تمثل أهم التحديات السياسية التي تعترض الأمن القومي العربي، مؤكدًا أن من شأن استمرار هذه الأزمات دون حلول حاسمة ومستدامة تكبد المنطقة والأمن القومي العربي خسائر أمنية، واجتماعية، واقتصادية وإنسانية خطيرة للغاية.
تعثر التكامل الاقتصادي العربي
أضاف أن هناك تحديًا اقتصاديًا كبيرًا أمام الدول العربية، مستندًا إلى تقارير اقتصادية دولية تؤكد زيادة التضخم وتفاقم الأزمات الاقتصادية والعجز في الموازين التجارية لعدد من الدول العربية، لا سيما التي تشهد صراعات منها.
ولفت إلى تعثر قضية التكامل الاقتصادي العربي، وأنه حتى الآن لم يتم تدشين التبادل التجاري العربي، واتفاقية التجارة الحرة العربية، وتسهيل التبادل التجاري بين الدول العربية إلى جانب الحاجة إلى مشروعات تنموية تتناسب مع حجم التعاون ما بين الدول العربية وبعضها البعض، مؤكدًا: "هذا تحد مهم للغاية".
التدخلات الخارجية
واعتبر الباحث السياسي بمركز الأهرام للدراسات، أن من شأن التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية من قبل دول مثل: إسرائيل وإيران وتركيا وإثيوبيا، إلى جانب التغلغل من قبل من قوى دولية كبرى، في الشأن العربي والأزمات العربية أن يطيل أمد هذه الأزمات ويُعّقد من عملية تسويتها، ويمثل تحديًا كبيرًا للأمن القومي العربي.
تحديات وفرص
فيما اعتبر محمد نادر العمري، الكاتب والباحث السوري المتخصص في العلاقات الدولية، إن الجامعة العربية أمام تحد حقيقي ومصيري في هذه القمة، لاسيما في ظل انعقادها كاملة العدد مرة أخرى بعودة دمشق، أن تحقق مساعيها لتتبوأ موقعًا ذا ثقل ووزن في اتخاذ وتحديد مسارات صنع السياسة الدولية، في ظل نظام دولي متعدد الأقطاب.
أوضح أن التحدي الأساسي يتعلق بوجودها، سواء ضمن العلاقات البينية بين الدول العربية أو وجودها كمنظومة إقليمية في ظل الصراع الحاصل على المستوى الدولي، وانقسام المشهد في الاصطفافات ما بين الشرق والغرب.
أضاف الباحث السوري: "أعتقد أنها أمام تحد وفرصة في آن واحد، ويتمثل ذلك في مدى قدرتها على لملمة الجراح ومعاجلة الخلافات البينية، ووضع رؤى مشتركة للأمن القومي العربي بمختلف جوانبه، وكذلك مدى قدرتها على حل الأزمات والنزاعات وحماية إمكاناتها ودولها، والقدرة على استثمار الإمكانات البشرية والمادية، والثروات فيما يتعلق بإحداث تنمية شاملة، على مستوى المنطقة".