تُروج الحكومة المصرية تزامنًا مع استضافتها لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "Cop 27" لمشروعات التحول الأخضر والتكيف، من خلال العديد من مشروعات التنمية المستدامة التي تضمن تحقيق حلم التحول الأخضر، والوصول إلى الحياد الكربوني. ويُعد برنامج "نُوفِّي" مشروع طموح يرمي إلى زيادة الاستثمارات الخضراء في مشروعات المناخ، وهو من أبرز المشروعات التي تستهدفها القاهرة لتحقيق شراكة مع القطاع الخاص وشركاء التنمية.
سنتطرق في هذا التقرير إلى التعريف ببرنامج التحول الأخضر "نُوفِّي"، ودور القطاع الخاص في إنجاحه، وأهم انعكاساته على البيئة المصرية.
ما هو برنامج نُوفِّي؟
منصة أطلقتها وزارة التعاون الدولي المصرية في يوليو 2022، لتحفيز العمل المناخي، تُعني بشكلٍ أساسي بربط ثلاثية الطاقة والمياه والغذاء. وقد برز برنامج "نٌوفِّي" (NWFE) ضمن مشروعات الحكومة المصرية الخضراء، وفي سياق المظلة الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 التي أقرَّتها الحكومة المصرية، تزامنًا مع استضافتها لقمة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "Cop 27"، وهو ما يضمن تعزيز جهود تحقيق التنمية المستدامة منخفضة الكربون، وكذلك بناء قدرة الدولة المصرية على التكيف مع التغيرات المناخية، في إطار تعزيز التعاون في مجالات البحث العلمي ونقل التكنولوجيا.
ويتضمن البرنامج تسعة مشروعات في مجالات المياه، والغذاء، والطاقة.
جدير بالذكر أن المشروع سيكون باستثمارات تتجاوز 15 مليار دولار، ويضطلع بنك التنمية الإفريقي بالتنسيق فيما يتعلق بمحور المياه، والبنك الأوربي لإعادة الإعمار والتنمية بمحور الطاقة، والصندوق الدولي للتنمية بمحور الأمن الغذائي، ويؤكد هذا البرنامج خطط الحكومة المصرية الطموحة نحو خفض الانبعاثات الكربونية.
دور القطاع الخاص وشركاء التنمية:
تُعول الحكومة المصرية على دور المؤسسات المالية العالمية، والمنظمات غير الهادفة للربح، وشركاء التنمية إضافة إلى القطاع الخاص في تمويل برنامج "نُوفِّي" باعتباره مساهمة للوصول إلى الاقتصاد الأخضر. وعقدت القاهرة منصة لتحقيق التعاون التنسيقي لمجموعة شركاء التنمية، بهدف توفير التمويل التنموي للوفاء بالتعهدات الدولية تجاه المناخ بشكل حقيقي تنعكس نتائجه على واقع الكوكب.
ويُمثل المشروع فرصة لتكامل الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص، وتستهدف مصر من هذا البرنامج زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة لتوفير الغاز الذي يُمكن أن يُصدر للسوق العالمية لحل مشكلة الطاقة العالمية، خاصة أن البرنامج يرمي إلى استبدال 17 محطة كهرباء تعمل بالغاز الطبيعي بمحطات الطاقة المتجددة التي تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح بتمويل من بنك الإعمار و التنمية الأوروبي وعدد من الجهات المانحة، واستثمارات مباشرة من القطاع الخاص بتكلفة إجمالية تصل 10 مليارات دولار. وأثبتت مشروعات التحول الأخضر التي تتبناها القاهرة مؤخرًا نجاحًا باهرًا؛ حيث تضم المحفظة الجارية لوزارة التعاون الدولي المصرية تمويلات تتجاوز 11 مليار دولار.
تجدر الإشارة إلى أن البرنامج لم يغفل الهدف الأساسي للقطاع الخاص والمتعلق بالربحية وتحقيق مكاسب مادية؛ إذ عمل البرنامج في تقديم المشروعات ذات الجدوى الاستثمارية لتحفيز القطاع الخاص للدخول فيها. وأظهر مبعوث الرئاسة الأمريكية لشئون المناخ "جون كيري" اهتمام واشنطن بالبرنامج، لا سيما مشروع تحلية المياه بالطاقة الشمسية، إضافة إلى دعم المبادرة المصرية المتعلقة بمسألة الأمن الغذائي.
انعكاسات البرنامج على البيئة المصرية:
انعكاسات إيجابية عديدة لبرنامج "نُوفِّي" على البيئة المصرية، تُلمس على الأرض بمجرد تطبيقه، خاصة فيما يتعلق بالاستثمار الأخضر، هي كالتالي:
(*) تمويل جهود التكيف: من المتوقع أن ينعكس برنامج "نُوفِّي" بشكل أساسي على تمكين القاهرة، من دعم تمويل جهود التكيف باعتبارها إحدى الدول المهددة بتغير المناخ، خاصة أن البرنامج يستهدف بشكل أساسي التحول إلى الاقتصاد الأخضر والمساعدة في تقليل الانبعاثات الكربونية.
(*) تحقيق الأمن الغذائي: يستهدف برنامج "نُوفِّي" تحقيق الأمن الغذائي، لا سيما مع تأثر سلاسل إمداد الغذاء العالمية بفعل الحرب الروسية الأوكرانية. ويبرز تحقيق ذلك في برنامج "نُوفِّي" عبر تحفيز الزراعة المستدامة لتوفير المياه ومواجهة مخاطر الجفاف.
(*) خفض الانبعاثات الكربونية: رغم أن مصر تسهم في الانبعاثات الكربونية العالمية بنسبة لا تتجاوز 0.6 في المئة، إلا أنها تستهدف خفضها عبر مشروعات التحول الأخضر كإسهام لدعم خطط لتحقيق الحياد الكربوني، لا سيما أن القاهرة تُعد واحدة من أبرز الدول المهددة بتغير المناخ، ويهدف برنامج "نُوفِّي" من خلال تقليل استخدام محطات توليد الكهرباء من الوقود الأحفوري إلى خفض انبعاثات قطاع توليد ونقل وتوزيع الكهرباء بنحو 70 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030، وهو ما يوازي خفض الانبعاثات الكربونية بنحو 33 في المئة.
(*) حوكمة المناخ: ترى التحليلات أن برنامج "نُوفِّي" ينعكس بشكل مباشر على تحديد الأدوار والمسئوليات، والبنية التحتية لتمويل المناخ عبر دمج البعد المناخي في خطط الميزانية العامة للدولة، وإعلان السندات الخضراء لتنفيذ المشروعات الخضراء عبر تحقيق تعاون مباشر بين الحكومة والقطاع الخاص وشركاء التنمية.
(*) تحقيق الأمن المائي: يضمن تحقيق مصر لبرنامجها الطموح "NWFE" تحقيق التنمية المستدامة عبر الاستعانة بمصادر الطاقة الخضراء في توليد الكهرباء وتحلية المياه فرصة للدولة المصرية لتجاوز مسألة الفقر المائي عبر استخدام الطاقة المتجددة في تحلية مياه البحر.
ختامًا، يُمثل برنامج "نُوفِّي" فرصة جادة لإشراك القطاع الخاص في قضايا المناخ، خاصة أنه سيزيد من التزام هذا القطاع بالتصدي لتغير المناخ، مما يدعم خطط الأمم المتحدة للوصول إلى الحياد الكربوني.
يُضاف إلى ذلك أنه يُمثل نموذجًا للتعاون المشترك بين القطاع الخاص والحكومات وكذلك الجهات الدولية المانحة، لتحقيق التنمية المستدامة وضمان تحقيق الأمن الغذائي وحوكمة المناخ.