دعا وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، اليوم الأربعاء، إثيوبيا إلي "تعميق السلام" في شمال البلاد الذي شهد حربًا دامية، فيما يعمل بحذر على إصلاح العلاقات التي تضررت بفعل النزاع.
ويجري الوزير الأمريكي أول زيارة له إلى حليفة واشنطن التاريخية منذ حرب تيجراي التي أودت بحياة 500 ألف شخص تقريبًا، بحسب التقديرات الأمريكية، ودفعت واشنطن للتخلي عن الأفضليات التجارية التي كانت ممنوحة لثاني أكبر بلد إفريقي بناء على عدد السكان.
وتأتي الزيارة في أعقاب إعادة صياغة الولايات المتحدة سياستها الشاملة في إفريقيا، إذ تعتزم مواجهة الوجود الروسي والصيني بأن تصبح "الشريك المفضل" لإفريقيا، وتطوير أساليب غير عسكرية ضد الإرهاب.
وقال "إنها لحظة مهمة للغاية، لحظة أمل نظرًا للسلام الذي استتب في الشمال"، وأضاف "يتوجّب القيام بالكثير. الأهم على الأرجح هو تعميق السلام الذي يترسخ في الشمال".
بدوره، قال وزير الخارجية الإثيوبي ديميكي ميكونين لدى استقباله بلينكن "تربطنا علاقات تاريخية وحان الوقت لإنعاشها والدفع بها قدمًا".
واجتمع بلينكن مع وزير الخارجية الإثيوبي ديميكي، قبل اجتماعه مع رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد، حيث عقد مباحثات ثنائية بين الطرفين، كان على رأس الملفات التي تم مناقشتها وفق بيان الخارجية الأمريكية، قضية إقليم تجراي، حيث أكد بلينكن على اهتمام الإدارة الأمريكية لتقديم المساعدة لترسيخ السلام في شمال إثيوبيا.
حرب تيجراي
واندلعت أعمال العنف عندما اتهمت الحكومة حركة تحرير شعب تيجراي التي هيمنت في الماضي على الحياة السياسية في إثيوبيا بمهاجمة منشآت عسكرية، ما دفع حكومة أبي أحمد لإطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق تمّت بدعم من إريتريا المجاورة.
واقتربت حركة تحرير شعب تيجراي في مرحلة ما من الوصول إلى العاصمة لكن سرعان ما تصدت لها القوات الموالية لأبي أحمد لتوافق على نزع سلاحها بموجب اتفاق تم التوصل إليه في 2 نوفمبر تفاوض عليه الاتحاد الإفريقي في جنوب إفريقيا وبمشاركة الولايات المتحدة.
وتأمل إثيوبيا بشكل أساسي استئناف العمل بقانون النمو والفرص الإفريقية الذي أتاح لمعظم منتجاتها إمكانية الوصول بدون رسوم جمركية إلى أكبر قوة اقتصادية في العالم، لكن الولايات المتحدة لم تقدّم أي التزامات في هذا الصدد.
وتعهّد أبي أحمد بإعادة الخدمات الأساسية إلى تيجراي، لكن يعد تقييم الوضع ميدانيًا أمرًا مستحيلًا نظرًا للقيود المفروضة على وصول الإعلاميين إلى الإقليم.
اعتُبرت حرب تيجراي من بين النزاعات الأكثر دموية في القرن الحادي والعشرين مع تحدّث الولايات المتحدة عن حصيلة ضحايا أعلى من تلك الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي تركّزت عليه الأضواء دوليًا بشكل أكبر بكثير.
نفوذ روسيا والصين
وتتحرك موسكو لتوسيع نفوذها دبلوماسيًا في بلدان إفريقية بينها إثيوبيا، على أمل بقاء القارة محايدة وعدم انضمامها للعقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
وتأتي جهود روسيا بعد سنوات من تغلغل الصين في إفريقيا، علمًا أن بكين تقيم علاقات مع زعماء القارة لا تتأثر بالضغوط الغربية المرتبطة بملفات حقوق الإنسان.
وبعد فترة قصيرة من زيارة بلينكن الثالثة إلى إفريقيا جنوب الصحراء، ستتوجه نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس إلى غانا وتنزانيا وزامبيا، وهي ثلاث دول تعد ملتزمة بتحقيق تقدّم على صعيد الديمقراطية.