لا تزال معاهدة "نيو ستارت" مثار جدل بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وسط مخاوف من سباق التسلح النووي الدائر بين القوى العظمى، وبدأت الاوساط السياسية تتخذ من المعاهدة مادة للنقد تارة وتأييد تارة أخرى، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليق العمل بالمعاهدة وليس الخروج منها ردًا على ما يسميه انتهاكات وتدخلات أمريكية وغربية لتعقيد الأزمة الأوكرانية وتمديد أمد الحرب الدائرة بها.
وبين آراء مختلفة حول القرار الروسي الأخير.. هل تصبح المعاهدة وسيلة ضغط على الدول الغربية أم عودة لسباق التسلح النووي؟
ما هي معاهدة نيو ستارت؟
هي معاهدة لتخفيض الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الروسي، ووُقعت في أبريل 2010 ودخلت حيز التنفيذ في فبراير 2011، أحد بنودها خفض الحد الأقصي للرؤوس الهجومية بـ30 %، وآليات الإطلاق الاستراتيجية بـ50%، والحد من الترسانات النووية إلى 1550 رأسًا نوويًا و800 آلية إطلاق استراتيجية، ومنح الولايات المتحدة وروسيا الحق في عمليات تفتيش منسقة، بالإضافة إلى السماح بـ18 عملية تفتيش سنويًا لمنشآت الأسلحة الهجومية وأماكن الصواريخ، وبدء سريان قرار تمديد المعاهدة 5 سنوات تنتهي في فبراير 2026.
خبراء في الشأن الدولي، أكدوا لقناة "القاهرة الإخبارية" مع الإعلامي همام مجاهد، أنَّ تعليق روسيا مشاركتها في معاهدة "ستارت" مجرد وسيلة ضغط على الدول الغربية للخضوع للمعاهدة، فيما أوضح آخر أن روسيا تنتهك القانون الدولى بشكل صريح وتعزل نفسها وتتسبب في الكثير من القلق.
روسيا تعزل نفسها
قال ألكسندر ستاب، رئيس وزراء فنلندا السابق، إنَّ تعليق إجراءات مشاركة موسكو في معاهدة الأسلحة الاستراتيجية الهجومية "نيو ستارت" لن تؤثر على دول شرق أوروبا.
وأضاف "ستاب" لـ"القاهرة الإخبارية"، أنَّ موسكو تنتهك القانون الدولي بشكل صريح وتعزل نفسها وتتسبب في الكثير من القلق، وأوضح أن "روسيا" من أكبر الدول النووية في العالم لكن ليس لها تأثير على فنلندا أو دول شرق أوروبا.
وانتقد "ستاب" روسيا لانتهاكها ميثاق الأمم المتحدة وعدد من الاتفاقيات الأخرى بشأن السيادة الدولية لبعض البلاد، بعدما هاجمت دولة دون سبب واضح، وذكر رئيس وزراء فنلندا السابق، أنَّ هناك 44 دولة بجانب الولايات المتحدة الأمريكية تدعم أوكرانيا بكل قوة من أجل تحرير أراضيها.
وعن طلب انضمام فنلندا لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، توقع انضمام بلاده مع السويد لحلف (الناتو) بحلول شهر يوليو المقبل أثناء عقد قمة الحلف، لافتًا إلى أن فنلندا والسويد إحدى دعائم الأمن لحلف شمال الأطلسي، خصوصًا أن فنلندا لديها العديد من القدرات يمكن استخدامها في الحروب.
وتابع: "نحن على قناعة تامة بالمادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو، ففي خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن بالأمس أكد أن العداء ضد دولة يعتبر عداءً ضد كل الدول الأعضاء بالناتو، ونرى أن عضوية السويد في الناتو ستدعم الموقف الأمني في منطقة بحر البلطيق في شرق أوروبا وشمال شرق أوروبا".
وسيلة ضغط على الغرب
وفي تقدير خبير الشؤون الروسية، الدكتور آسف ملحم، فإن تعليق روسيا مشاركتها في معاهدة "نيو ستارت" يعد وسيلة ضغط سياسية على الدول الغربية.
ويرى "ملحم" أنَّ الاتفاقية تتضمن عددًا من الرؤوس النووية ومنصاتها، خصوصًا أنها تخضع للمراقبة بين الطرفين سواء عبر تبادل المعلومات أو عن طريق الفضاء أو المراقبة، كما أن تعليق موسكو المشاركة يُسهم في منع استقبال وفود المراقبة للمنشآت النووية الروسية.
وأوضح أنَّه إذا فكر الغرب في إجراء اختبارات نووية فإن روسيا سترد بالمثل، ما يهدد بخروج "موسكو" من الاتفاقية ويدفعها لوضع شروط جديدة لأنها تواجه حلف شمال الأطلسي (الناتو)، متوقعًا أن تخضع المنشآت النووية الفرنسية والبريطانية لهذه الاتفاقية.