الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"الرد المحسوب"| مطالب بتصعيد أمريكي ضد إيران.. ومحللون يشككون

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي جو بايدن

القاهرة الإخبارية - مروة الوجيه

أبدت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تحفظها على الضربات الجوية الأخيرة في سوريا، قائلة: "يجب أن ينظر إلى "تحجيمها" بعض الشيء.

وجاءت هذه الضربات على خلفية ضربة من طائرة مُسيّرة، أعلنت الحكومة الأمريكية أنها إيرانية، أسفرت عن إصابة 5 جنود ومقتل مقاول أمريكي، في إحدى قواعدها بمنطقة دير الزور في شمال شرق سوريا.

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن مصادر في إدارة الرئيس الأمريكي أكدت "تحفظها" على الرد بمزيد من الهجمات الجوية على المناطق المتواجد بها قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا، بهدف تفادي الدخول في حرب واسعة النطاق مع إيران ووكلائها، فيما يحذر خبراء من أن سياسة "الرد المحسوب" لن توقف الهجمات ضد القوات الأمريكية.

رد متحفظ حتى الآن

وبعد هجوم المُسيّرة على القاعدة الأمريكية، قال مسؤولون بإدارة واشنطن إن رد بايدن جاء "أكثر تحفظًا حتى الآن"، على حد وصف صحيفة "نيويورك تايمز".

وردت مقاتلتان أمريكيتان من طراز "F-15e"، الخميس الماضي، بشن ضربات جوية ضد مواقع مسلحة تابعة للحرس الثوري الإيراني، ما دفع بالميليشيات المدعومة من إيران إلى شن هجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة، الجمعة، أدت إلى إصابة أمريكي آخر.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤول في إدارة الرئيس الأمريكي، أكد أن الطائرات الحربية الأمريكية كانت تستعد لشن جولة ثانية من الضربات الانتقامية في وقت متأخر من الجمعة الماضي، لكن البيت الأبيض أوقف العملية.

وخلال نهاية الأسبوع، لم تسجل أي هجمات جديدة من جانب الجماعات المسلحة، فيما كانت الأحوال الجوية في شرق سوريا سيئة وتصعب على القوات الأمريكية استهداف المسلحين المدعومين من إيران، بحسب الصحيفة.

تفادي التصعيد

ووفق تقرير "نيويورك تايمز"، نقل مسؤولون في إدارة بايدن: أن الجيش مستعد للرد على أي تهديدات جديدة للولايات المتحدة"، لكن المسؤولين الأمريكيين بدوا أيضًا حريصين على تجنب تصعيد الهجمات بين الطرفين، تجنبًا لحرب أوسع نطاقًا ضد إيران أو وكلائها في المنطقة، والاحتفاظ بتركيزهم من أجل المهمة الأكبر المتمثلة في "المساعدة على استئصال كل جيوب مقاتلي تنظيم "داعش" الإرهابي، الذين لا يزالون يشنون حرب عصابات في المنطقة.

في السياق ذاته، قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، للصحفيين، أمس الإثنين: "سنفعل ما يتعين علينا القيام به بسرعة وجرأة من أجل حماية شعبنا ومنشآتنا في سوريا"، مضيفًا: "لن نتراجع عن مواصلة تعقب هذه الشبكة في سوريا".

وبحسب "نيويورك تايمز"، لا يزال لدى الولايات المتحدة أكثر من 900 جندي ومئات من المتعاقدين في سوريا، يعملون مع القوات الكردية لضمان عدم عودة تنظيم داعش، الذي تلقى هزيمة فادحة في 2019، بعد 5 سنوات عانت فيها المنطقة من دمار في جميع أنحاء العراق وسوريا.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في العام الماضي فقط، شنت الميليشيات المدعومة من إيران "عشرات الهجمات ضد أو على مقربة من القواعد التي تتواجد فيها قوات أمريكية".

تحذيرات طهران

نقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين أكدوا أن بايدن حاول تهدئة الأجواء، لتجنب الضربات المتبادلة بين القوات الأمريكية والجماعات الموالية لإيران، فيما حذر طهران من الزج بوكلائها في أتون المعركة.

وقال بايدن، في مؤتمر صحفي، خلال زيارته إلى كندا، الجمعة الماضي، إن "الولايات المتحدة لا تسعى إلى الدخول في صراع ضد إيران.. لكن كونوا مستعدين لتعاملنا بقوة من أجل حماية شعبنا. هذا بالضبط ما حدث الليلة الماضية".

وأثار بعض المحللين مخاوف من أن الهجمات الجوية المتبادلة تهدد بعرقلة الجهود الدبلوماسية لخفض حدة التوتر في الشرق الأوسط، إذ يتزامن هذا القتال مع تعاطي الولايات المتحدة مع أزمة صعود الصين في منطقة الشرق الأوسط، بعد نجاحها في إبرام الصلح بين إيران والسعودية بعد قطيعة استمرت منذ 2016.

ونقلت "نيويورك تايمز" عن بعض المحللين العسكريين والمسؤولين السابقين في وزارة الدفاع الأمريكية، الذين أكدوا أن الضربات الانتقامية الأمريكية "لن تردع إيران أو وكلاءها"، وأن البيت الأبيض بحاجة إلى تصعيد العمليات الانتقامية".

في السياق ذاته، قال مايكل مولروي، المسؤول السابق عن السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط في البنتاجون، لـ"نيويورك تايمز" إن "سياسة الرد المحسوب الحالية لن تضع حدًا لهذه الهجمات غير المبررة"، مضيفًا: "إذا ضربت، فاضرب بقوة".

سيناريو ترامب

وقالت "نيويورك تايمز"، إن هذا هو ما فعله ترامب في 3 يناير 2020، عندما أذن بالهجوم الذي أدى إلى مقتل القائد الإيراني اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إلى جانب عدد من مسؤولي الميليشيات العراقية المدعومة من طهران، عندما أطلقت مسيّرة أمريكية من طراز "ريبر إم كيو ـ 9" صواريخ على موكب سليماني، الذي كان في طريقه لمغادرة المطار في بغداد.

ومثلت هذه الضربة تصعيدًا خطيرًا في مواجهة ترامب المتفاقمة ضد طهران، التي بدأت بمقتل متعاقد أمريكي في العراق، ديسمبر 2019، ثم توالت ضربات الميليشيات المدعومة من إيران على القوات الأمريكية في سوريا 78 هجومًا منذ يناير 2021، وحتى الضربة الأخيرة في دير الزور، وفق الصحيفة الأمريكية.

ولكن الضربة الأمريكية الأخيرة، "لن تردع أو توقف الهجمات على الجنود الأمريكيين في سوريا والعراق"، على عكس ما تنبأ مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، ومسؤولون آخرون في إدارة ترامب، وبعد شهرين، لقى أمريكيان وعضو آخر في التحالف مصرعهم في هجوم صاروخي على قاعدة في العراق.

هجمات متبادلة

وبدأت الأزمة بعد شن أول هجوم على قاعدة أمريكية، الخميس الماضي، في شمال شرق سوريا، أدت إلى إصابة 5 جنود ومقتل أمريكي ميكانيكي للقاعدة.

وقال مسؤولان أمريكيان، الجمعة، إن نظام الدفاع الجوي الرئيسي في القاعدة: "لم يكن يعمل بكامل طاقته" في ذلك الوقت، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كان المهاجمون اكتشفوا هذه الثغرة واستغلوها، أو أن إرسال المُسيّرة في ذلك الوقت جاء من قبيل المصادفة، وفقًا لأشخاص تحدثوا إلى "نيويورك تايمز" شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.

وقال مسؤول أمريكي رفيع، الإثنين، إن الردار الرئيسي لمنظومة الدفاع الصاروخي "أفينجر" في القاعدة، الذي يُسمى "RLZ"، لم يكن يعمل بسبب مشكلات تتعلق بالصيانة، وإن الردار الاحتياطي فشل في اكتشاف المسيّرة المقتحمة التي اصطدمت بمنشأة الصيانة.

وبعد نحو 13 ساعة من الهجوم الذي شنته المُسيّرة، قصفت الطائرات الحربية الأمريكية 3 أهداف في شرق سوريا كانت تستخدمها الميليشيات المدعومة من إيران.

ورداً على ذلك، قال المسؤولون الأمريكيون إن الميليشيات شنت 3 هجمات منفصلة بالصواريخ أو بالمسيّرات على قواعد أمريكية أخرى في شرق سوريا، ما أدى إلى إصابة أمريكي آخر.

وقالت القيادة المركزية للجيش في بيان، الجمعة، إن أحد الصواريخ أخطأ منشأة أمريكية تُسمى "جرين فيلد" بـ3 أميال، لكنه أدى إلى إصابة امرأتين وطفلين، وأضاف المسؤولون أنه حتى الآن لم ترد أمريكا على هذا الهجوم.