الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

لعبة عض الأصابع بين "ماكرون" والمتظاهرين.. وفرنسا في انتظار "الخميس العاصف"

  • مشاركة :
post-title
تظاهرات الفرنسيين احتجاجا على قانون التقاعد - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

وسط تعنت شديد من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والحكومة بقيادة إليزابيث بورن، رئيسة الوزراء، تجاه الرفض الشعبي لقانون إصلاح المعاشات التقاعدية، وتعمد عدم التراجع عن المشروع والمضي تجاه تمريره باستخدام المادة "49-3" من الدستور الفرنسي، التي تُتيح للحكومة إيجاز القوانين دون استفتاء الجمعية الوطنية، لم تجد النقابات العمالية مفرًا من استخدام سلاح الإضرابات؛ من أجل الإضرار بالنظام وإرجاعه عن مشروعه الذي يرفع سن التقاعد من 62 عامًا إلى 64 عامًا.

ويبدو أن تظاهرات اليوم "الخميس العاصف" تُؤرق النظام، إذ يُراقب المسؤولون الوضع عن كثب، بعد أن أفادت وزارة الداخلية الفرنسية بنشر 12 ألف ضابط شرطة خلال تظاهرات اليوم، منهم 5 آلاف في العاصمة باريس فقط؛ لأنهم يخشون العودة إلى أيام الفوضى التي شهدتها احتجاجات السترات الصفراء عام 2018، وفقًا لما أفادت به جريدة "لو فيجارو" الفرنسية.

كانت قد اندلعت احتجاجات متفرقة صغيرة الحجم ليلًا في وقت سابق بمدن العاصمة باريس؛ مما أدى إلى اعتقال أكثر من 800 شخص، بحسب ما صرح، جيرالد دارمانين، وزير الداخلية، خلال تصريح صحفي، أثناء زيارة قام بها إلى مركز للشرطة في باريس، وفقًا لصحيفة "لو موند".

في المُقابل تعهدت النقابات العمالية بمواصلة الضغط من خلال إضراب قوي على مستوى البلاد خلال اليوم "الخميس العاصف".

كلمة ماكرون أججت الأزمة

وقارن "ماكرون" هؤلاء المتظاهرين بأولئك الذين اقتحموا مبنى الكابيتول الأمريكي في عام 2021، خلال لقاء تليفزيوني، قائلًا: "عندما مرت الولايات المتحدة بما مرت به في الكابيتول هيل، عندما مرت البرازيل بما مرت به، عندما تعرضت ألمانيا لأعمال عنف شديدة، وفي هولندا أو في بعض الأحيان هنا، يجب أن نقول: نحن نحترم، نستمع.. لكن لا يمكننا قبول المتمردين والفصائل المنشقة ".

انتقد فيليب مارتينيز، زعيم نقابة الاتحاد العام للعمل، "ماكرون" لعدم سماعه للغضب المُعرب عنه في الشارع.

وقال "مارتينيز" في اجتماع نقابي وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية: "المقابلة غريبة".. ويظهر ازدراء الملايين من المتظاهرين.. "لم يكن هناك رد".

حذّر لوران بيرجر، الذي يقود نقابة الاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل، من أن موقف "ماكرون" يرقى إلى مستوى الاستفزاز.

ودعا "بيرجر" العمال إلى الخروج بأعداد كبيرة، في احتجاج اليوم الخميس للتعبير عن استيائهم.

إضرابات "الخميس العاصف"

تستمر الإضرابات في مواقع جمع القمامة ومصافي البترول وخدمات النقل العام، مع منع عمال الرصيف في مرسيليا الوصول إلى أكبر ميناء تجاري في فرنسا يوم الأربعاء، ومنع السيارات من الدخول.

ردًا على ذلك، بدأت الحكومة في مطالبة العمال بإزالة 100 ألف طن من القمامة في باريس وإعادة شحن البنزين في الجنوب.

وأشارت النقابات إلى أن إضراب الخميس العاصف، سيؤدي إلى إلغاء ما بين 25% و75%من الخدمات لكل خط على خطوط مترو الأنفاق في باريس.

وتُشير الشركة الوطنية للسكك الحديدية إلى إلغاء 50% من خدمات القطر السريع وسيتم إلغاء 60% من خدمات النقل الإقليمي السريع على مستوى البلاد؛ مما سينتج عنه تعطل القطارات بين المدن بشكل كبير.

في قطاع الطيران، دفع إضراب مراقبي الحركة الجوية السُلطات إلى مطالبة المسؤولين في مطار "باريس أورلي"، بتخفيض خدمات الرحلات الداخلية والخارجية بنسبة 30% وبنسبة 20% في المطارات الأخرى، بما في ذلك مطار مرسيليا، ومطار تولوز ومطار ليون سانت اكسوبيري.

يُؤثر الإضراب العالمي في مصافي النفط على إمدادات الوقود، على الرغم من أن السُلطات أمرت العمال في بعض المستودعات باستئناف العمل، إذ تُعاني بعض المحطات من نقص الوقود، خاصة في مرسيليا وجنوب فرنسا، ومن المُحتمل حدوث حالات نقص أكثر حدة في الأيام المقبلة.

بالإضافة إلى ذلك، أعلن جامعو القمامة تمديد إضرابهم حتى 27 مارس، مما يزيد الأزمة بسبب تراكم جبال القمامة في شوارع العاصمة السياحية باريس.

تظاهرات مستمرة واستنفار أمني

ولم تُظهر التظاهرات أي بوادر للتراجع، ولم تبد الحكومة أي مؤشر على استعدادها للتخلي عن مشروعها لإصلاح نظام التقاعد.

وبالتالي، من المُحتمل أن تستمر الاحتجاجات المخططة لها حتى نهاية شهر مارس على الأقل، فيما ستحافظ السُلطات على وجود أمني مُتزايد بالقرب من أي مظاهرات، وكذلك بالقرب من المباني الحكومية.

تضطر الحشود الكبيرة والتدابير الأمنية المرتبطة بها، إلى إغلاق الطرق وفرض قيود على الحركة؛ مما سيؤدي إلى اضطرابات حركة النقل داخل المدن المحلية.

الفرنسيون ضد القانون

وكان قد أظهر استطلاع سريع أجرته مؤسسة Harris Interactive أن نصف المستطلعين قالوا إن "مقابلة ماكرون" ستُؤجج الاحتجاجات، بينما قال 9٪ فقط إنها ستهدئها.

وقد أظهرت استطلاعات الرأي السابقة أن ثُلثي الفرنسيين يُعارضون رفع سن التقاعد، على الرغم من أن العمال في دول أوروبية أخرى يميلون إلى التقاعد لاحقًا ومعاشات تقاعدية أقل من تلك التي يتقاضاها المتقاعدون الفرنسيون.

تُخصص فرنسا 13٪ من ناتجها المحلي للمعاشات التقاعدية كل عام، مُقارنة بمتوسط ​​10.3٪ في الاتحاد الأوروبي، فيما تُشير البيانات إلى أن 330 مليار يورو تم إنفاقها العام الماضي على استحقاقات التقاعد، قد فاقت الإنفاق على التعليم بمقدار 54 مليار يورو و41 مليار يورو تم إنفاقها على الدفاع.