الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ما دلالات الشعارات والرموز المستخدمة في الانتخابات التركية؟

  • مشاركة :
post-title
الانتخابات الرئاسية في تركيا

القاهرة الإخبارية - د. مبارك أحمد

حملت الانتخابات التركية الرئاسية والتشريعية التي تمت في 14 مايو 2023، العديد من الشعارات والرموز والبرامج الانتخابية التي تعكس، من ناحية، مبادئ وأهداف التحالفات الانتخابية وأيدولوجياتها المتنوعة، التي تسعى من خلالها إلى الوصول إلى سدة الحكم أو التمثيل داخل البرلمان، أو طرح رؤيتها لمستقبل تركيا كما تراه تلك التحالفات سواء فيما يتعلق بالنظام السياسي للدولة وكفاءة النظام الاقتصادي، وآليات النهوض التركي بشكل عام، بعد أن انحصرت المنافسة الرئاسية بين مرشح تحالف الجمهور رجب طيب أردوغان، الرئيس الحالي (68 عامًا)، وكليتشدار أوغلو (74 عامًا) مرشح تحالف الأمة المعارض، لا سيما أن الأول سيطر على مقاليد السلطة في البلاد لنحو عقدين منذ عام 2002 رئيسًا للوزراء ثم رئيسًا للبلاد منذ عام 2018. ويتنافسان على عدد من الأصوات الانتخابية 62.4 مليون ناخب منهم 6 ملايين يصوتون للمرة الأولى.

شعارات ورموز متعددة:

عكست الشعارات والرموز والوعود الانتخابية التي طُرحت خلال الحملات الانتخابية تنوعًا وزخمًا كبيرًا، حيث يمكن الإشارة إلى أبرز تلك الشعارات والرموز والوعود في التالي:

(*) القرن التركي: أطلق رجب طيب أردوغان حملته الانتخابية تحت شعار رسمي هو " قرن تركيا " حمل الشعار شكل به 16 نجمة ترمز إلى العناصر الأساسية للتاريخ التركي القديم، بينما النجمة فى العلم التركي تعني تكامل التراث المشترك، حيث يتم التأكيد من خلال الشعار الجديد على الطابع العالمي لرؤية تركيا للقرن من خلال المحيط الدائري للشعار، وتمثل كل أشعة الشمس المنبعثة من جميع أنحاء الهلال كل عام من سنوات الجمهورية التركية ومجموعها 100، كما أن الشكل واللون الخاص ذا التأثير الذهبي يؤسسان العلاقة في العالم بأن القرن التركي ولد كالشمس، وفقًا لوصف محللين أتراك. ووفقًا لتصريحات الرئيس أردوغان فشعار حزبه الجديد سيكون قرنًا تركيًا.. "نحن نستعد لاستقبال الذكرى المئوية لجمهوريتنا مع اختراق قرن تركيا، الذي يتجاوز بكثير الاحتفالات بالذكرى السنوية العادية".

وقد استند حزب العدالة والتنمية الذي خاض الانتخابات التركية الرئاسية والبرلمانية على الاحتفال بمئوية الجمهورية التركية عام 2023، واستوحى الشعار الخاص بنهج ورؤية القرن التركي كشعار للرئاسة التركية، الذي اعتبره البعض دلالة على التمسك بالنظام الرئاسي الذي بدأ تطبيقه عام 2018 وتسعى أحزاب المعارضة لإلغائه وإعادة النظام البرلماني بعد تعزيزه بسبب تركيزه السلطات في يد رئيس الجمهورية وإضعاف السلطات الأخرى. ويتبنى شعار القرن التركي تحالف الجمهور الذى يدعم إعادة انتخاب الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان ويضم حزب العدالة والتنمية الحاكم، والحركة القومية، والرفاه الجديد، والاتحاد الكبير، وحزب الهدي الإسلامي الكردي. وقد قرر كل حزب التنافس في الانتخابات وقوائمه الخاصة. فعلى سبيل المثال يرى حزب الاتحاد الكبير أن الإسلام عنصر مهم في الهوية التركية، ويتبنى حزب الرفاه الجديد، أن تركيا يمكن أن تتطور بقوتها البشرية والاقتصادية من خلال حماية قيمها الأساسية والثقة بالله ومنافسة الدول الغربية، وينادي الحزب بضرورة استبدال النظام العادل الإسلامي بالنظام الغربي الظالم.

(*) النظام البرلماني المعزز: طرح تحالف الأمة والمعروف بـ"الطاولة السداسية"، ويضم أحزاب الشعب الجمهوري الجديد، والمستقبل بزعامة أحمد داوود أوغلو، والجيد، والتقدم والديمقراطية، والديمقراطي، الذى اختار كليتشدار أوغلو ليخوض السباق الرئاسي أمام رجب أردوغان شعاره الانتخابي تحت عنوان "النظام البرلماني المعزز"، ويتبنى التحالف استعادة النظام البرلماني، كما تبنى كليتشدار مقولة "سنحكم تركيا بالمشاورات والتوافق". وارتكزت حملته الانتخابية على تبني استعادة النظام البرلماني الذي تم استبداله بالنظام الرئاسي حتى يبقى أردوغان فى السلطة، وعدد كليتشدار ملامح برنامجه الانتخابي، الذى أكد أنه يقوم على استعادة الديمقراطية، وتعزيز استقلالية القضاء والبنك المركزى، ومكافحة الفقر، والإفراج عن الصحفيين، وتبنى سياسة خارجية متوازنة بعيدة عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وبشكل عام قدم التحالف برنامجًا يمتد إلى الإصلاح السياسي والإدارة العامة والقانون والعدالة ومكافحة الفساد والتوظيف والسياسة الاجتماعية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا، والسياسة الخارجية والأمن، ويقدم البرنامج ضمانات لتداول السلطة.

(*) حكم الشعب: طرح تحالف العمل والحرية بقيادة حزب الشعوب الديمقراطية، ويضم أحزاب العمل، والحركة العمالية، وعمال تركيا، واتحاد الجمعيات الاشتراكية، وحزب الحرية المجتمعية برنامجًا انتخابيًا يقوم على نقطة مركزية هى بناء نظام ديمقراطي يقوم على حكم الشعب، وإيجاد حلى سلمي وديمقراطي للقضية الكردية وصيانة قيم العدالة والمساواة وضمان حرية المرأة، فضلًا عن إطلاق برنامج الحقوق الاجتماعية. وقد قرر حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد خوض الانتخابات باسم حزب اليسار الأخضر، تجنبًا لإغلاقه نتيجة دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية العليا تتهمه بأنه الذراع السياسية لحزب العمال الكردستاني المصنفة منظمة إرهابية.

(*) إعادة المهاجرين واللاجئين: تبنى تحالف الأجداد(أتا)، اليميني القومي الذى يضم أحزاب النصر، والعدالة، ودولتي ومرشحه سنان أوغان إعادة المهاجرين واللاجئين إلى مواطنهم، فضلًا عن الاهتمام بالزراعة، ورفع الحد الأدنى للأجور فوق مستوى حدود الفقر، كما لا يرحب بوجود اللاجئين السوريين في تركيا. في حين يرى تحالف العمل والحرية وفقًا لبرنامجه الانتخابي ضرورة إحلال السلام في دول المنطقة حتى يتسنى عودة المهاجرين واللاجئين إلى مواطنهم الأصلية.

(*) تسويق الإنجازات في الحملات الانتخابية: سعى الرئيس رجب طيب أردوغان خلال حملته الانتخابية، وعبر المؤتمرات الانتخابية التي عقدها في المدن والمقاطعات التركية الكبرى إلى طرح إنجازاته التي تحققت، وارتكز تسويقه الانتخابي على بُعدين رئيسيين الأول نجاحه فى مكافحة الإرهاب، والثاني إعلانه في 27 إبريل 2023 دخول تركيا رسميًا نادي دول الطاقة النووية خلال الاحتفال بتسليم الوقود النووي إلى موقع البناء بمحطة أكويو التى بنتها روسيا، وستوفر بعد اكتمال بنائها الكهرباء لـ15 مليون مواطن. من ناحية أخرى كثّف أردوغان من افتتاحه للمشروعات القومية قبيل الانتخابات لتوظيفها دعائيًا، ومنها الإعلان عن تصنيع أول سيارة كهربائية محلية الصنع وافتتاح المرحلة الأولى من مركز أسطنبول المالي، والإعلان عن رفع نسبة الإنتاج المحلي في الصناعات الدفاعية إلى 80%.

(*) توظيف الدين في الحملات الانتخابية: على الرغم من أن القانون التركي لا يجيز استخدام العبارات والشعارات والرموز الدينية فى الحملات الانتخابية، إلا أن الرئيس رجب طيب أردوغان اتجه خلال الحملات الانتخابية للحديث عن أنه من سمح للسيدات بارتداء الحجاب. في المقابل أدركت المعارضة ذلك وتحدث كليتشدار مرشح المعارضة عن الحريات الدينية التي لا لن تُمس حال وصوله إلى السلطة.

مجمل القول إن الشعارات الانتخابية التي طُرحت خلال السباق الانتخابي الرئاسي والبرلماني اتسمت بعدم الاتساق الأيدولوجي فتحالف الأمة المعارض ضم أحزاب الشعب الجمهوري (علماني)، والخير (قومي)، والسعادة (إسلامي)، والديمقراطي (يساري) بالإضافة إلى حزبي المستقبل، والديمقراطية والتقدم (المنشقان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم). فضلاً عن تمايز الرؤى داخل التحالف الانتخابي الواحد سواء فيما يتعلق بآليات تصحيح الخلل الاقتصادي الذي تعانى منه تركيا أو فيما يخص ملف اللاجئين والمهاجرين وعودتهم إلى بلدانهم.