تتجه أغلب البنوك المركزية للدول الكبرى نحو رفع سعر الفائدة بالتوالي عدة مرات، في مساعٍ منها لكبح جماح التضخم، الذي يلتهم اقتصاديات البلدان، مع ارتفاع وتيرة الضغوط السياسية، ما بين النزاع الروسي الأوكراني وتوجه الصين نحو الإغلاق.
منذ عشرة أشهر، مع بدء الحرب الروسية الأوكرانية والعالم يواجه أزمة اقتصادية طاحنة، لأن الدولتين المتنازعتين إحداهما يملك الغاز الطبيعي الذي يتم تصديره للأسواق الأوروبية والثانية من أكبر مصدري الغذاء "الحبوب".
مع قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس للمرة الرابعة على التوالي بهذه النسبة، والسادسة منذ شهر مارس الماضي، اتجهت أغلبية البنوك المركزية الخليجية لرفع أسعار الفائدة بنفس النسبة تباعًا ومنها "السعودية والإمارات والبحرين وقطر والأردن".
وأعلنت الكويت استقرار وضعها المالي، وعدم الاحتياج لرفع سعر الفائدة، رفع الفائدة أوروبيًا بنك إنجلترا للمرة الثامنة.
وجدير بالذكر أن معظم العملات الخليجية ترتبط بالدولار، وهو ما يجعل البنوك المركزية تتبع السياسيات النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى حد كبير.
قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم بأول، أن الصورة الحالية تحمل "قدراً كبيراً من الضبابية"، تحول دون حسم موقف التشديد النقدي حتى على المستوى قصير الأجل، خلال مؤتمر صحفي أعقب قرار "الفيدرالي".
واستبعد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، أن يتوقف البنك قريباً عن رفع أسعار الفائدة، وتوقع أن يكون "المستوى الأقصى" لسعر الفائدة للمجلس أعلى مما كان يُتوقَّع في السابق.
"الدولار" يقود الخليج لمواكبة الفيدرالي
قالت رئيس صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إن البنوك المركزية يجب أن تستمر في رفع الفائدة لمواجهة التضخم؛ حتى يصل إلى مستوى محايد للفائدة لا يدفع أو يعطل النمو الاقتصادي، وأن معظم حالات رفع الفائدة حول العالم لم تبلغ هذا المستوى بعد، بحسب وكالة "رويترز".
وفي سبتمبر الماضي، رفعت أغلب البنوك الخليجية معدلات الفائدة في أعقاب زيادة البنك الفيدرالي، بنحو 75 نقطة أساس باستثناء البنك المركزي الكويتي الذي قرر حينها الزيادة بواقع ربع نقطة مئوية فقط، نظرا لربط عملته بسلة من العملات من بينها الدولار، على عكس بعض الدول الخليجية التي تربط عملتها بصورة كاملة بالدولار الأمريكي.
وبعد مرور 7 أيام، من قرار البنك المركزي الأوروبي، برفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، مما رفع سعر الفائدة الرئيسي في 19 دولة تشارك اليورو إلى 1.5في المئة عند أعلى مستوى منذ عام 2008، ما زالت الأسواق الأوروبية تترقب تراجع التضخم عن 10.9 بالمئة.
ويمثل ارتفاع معدل التضخم بالدول زيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية الموجهة للمواطنين، مثل الأطعمة والوقود والكهرباء والنقل والملابس، ما يؤدي بدوره إلى رفع تكلفة المعيشة.
بورصات العالم وسط ضغوط سعر الفائدة
تداعيات رفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بدأت بهبوط أسواق المال العالمية، وسط مخاوف من تباطؤ الاقتصادات الكبرى، مع استمرار تشديد السياسة النقدية من قبل البنوك المركزية للحد من التضخم.
حيث أغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة وول ستريت الأمريكية على تراجع أمس، انخفض مؤشر داو جونز الصناعي القياسي بمقدار 0.5 بالمئة، وخسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا 1.1 في المئة، وناسداك المجمع لأسهم التكنولوجيا هبط 1.7 بالمئة.
وهبطت غالبية مؤشرات الأسهم الأوروبية في ختام تداولات الخميس الماضي، بعد قرار رفع سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وكذلك بنك إنجلترا.
وتراجعت بورصات الخليج، بنهاية جلسات الأسبوع، على رأسها المؤشر العام لبورصة قطر، بنسبة 0.98 بالمئة خاسرًا، ثم المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية "تاسي 0.79 في المئة.
وانخفض المؤشر العام لبورصة البحرين، بنسبة 0.02 بالمئة، وتراجع المؤشر العام لسوق دبي المالي، بـ 0.56 في المئة، كما تراجعت مؤشرات بورصة الكويت متأثرة بقرار الفيدرالي على الرغم من عدم مواكبته، إذ هبط مؤشر السوق العام بنسبة 0.22بالمئة.
لا يقتصر تأثير الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على البنوك المركزية في العالم، والبورصات بل أثر سلبا على أسعار السلع والمعادن كالذهب والفضة والنفط.