أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، اليوم الأربعاء، أن العراق ينفذ خطة صارمة لإدارة موارده من المياه، داعيًا لضرورة العمل مع دول الجوار من خلال اتفاقيات والتزامات لضمان بلاده "حصة عادلة" من المياه.
نزوح بمعدل خطير و40% مهدد بالتصحر
قال الرئيس العراقي خلال كلمته في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه، المنعقد في نيويورك، إن العراق يواجه أزمة مياه غير مسبوقة تفاقمت بسبب الآثار المعقدة لتغير المناخ، وسياسات المياه في الدول المجاورة، وأن تلك الأزمة تؤثر بالفعل على سبل العيش في العراق وتؤدي إلى تلاشي الوظائف، وتتسبب في النزوح بمعدل ينذر بالخطر.
وأشار رشيد إلى ما تشكله أزمة المياه من تهديدات كبيرة للأمن الغذائي والتنوع البيولوجي في العراق، محذرًا من أنه "دون تدخل فوري، سيشكل نقص المياه مخاطر كبيرة على نظام الأغذية الزراعية والنظام البيئي والاستقرار الاجتماعي في العراق".
وأضاف أن التصحر يهدد ما يقرب من أربعين بالمئة من العراق.
حلول مستدامة
ودعا الرئيس العراقي إلى الحاجة الماسة لإيجاد حلول مستدامة ومبتكرة على المستويات المحلية والوطنية والدولية لمعالجة أزمة المياه في بلاده، مناشدًا الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات جادة لتقليل آثار تغير المناخ وفرض التعاون في مجال المياه العابرة للحدود لضمان التوزيع العادل للمياه"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء العراقية (واع).
تأخر تنموي لعقود
وتحدث رشيد عن تأخر العراق عن المستويات الدولية للتنمية لعقود جراء اثني عشر عامًا من العقوبات الدولية على النظام السابق والصراعات المتتالية، كان لها جل الأثر في أن يتخلف العراق عن تطبيق الأساليب الحديثة لإدارة موارده المائية.
قال إنه بالإضافة إلى الآثار السلبية لتغير المناخ والانخفاض الكبير في تدفق المياه عبر الحدود ساهم الفشل في الاستفادة من التقنيات الحديثة، وتحسين مستوى أنظمة الري، وتحديث القطاع الزراعي في الوقت المناسب في تفاقم أزمة المياه الحالية بالعراق.
سياسات المياه في بلاد الجوار
وأكد الرئيس العراقي أن انخفاض تدفقات المياه العابرة للحدود في نهري دجلة والفرات بسبب سياسات المياه في البلدان المجاورة، أدى إلى حدوث أسوأ أزمة مياه في تاريخ العراق الحديث.
ويعتمد العراق بشكل أساسي على هذه الأنهار، وتؤثر سياسات المياه المتبعة في الدول المجاورة بشكل مباشر على سبل عيش ملايين العراقيين، ما يتسبب في الهجرة الجماعية وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
وقال رشيد إن سلوك الدول المجاورة (تركيا وسوريا وإيران) في خطط المياه التشغيلية الخاصة بها يحد من تدفق المياه العذبة، من خلال بناء سدود التخزين، ومشاريع الري، وتحويل الهياكل الهيدروليكية مع تجاهل النتائج المدمرة لانخفاض تدفق المياه في العراق وتدهور جودتها بما في ذلك الآثار السلبية لملوحة المياه.
ويبذل رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، جهودًا مع الجانب التركي، خلال زيارة يجريها لأنقرة تستهدف التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين، وبحث حلول مناسبة لأزمة نقص المياه في العراق.
مقترح العراق للأزمة
أشار الرئيس العراقي إلى الحاجة في المستقبل لتعاون أوسع مع السلطات المائية والسياسية في البلدان المجاورة للعراق، ولا سيما تركيا، داعيًا لتشكيل لجنة دائمة تضم خبراء تقنيين وقانونيين، وإبرام اتفاقيات إقليمية على مستوى الحوض، وضمان آلية إنفاذ عملية تحت رعاية الأمم المتحدة، بما في ذلك إجراءات التشغيل في الوقت المحدد والكمية لضمان وجود حصص مياه كافية وعادلة للجميع.
خطة صارمة
قال رشيد إن العراق ينفذ خطة صارمة لإدارة المياه لتوفيرها وتقليل المخلفات، بما في ذلك تحسين البنية التحتية وإدخال أنظمة الري الحديثة، وتحديث قطاع الزراعة، وإيلاء اهتمام جاد لإنشاء إطار قانوني مناسب فيما يتعلق بإدارة المياه والسيطرة على النفايات.
وأشار الرئيس العراقي إلى عزم حكومته الاستثمار في أنظمة ترشيح المياه ومعالجتها وتحسينها، كما تعمل على وضع خطط فعالة وقابلة للتنفيذ لإدارة موارد المياه وتقديم الخدمات من خلال التمويل المناسب وتحسين مشاركة القطاع الخاص.
وأضاف أن العراق سيستثمر، أيضًا، في برامج بحثية تركز على تأثير ندرة المياه فيما يتعلق بآثار الجفاف وتغير المناخ والتدفقات العابرة للحدود على كمية المياه ونوعيتها، وكذلك التأثير على المجتمعات الزراعية".
تابع: "ستركز سلطات المياه العراقية على إعادة تأهيل وبناء وتشغيل وصيانة محطات ضخ المياه في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى إعادة تأهيل أنظمة الري والصرف، باستخدام تقنيات أنظمة الري الحديثة لتحسين كفاءة استخدام المياه وتقليل الآثار السلبية لأزمة المياه".