تعتزم أستراليا شراء 5 غواصات تعمل بالطاقة النووية من طراز فرجينيا من الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرت شبكة "سي. إن. إن" الأمريكية، نقلًا عن مصادر مطلعة، إن صفقة الغواصات الأمريكية المزمعة لأستراليا، جزء من شراكة دفاعية ناشئة يُنظر إليها على نطاق واسع، على أنها محاولة لمواجهة الطموحات العسكرية الصينية في المحيط الهادئ "الباسيفيك".
وتؤكد كانبيرا أنها ستحصل على الغواصات في إطار انضمامها إلى تحالف "أوكوس" الذي يضم أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، ويهدف إلى تقاسم تقنيات عسكرية والتقدم في مجالات أخرى.
تزويد أستراليا بالغواصات في أقرب وقت
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إن شراكة تحالف أوكوس تهدف إلى تزويد أستراليا بقدرات غواصات ذات دفع نووي وتسلح تقليدي في أقرب وقت ممكن.
وأضاف المسؤول أن "تعزيز ردعنا يعني تحفيز كل قواعدنا الصناعية وزيادة قدراتنا الجماعية وتقاسم التكنولوجيا كما لم يحدث من قبل".
ونقلت شبكة "بلومبرج" الإخبارية الأمريكية، اليوم الخميس، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن من المقرر أن يعلن تفاصيل صفقة الغواصات النووية مع كل من رئيسي وزراء أستراليا وبريطانيا، الاثنين المقبل.
ويتوجه بايدن ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، ورئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز إلى مدينة سان دييجو في كاليفورنيا، للكشف عن تفاصيل صفقة الغواصات في قاعدة بحرية أمريكية على الأرجح.
وتعتبر الصفقة جزءًا من اتفاقية "أوكوس"، التي تم إطلاقها عام 2021 لمواجهة القوة العسكرية الصينية في المحيطين الهندي والهادئ، ومن المتوقع أن يعلن الحلفاء الثلاثة عن تصميمهم الأفضل لتجديد أسطول أستراليا القديم من فئة "كولينز".
لكن وفق "سي. إن. إن"، من غير المحتمل تسليم الغواصات حتى سنوات، وربما يتم في ثلاثينيات القرن الحالي، لكن الإعلان المتوقع سيكون بمثابة دليل على التقدم الذي أحرزته تحالف "أوكوس"، الذي يضم أستراليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
ونقلت وكالة "رويترز" عن أربعة مسؤولين أمريكيين، أمس الأربعاء، أوضحوا أنه من المتوقع أن تفعل أستراليا صفقة شراء 5 غواصات نووية أمريكية من طراز فيرجينيا، خلال العقد المقبل.
قدرات الغواصة فرجينيا
وتعتبر الغواصة "فرجينيا" أحدث غواصة هجومية سريعة في البحرية الأمريكية، وتهدف إلى استبدال الأسطول القديم من الغواصات من فئة لوس أنجلوس. ويمكن لغواصات الهجوم السريع استخدام عدد من الأسلحة المختلفة، بما في ذلك الطوربيدات وصواريخ كروز. كما يمكن للغواصات أيضا حمل قوات عمليات خاصة وتنفيذ مهام استخباراتية واستطلاعية.
ونقلت "سى. إن. إن" عن المصادر إنه من المتوقع أيضًا أن تعمل أستراليا مع المملكة المتحدة على تطوير فئة جديدة من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، والتي يمكن أن تشمل أجزاء أمريكية، حيث تمضي الدول الثلاث قدمًا في الشراكة الدفاعية" أوكوس".
وبعد الإعلان عن شراكة "أوكوس" في عام 2021، عمل مسؤولون من الدول الثلاث من خلال خطط لتزويد أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية، بما في ذلك القضايا القانونية في نقل التكنولوجيا السرية، وكيفية تدريب البحارة الأستراليين على الغواصات.
تحالف أوكوس يستهدف النفوذ الصيني في الباسيفيك
وتهدف الشراكة الثلاثية إلى أن تكون وسيلة لزيادة الأمن في منطقة المحيط الهادئ وسط تصاعد التوترات مع الصين.
وستمنح الغواصات الجديدة أستراليا القدرة العالية على التحرك بشكل أسرع وأبعد، وعلى التخفي تحت المياه، كما تمكّنها من منع القوة البحرية الصينية من الانتشار بالقرب من سواحلها. وستمنحها القدرة على الوصول السريع والمفاجئ للشواطئ الصينية.
وتقول يون صون- خبيرة شؤون شرق آسيا بمعهد "ستميبسون" في واشنطن- إنه "بالنظر إلى عملية تحديث وتسليح الجيش الصيني، وتبعات ذلك الإقليمية خاصة على أستراليا؛ فإن تحرك تحالف أوكوس الثلاثي ما هو إلا محاولة للحاق بالتحديات التي تمثلها قوة الصين العسكرية الصاعدة والتعامل معها".
وسبق أن أعربت الصين عن معارضتها الشديدة لهذا المشروع الذي تعتبره "خطيرًا" ويهدف إلى محاصرتها، خصوصًا أنه من الصعب رصد الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، ويمكنها السفر لمسافات طويلة لفترات طويلة ويمكن تحميلها بصواريخ كروز متطورة.
رهانات بكين لفشل الصفقة
وتراقب الصين عن كثب مجريات الأمور، وسط قلق لم تخفه من التطورات التي تشهدها العلاقات بين الولايات المتحدة وأستراليا. وعولت بكين لفترة ما على الأزمة التي فجرتها صفقة الغواصات بين أستراليا وفرنسا، بعد أن ألغى رئيس الوزراء الأسترالي آنذاك سكوت موريسون في عام 2021، عقدًا لبناء غواصات تعمل بالديزل بقيمة 90 مليار دولار أسترالي (58 مليار دولار أمريكي) مع باريس لصالح الصفقة مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لبناء سفن تعمل بالطاقة النووية.
لكن سرعان ما فشل الرهان الصيني، إذ نجحت الجهود الأمريكية التي قادها الرئيس جو بايدن، واتصالاته مع نظيره الفرنسي في هذا الشأن، في تبديد الأزمة بين كانبيرا وباريس.
ومع ذلك، لا تزال بكين تعول على الجدل المتفجر في الداخل الأمريكي على خلفية صفقة الغواصات الأمريكية لأستراليا. فقد حذر رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي، الديمقراطي جاك ريد، في ديسمبر الماضي، الرئيس جو بايدن من أن بيع الغواصات لأستراليا يمكن أن يقوض فاعلية البحرية الأمريكية.
وفي رسالة إلى بايدن، جرى تسريبها لإعلام محلي، كتب ريد يقول إن اتفاقية "أوكوس" يمكن أن "تدفع القاعدة الصناعية للغواصات الأمريكية إلى نقطة الانهيار".
لكن يبدو أن الإدارة الأمريكية تصر على المضي قدمًا في إتمام صفقة الغواصات لكانبيرا، ومحاصرة النفوذ الصيني في المحيط الهادئ. ويرى ماثيو كروينيج- الخبير العسكري في المجلس الأطلسي والمسؤول السابق بالبنتاجون ووكالة المخابرات المركزية- أنه يتعين ردع الصين.
ويقول كروينيج: "إن الغواصات الهجومية التي نساعد أستراليا على بنائها مصممة خصيصا لتدمير السفن الحربية المعادية، وهذه هي بالضبط القدرات التي نحتاجها في المحيطين الهندي والهادئ لدعم الحلفاء وردع الصين".