وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، منذ توليه السلطة الاهتمام بتنمية جميع ربوع مصر، فمنذ عام 2014 وجد سكان الوجه القبلي، اهتمامًا مباشرًا وغير مسبوق من قِبل الحكومة ومؤسسات التنمية الرسمية وغير الرسمية، من خلال إقامة العديد من المشروعات الكبرى والعملاقة التي تخدم المواطن المصري، علاوة على مبادرة حياة كريمة التي توجه جهودًا ضخمة لقرى صعيد مصر.
وحرص الرئيس السيسي، خلال زياراته المتكررة إلى محافظات صعيد مصر، على افتتاح مشروعات تنموية جديدة، موزعة بطريقة جغرافية تساعد على الاستقرار المجتمعي في هذه المناطق، من خلال إطلاق استراتيجية التنمية المستدامة "مصر 2030" التي تنقسم إلى 12 محورًا رئيسيًا تشمل: التعليم والابتكار والمعرفة والبحث العلمي والعدالة الاجتماعية والشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية والتنمية الاقتصادية والتنمية العمرانية والطاقة والثقافة والبيئة والسياسة الداخلية والأمن القومي والسياسة الخارجية والصحة، لذلك فما يتم تحقيقه من إنجازات تنموية داخل صعيد مصر، ما هو إلا انعكاس للاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة: رؤية مصر 2030.
وانطلاقًا مما سبق، فإن هذا التحليل سيحاول الإجابة عن عدة تساؤلات في غاية الأهمية، مفادها؛ ما أهم المشروعات التي تم تنفيذها في صعيد مصر.. وما حجم الإنفاق بتلك المشروعات؟.. وفي النهاية ما الانعكاسات المتحققة عن تلك المشروعات؟
أهم المشروعات.. ومعدلات الإنفاق:
تقوم مشروعات تنمية محافظات صعيد مصر من خلال 3 محاور، تتمثل فيما يلي: "مشروعات تطوير المدن القائمة بمحافظات الصعيد؛ وذلك بتكلفة 45.7 مليار جنيه، ومشروعات المدن الجديدة؛ بتكلفة 26 مليار جنيه، ومشروعات مدن الجيل الرابع؛ بتكلفة 11.2 مليار جنيه"، ليس هذا فحسب فقد شهد الصعيد اهتمامًا كبيرًا من القيادة السياسية، التي يمكن تناول أبرز مؤشراته فيما يلي:
(*) مشروعات متنوعة: يأتي صعيد مصر على قمة أولويات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورؤية الحكومة؛ بهدف تحسين مستوى معيشة المواطن، فقد قاد الرئيس السيسي جهود تنمية الصعيد خلال السنوات الماضية، فى إطار خطة الدولة لتحقيق التنمية فى جميع ربوع الجمهورية، لا سيما تحقيق التنمية الشاملة المأمولة بمحافظات الوجه القبلي، حيث تم تنفيذ مشروعات تنموية بالاشتراك مع جميع أجهزة الدولة وبتوجيهات من السيد الرئيس السيسي، بلغت تقريبًا نحو 4000 مشروع، ما بين بنية أساسية، وطرق ومحاور على النيل، ومحطات تنقية المياه، ومحطات الصرف الصحي، والكهرباء والغاز والاتصالات ومصانع إنتاج السلع الاستراتيجية، ويمكن رصد أبرز جهود تنمية إقليم الصعيد، كما يلي:
(-) قطاع النقل والمواصلات، تم إنشاء وتطوير 6600 كم من الطرق وإنفاق 32 مليار جنيه فى تطوير منظومة السكة الحديد، وتم أيضًا تنفيذ 365 كوبري ونفقًا.
(-) قطاع الإسكان، تنفيذ 14 مدينة جديدة و188 ألف وحدة سكنية، كما تم إنهاء جميع المناطق غير الآمنة، كما تم تنفيذ 121 مشروعًا لمياه الشرب و224 مشروعًا لخدمات الصرف الصحي.
(-) قطاع الكهرباء والطاقة، تمت إضافة نحو 8.8 ألف ميجاوات من الطاقة الكهربائية، وتنفيذ مشروع بنبان فى محافظة أسوان وهو واحد من أكبر مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة على مستوى العالم
(-) قطاع البترول والغاز، تم توصيل الغاز الطبيعي إلى نحو 1.1 مليون وحدة سكني، وتنفيذ مشروعات لتنمية حقول البترول والتكرير والتصنيع وتوصيل الغاز الطبيعي.
(-) قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إنشاء وتطوير البنية التحتية المعلوماتية التكنولوجية بصعيد مصر لرقمنة الخدمات الحكومية، وتم تنفيذ 97 مشروعًا لتطوير مكاتب البريد و40 مشروعًا لتطوير ورقمنة الشهر العقاري و89 مشروعًا لتطوير ورقمنة المحاكم والنيابات.
(-) قطاع الصناعة، تم وجارٍ تنفيذ 10 مجمعات صناعية بإجمالي 2628 وحدة صناعية توفر 26 ألف فرصة عمل.
(-) قطاع التعليم، تم إنشاء 7 جامعات جديدة، بالإضافة إلى إنشاء 105 كليات ومعاهد، كما تم إنشاء وتطوير 34 ألف فصل، وتم إنشاء 2320 مدرسة جديدة، و219 مدرسة تعليم فني، بالإضافة إلى مدارس المتفوقين والمدارس اليابانية في أسيوط الجديدة والمنيا الجديدة، وقد تم محو أمية 1.5 مليون مواطن.
(-) قطاع الصحة، تم إنشاء وتطوير المستشفيات من خلال 63 مشروعًا، منها إنشاء وتطوير 27 مستشفى، و23 مشروعًا بالمستشفيات الجامعية، ورفع كفاءة 13 مستشفى، وقد قدمت نحو 1457 قافلة طبية خدماتها لنحو 1.9 مليون مواطن، بالإضافة إلى إنشاء المركز الإقليمي لمشتقات البلازما بالمنيا.
(*) حياة كريمة.. المشروع الأضخم: تعد المبادرة الرئاسية حياة كريمة، من أهم المشروعات التي أطلقتها الدولة المصرية، إذ حظيت محافظات الصعيد، بنصيب الأسد من المشروع القومي، فقد أكد اللواء شريف صالح، رئيس هيئة تنمية الصعيد، أن هناك 902 قرية في الصعيد جارٍ الانتهاء من تنفيذ مشروعات حياة كريمة بها، إذ إن محافظات الصعيد قد استحوذت على نسبة 65% من مراكز المرحلة الأولى كانت من نصيب الصعيد بنحو 52 مركز، و63% من إجمالي عدد قرى المرحلة الأولى بنحو 1477 قرية، ليصل عدد المستفيدين إلى 10.3 مليون مواطن من إجمالي 18 مليون بالمرحلة الأولى، وتم اعتماد تنفيذ 8100 مشروع في الصعيد بتكلفة 180 مليار جنيه من 270 مليار جنيه هي التكلفة الكلية للمبادرة في المرحلة الأولى، ليكون صعيد مصر هو الأكثر استهدافًا من أجل حياة كريمة.
(*) معدلات إنفاق ضخمة: تم رصد مليارات الجنيهات لتغيير واقع الصعيد وزيادة الفرص التنموية والاستثمارية به، فثمة معدلات إنفاق ضخمة على مشروعات تنمية الصعيد، فقد أكد اللواء شريف صالح، رئيس هيئة تنمية الصعيد، أن الدولة أنفقت أكثر من 1.0 تريليون جنيه على مشروعات التنمية، خلال الفترة (يونيو 2014- يونيو 2022)، أي ما يعادل قيمة ما تم إنفاقه على مدار 30 عامًا، فيما أكد رئيس الوزراء المصري، في ديسمبر 2021 أنه تم ضخ استثمارات في مشروعات تم تنفيذها أو ما زالت قيد التنفيذ بما يقدر 1.1 تريليون جنيه مصري، تم تنفيذ مشاريع بما يقدر ب 754 مليار جنيه، أي ما يعادل 69% من إجمالي الاستثمارات تم تنفيذها بالفعل، هذا وقد وجهت الحكومة خلال العام المالي الحالي 2022/2023، نحو 8.2 مليار جنيه لتنمية إقليم وسط الصعيد من أجل تنفيذ مشروعات حيوية، وقد استحوذت محافظة أسيوط على النصيب الأكبر بنسبة (64%) وبقيمة تبلغ 5.3 مليار جنيه، تليها محافظة الوادي الجديد بنسبة 36%.
(*) أسبوع رئاسي للصعيد: لأول مرة شهد صعيد مصر خلال الفترة (22 - 28) ديسمبر 2021، تخصيص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أسبوعًا كاملًا من الافتتاحات المتتالية للمشروعات التنموية العملاقة في كافة القطاعات، التي من شأنها أن تحسن كثيرًا مستوى معيشة المواطنين في الجنوب ووضعهم في بؤرة اهتمام الدولة.
انعكاسات شاملة:
تمخض عن المشروعات القومية التي قد نفذتها أو لا تزال تنفذها الحكومة المصرية في صعيد مصر، العديد من الانعكاسات، يتمثل أبرزها فيما يلي:
(&) تحسين مستوى معيشة المواطن: أكد اللواء شريف صالح، رئيس هيئة تنمية الصعيد، أن المشروعات التنموية في صعيد مصر تستهدف تحقق حياة كريمة للمواطنين، هذا ويتحقق ذلك من خلال توفير آلاف من فرص العمل وفتح العديد من المشروعات أمام المستثمرين لزيادة استثماراتهم وزيادة الدعم للقطاع الخاص، بالإضافة لفرص جذب السياحة، فقد شارك في تنفيذ مشروعات طرق الصعيد فقط 125 شركة منها 122 شركة قطاع خاص يعمل بها ما يزيد على 80 ألف موظف وعامل، الأمر الذي انعكس على تشغيل الشباب، وبالتالي خفض معدلات نسب البطالة، ما أدى لتراجع معدل الفقر بريف الوجه القبلي فى 2019/2020 بـ3.79 نقاط مئوية مقارنة بـ 2017/2018.
(&) تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين: إن المشروعات القومية التي نفذتها الحكومة في صعيد مصر، غيرت واقع الصعيد وحسّنت الخدمات المقدمة للمواطنين، فقد وصلت نسبة التغطية الحالية لمياه الشرب إلى 98% مقارنة بنحو 85% فى 2014، ونسبة التغطية الحالية لخدمات الصرف الصحي 33% مقارنة بـ 22% عام 2014
(&) تعزيز ملف حقوق الإنسان: تمخض عن تحسين مستويات المعيشة والخدمات بصعيد مصر، والناجم عن مشروعات تنمية الصعيد تحسن مؤشرات ملف حقوق الإنسان في مصر، فقد أكد النائب محمد سلطان، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن تنمية الصعيد ورفع التهميش عنها يمثل أعلى مراتب حقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن حق الإنسان في توفير حياة كريمة من مسكن مناسب وخدمة طبية وعلاجية ومنظومة طرق وشبكة نقل وفرصة عمل وتعليم وطرق ممهدة، يندرج تحت ملف حقوق الإنسان، وهو ما تهدف إليه مشروعات تنمية الصعيد.
(&) تقليل الهجرة الداخلية للعاصمة: تمخض عن تلك المشروعات تحقيق هدف مهم يتمثل في التقليل من الهجرة إلى القاهرة، فقد قال الخبير الاقتصادي، سيد خضر، إن الهدف الاستراتيجي فى زيادة حجم الاستثمارات فى الصعيد من أجل زيادة فرص الاستثمار واستقطاب العديد من فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة والخدمات وكذلك تقليل الهجرة من الصعيد إلى القاهرة المتمثل في تحسين نوعية الحياة للمواطنين في صعيد مصر.
(&) تخفيف وطأة الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية: تسعى الدولة المصرية إلى تحسين بيئة الأعمال في صعيد مصر، وتكثيف الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، وتحفيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام الذي يحركه القطاع الخاص كشريك فعال وتعمل على تحقيق التنمية، مع التوسع أيضًا في برامج الحماية الاجتماعية للتخفيف من تأثير تدابير الإصلاح الاقتصادي فى صعيد مصر، وبالتالي مدى انعكاس تلك المشروعات القومية على صعيد مصر فى تحقيق التنمية المستدامة والصناعية والسياحية والاجتماعية خلال الفترة المقبلة وتوفير حياة كريمة لأهالي الصعيد بشكل كبير، هذا وقد أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، على أن مشروعات الحماية الاجتماعية قد أسهمت في تقليل آثار تداعيات الأزمة الأوكرانية على المواطنين.
(&) زيادة معدلات الاستثمارات: نتج عن كل هذه المشروعات التي تم تنفيذها في صعيد مصر، زيادة معدلات الاستثمارات العامة والخاصة بنسبة 500%، 55% لكل منهما على التوالي، وذلك خلال الفترة (يونيو 2014- يونيو 2022) فقط.
(&) إشادات دولية: ففي خطاب أرسلته مارينا ويس، المدير القطري لمصر واليمن وجيبوتي بالبنك الدولي، إلى عدد من الوزراء بالحكومة من أعضاء لجنة تسيير برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر؛ الذي يتم بالتعاون بين الحكومة المصرية والبنك الدولي، أشادت مسئولة البنك الدولي بالتقدم الكبير الذي حدث في صعيد مصر، مؤكدة أن برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر، الذى يتم تنفيذه فى محافظتي سوهاج وقنا يسير على الطريق الصحيح وبشكل مرض لتحقيقه معظم أهداف التنمية المستدامة، فيما رأت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن مصر اتخذت العديد من الإجراءات لدعم أنشطة ريادة الأعمال في التعليم الثانوي في الصعيد، بما يتماشى مع رؤية الدولة 2030 لاقتصاد قائم على المعرفة.
وختاماً، فإنه من المؤكد أن تستمر الدولة المصرية في تنفيذ المشروعات القومية في صعيد مصر، لما له من انعكاسات وتداعيات ليس فقط اجتماعية، بل اقتصادية وتنموية وأمنية، لا سيما وسط الإشادات الدولية لجهود مصر في تنمية الصعيد، الأمر الذي يعتبر شهادة ثقة عالمية، من المؤسسات الدولية وبيوت الخبرة العالمية بتحسن أوضاع مصر فيما يخص مؤشرات التنمية الشاملة وتحسين حقوق الإنسان، فقد وضعت مصر استراتيجية التنمية المستدامة لتعزيز رؤية مصر 2030 من خلال التنفيذ الناجح لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الوطني.