تقرر الجمعية الدستورية العليا في فرنسا، اليوم الجمعة، ما إذا كانت ستوافق على إصلاح نظام المعاشات الذي أعده الرئيس إيمانويل ماكرون، ولا يحظى بشعبية كبيرة بعد أشهر من الاحتجاجات في الشارع الفرنسي، بشكل كامل أو جزئيًا.
ويواجه الزعيم البالغ من العمر 45 عامًا أزمة داخلية كبيرة، بسبب إصلاحه الرئيسي للمعاشات التقاعدية، والذي يتمثل محوره الرئيسي في رفع سن التقاعد القانوني إلى 64 عاما بزيادة عامين.
وتحولت بعض المظاهرات إلى أعمال عنف منذ أن فرضت حكومة ماكرون مشروع القانون على البرلمان الشهر الماضي دون تصويت، مستخدمة نص دستوري يجيز إقرار الحكومة للقوانين دون الرجوع لتصويت البرلمان، مما أثار اتهامات من معارضين بسلوك غير ديمقراطي.
العقبة الأخيرة
ويمثل الضوء الأخضر الذي يصدره المجلس الدستوري العقبة الأخيرة أمام ماكرون للتوقيع على التعديلات، التي تدخل في القانون وضمان تطبيقها بحلول نهاية العام، إلا إن النقابات العمالية ونواب المعارضة يأملون في رفض الإصلاح، الذي وضعه الرئيس الفرنسي في قلب حملة إعادة انتخابه العام الماضي لولاية ثانية.
وخرج نحو 380 ألف شخص إلى الشوارع في أنحاء فرنسا أمس الخميس، في أحدث أيام الحشد الذي يقوده النقابات ضد مشروع القانون منذ يناير، وفقًا لبيان وزارة الداخلية الفرنسية.
لكن هذا العدد أقل بكثير من العدد الذي قالت إنه تظاهر في ذروة الاحتجاجات في مارس، والذي بلغ نحو 1.3 مليون شخص.
وقد تلاشى الزخم في الأسابيع الأخيرة، إذ يبدو أن الناس يشعرون باليأس بشكل متزايد من التضحية بأجر يوم واحد للإضراب أو المسيرة.
الموافقة الجزئية
وكانت الشرطة الفرنسية حظرت أي مظاهرة حول المجلس الدستوري في باريس حتى صباح يوم السبت، إذ من المقرر أن تصدر المحكمة قرارين في نهاية اليوم الجمعة.
وسيقرر المجلس -المكون من 9 أعضاء- ما إذا كان إصلاح المعاشات التقاعدية، الذي تمت صياغته كقانون لميزانية الضمان الاجتماعي، يتماشى مع الدستور أم لا.
ويعتقد الخبراء أن السيناريو الأكثر احتمالًا هو أنه سيوافق جزئيًا على مشروع القانون.
وهذا يعني أنه قد يلغي بعض تفاصيل القانون باعتبارها غير مناسبة دستوريًا لهذا النوع من التشريعات، ولكن من المحتمل أن يلقي بثقله وراء عناصره الأساسية، بما في ذلك تأجيل الحد الأدنى للسن القانونية للتقاعد.
أما السيناريو الثاني، ستنظر المحكمة في طلبين منفصلين من المعارضة اليسارية لبدء استفتاء محتمل على قانون بديل للحد من سن التقاعد عند 62 عامًا.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت ستعطي الضوء الأخضر للمضي قدمًا في تطبيق القانون، إلا أن الطريق نحو أي استفتاء فعلي سيكون طويلًا جدًا، إذ أنه في أي تصويت، ستحتاج المعارضة إلى جمع نحو 4.8 مليون توقيع من أعضاء هيئة الناخبين، الذين يدعمون اقتراحهم في غضون تسعة أشهر.
ولن يتم الاستفتاء إلا إذا رفض مجلسا البرلمان النظر في مشروع القانون في الأشهر الستة المقبلة، وهو أمر يعتبر مستبعدًا.
وبعد أن رفض ماكرون مرارًا دعوات لإجراء محادثات مع زعماء النقابات في الأسابيع الأخيرة، قال إنه سيدعو ممثلين عن العمال لإجراء مناقشات بمجرد نشر قرار المحكمة.
قال "ماكرون"، للصحفيين، في زيارة إلى هولندا يوم الأربعاء: "قرار المجلس الدستوري يوم الجمعة سيضع حدًا للإجراءات الديمقراطية والدستورية"، وفقًا لما أفادت به صحيفة "لوموند" الفرنسية.
لكنه أضاف أن النقاش العام "سيستمر بالتأكيد".
وقال لوران بيرجر، زعيم اتحاد الحقوق المدنية والسياسية، إنه إذا تمت الموافقة على مشروع القانون جزئيًا فقط، فيجب إعادة النظر فيه في البرلمان، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن نحو اثنين من كل ثلاثة فرنسيين يعارضون تغيير نظام المعاشات، ويقول منتقدون إنه غير عادل للنساء والعمال غير المهرة الذين بدأوا العمل في وقت مبكر من حياتهم.
لكن الحكومة تقول إنها ضرورية لمنع النظام من الوقوع في عجز كبير في العقود المقبلة، وجعل فرنسا تتماشى مع بقية أوروبا حيث يتقاعد الناس عادة في وقت لاحق.